في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانت منها اليونان خلال السنوات الماضية، أسفرت سياسات التقشف التي فرضتها الحكومات السابقة ضمن برنامج المساعدات الأوروبي عن عواقب اجتماعية وخيمة، حيث تفاقمت جميع المؤشرات الاجتماعية مثل معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة.
وقد أظهرت بيانات هيئة الإحصاء اليونانية في منتصف عام 2014 ، ارتفاع نسبة البطالة إلى 26,4٪ وهو ما يعادل أكثر من مليون وربع المليون عاطلا عن العمل في السوق اليونانية ، كما ارتفعت نسبة الفقر إلى 23,1٪ من السكان ، حيث أظهرت البيانات المتوفرة زيادة الأسر غير القادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية من الغذاء والمأوى والطاقة، وفقاً لمعايير ميثاق الحقوق الأساسية لمواطني الاتحاد الأوروبي.
وقد التزمت الحكومة اليونانية الحالية أن تواجه أثار هذه الكارثة الاجتماعية الكبيرة ، ومن هذا المنطلق ولأسباب عملية ورمزية ، كان أول مشروع قانون تتقدم به الحكومة للمناقشة في مجلس النواب هو مشروع قانون يتضمن اجراءات مواجهة الأزمة الانسانية.
ويعتبر هذا القانون هو الخطوة الأولى التي تتخذتها حكومة “سيريزا” لمعالجة الأزمة الإنسانية وتخفيف وطأتها على المواطنين الذين يعانون من الفقر المدقع، بهدف زيادة فرص العمل وإعادة التماسك الاجتماعي بقدر المستطاع ، ومساعدة الأسر المعيلة ، ومساندة العاطلين والمستأجرين المهددين بالطرد ودعم الأسر التي لا تستطيع الحصول على السلع الأساسية.
ويتضمن مشروع القانون الذي تتقدم به حكومة “سيريزا” للتصويت عليه في مجلس النواب ثلاثة تدابير رئيسية لمساعدة الأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل:إعادة توصيل التيار الكهربائي للمنازل التي يعجز المستأجرين فيها عن دفع قيمة الاستهلاك ، مع إعفائهم من رسوم إعادة التوصيل ، وتوفير الكهرباء لهم مجاناً حتى 300 كيلووات ساعة وذلك حتى نهاية العام الحالي . وتستفيد من هذا الاجراء فوراً جميع الأسر التي تعيش حالياً دون كهرباء. صرف “بدل الإيجار” لعدد ثلاثين ألف أسرة خلال عام 2015، مع إمكانية التمديد لعام 2016 ، بقيمة تتراوح من 70 إلى220 يورو شهريا، تكون غير خاضعة للمصادرة سداداً لديون اخرى مستحقة. صرف “بدل غذاء” لعدد ثلاثمائة ألف شخص لشراء المواد الغذائية الأساسية ، يصرف في شكل “كوبونات” أو يقدم عبر السوق الإلكترونية لهذه المنتجات ، وتحتسب قيمة المبالغ المنصرفة لهذا الغرض طبقاً لعدد أفراد الأسرة.