فى الذكرى الثالثة لإنتقال طيب الذكر مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث17/3/2015 فأننا نتذكررحلتة وأهم محطات حياتة في دير السريان والأنبا بيشوى والتى أثرت في تكوين شخصيتة منذ رهبنتة حتى نياحته، وسيخلد التاريخ على صفحات من نور قداسة البابا شنوده الثالث كمدبر ومحب للرهبنة وباعث نهضتها في القرن العشرين، وكأب ومعلم وواعظ لاهوتي قدير
دير السريان
هو ضمن أديره وادي النطرون أقيم كإضافه إلى دير الانبا بيشوي، وهو يقع علي بعد 500 متر شمال غرب الدير، وبعد إنتهاء إنشاءه لم تعد هناك حاجه لإستخدام دير منفصل للرهبان الاقباط فتم بيعه لعدد من التجار السوريين كانوا قد أستقروا بمصر القديمة ليكون الدير مقرآ للرهبان السوريين لفتره من الزمن ، ومن هنا جاءت تسميته بدير السريان وكان ذلك في بدايه القرن الثامن .
وفي عام 1088 أحصي موهوب بن منصورالمؤلف ، الذي شارك في كتاب بطاركه الكنيسه المصريه، رهبان الدير فكان به 60 راهبآ وهذا العدد كان يزيد آنذاك علي عدد رهبان ديري البراموس والانبا بيشوي معآ، ولكن في القرن الرابع عشر إنتشر ” الطاعون” مما أدي إلى ان أصبح عدد رهبان الدير راهبآ واحدآ فقط ، وعند نهايه القرن الخامس عشر عاد الدير مليئا بالرهبان السوريين ومع مرور الوقت زاد عدد الرهبان المصريين وتقلص أعداد السوريين فكان في عام 1516 يوجد بالدير 43 راهبآ منهم 18 راهبآ سوريآ والآخريين من المصريين ، وفي عام 1679 لم يبق بالدير أي راهب سوري ، وبعد ذلك وفي القرن السادس عشر أصبح الدير قويآ عامرآ برهبانه حتي أنه أرسل بعضهم للمساعده في إعاده بناء ديري الانبا بولا والانبا أنطونيوس وكان ذلك في عهد البابا غبريال السابع ( 1525- 1568) الذي تخرج من هذا الدير ليصبح بطريركآ علي الكرسي المرقسي.
يحتوي الدير علي كنيسه رئيسيه بأسم “العذراء مريم” ومن أهم معالمها بابا الهيكل (باب النبوات)والخورس المطعمان بألواح العاج وتقام في هذه الكنيسه القداسات أثناء فتره الشتاء ، أما في الصيف فتقام في كنيسه المغاره كما يوجد بالدير كنيستان أخريتان هذا إلى جانب كنيسه الملاك ميخائيل الموجوده بحصن الدير .
مكتبه الدير
من أهم معالم دير السريان مكتبته والتى إحتلت أهميه كبري لما كانت تحتويه من مخطوطات كان لها أثر كبير في إنتشار وحفظ العديد من الدراسات السوريه إلى جانب الكتابات الإغريقيه . بدأ أمر جمع المخطوطات في عام 927 علي يد رئيس الدير “موسي” ،وكان رجلآ مثقفآ محبآ للأدب، حين تم إرساله إلى الخليفه المقتدر ببغداد للتوسل إليه حتي يعفي الدير من الضرائب الباهظه المفروضه عليه ، وبعد إتمام مهامه عاد إلي الدير وهو يحمل معه مجموعه تزيد عن 250 مخطوطه باللغه السريانيه أشتري بعضها والبعض الآخر ُقدم إليه كهديه . واستمر بقيه حياته يتوسع في إضافه المخطوطات إلي مكتبه الدير من خلال إستعاره الكتب من المكتبات الأخري ونسخها . وبهذا بدأت تكوين مجموعه المخطوطات التي كانت سببآ في شهره الدير . و الفضل في ذلك يرجع إلى مسيحي سوريا الأوائل الذين أهتموا بكتابات الإغريق من فلسفه وطب ورياضيات ونحو، وكان ذلك في القرن الثالث عشر . وقد إحتفظت مكتبه دير السريان بكتابات الإغريق من فلسفه وطب ورياضيات ونحو وبعض الترجمات للعديد من مؤلفات أرسطو وأرشميدس وأقليدس وغيرهم إلي اللغه السريانيه وبعد ذلك ترجمت هذه المؤلفات إلي اللغه العربيه ومن ثم إلي اللغه اللاتينيه ، ومعظم هذه الكتب والمخطوطات والمراجع القديمة . كان لها اكبر الأثر فى إجتذاب العديد من طالب الرهبنة من المتعلمين للرهبنة بدير السريان ومنهم قداسة البابا شنودة الثالث.
ترهبن البابا شنودة فى دير السريان بأسم الراهب انطونيوس السريانى فى 18 يونيو عام 1954 فى عمر 31 عاما وقد تدرج في الخدمة في الدير، حيث كان أمينا للمكتبة ومسؤلا عن المطبعة ونشر المخطوطات وعن الضيوف الأجانب وأحيانا كان مسؤلا عن الزراعة والمباني.
واشتاق لحياة التوحد فاعتكف في قلايته داخل الدير ثم ذهب إلى مغارة أحد القديسين تبعد عن الدير حوالي 12 كيلو مترا وكانت تمر عليه فيها أسابيع لا يرى وجه إنسان، حيث اعتبرها فرصة للخلوة مع الله والقراءة والتأمل والدراسة، ثم رسم قسا تحت الحاح في 31 أغسطس سنة 1958 م. لم يترك البابا شنودة (الراهب أنطونيوس) دير السريان حتى تمت سيامته أول أسقفا للتعليم فى 30 سبتمبر 1962 م، بكاتدرائية القديس مرقس الرسول بالأزبكية
انتخاب البابا
وفي تلك اللحظة التي كانت تتم فيها عملية انتخاب البطريرك الجديد أصر البابا شنودة أسقف التعليم وقتها أن لا يشترك في التصويت واختار الذهاب إلي دير الأنبا بيشوي والبقاء فيه ويوم إجراء القرعة الهيكلية توجه إلي الكنيسة الأثرية منه وظل مصليا بجوار الأنبوبة التي تحوي رفات الأنبا بيشوي حتي تلقي خبر قيام الطفل أيمن يعلنهبطريركا، وتوثقت علاقته بدير الأنبا بيشوي.. مما جعل الدير مسرحا مهما لكثير من الأحداث.. فكان المكان الذي يعتزل فيه كلما ألمت به ضيقة أو أزمة.. مثلما حدث في أواخر التسعينيات حينما رفض استقبال وفود التهنئة الرسمية بعيد الميلاد وذهب ليصلي قداس العيد هناك احتجاجا علي رد الفعل الحكومي حيال حرق إحدي كنائس القاهرة وكان هذا بداية خلاف مع الرئيس السادات, واحتدم الخلاف معه حينما رفض قداسته مصاحبة السادات في زيارته إلي القدس وإصراره حل المشكلة الفلسطينية أولا ووصل ذروته في سبتمبر عام18 عندما عزل إداريا من البابوية وعلق البابا على قرار السادات بأن هذا ليس عقابًا بل مكافأة لأنه يعشق حياة الدير والصحراء ويميل إلى حياة التوحد والرهبانية حيث كان يلجأ إلى الاعتكاف فى الدير للصلاة وطلب تدخل الله، وكان يردد عبارة “نصمت لكى يتكلم الله.
ووقتها أصر البابا على مغادرة الدير وتوجه إلي مغارته التي تبعد عنه21 كيلو مترا وعندما علم رئيس الدير الأنبا صرابامون توجه إليه ومعه أحد الأساقفة لإقناعه بالعودة مرة أخري إلي الدير حتي لا تتم تحديد إقامته بالمغارة وتمكنوا من إقناعه ولم تمر ساعات حتي كانت قوات الأمن المركزي قد وصلت لتقيم كردونا أمنيا يحيط بكل الدير وأقيمت نقطة أمنية لتأمين المكان, وبدأت مرحلة جديدة بالتحفظ علي البابا في علاقته بالدير وهي علاقة الإقامة الدائمة التي استمرت من5 سبتمبر81 وحتي 855 يناير
تعمير دير الانبا بيشوى
دير الانبا بيشوي أنشئ في القرن الرابع و يحتوي علي خمسه كنائس كرست الرئيسيه منهم علي اسم شفيع الدير الانبا بيشوي ومكانها في أقدم جزء باق من ابنيه الدير ، يقام فيها القداسات طوال فتره الصيف . وفي الشتاء يستخدم بدلآ منها كنيسه العذراء مريم القريبه منها . اما المعموديه فتوجد في كنيسه الانبا أبسخريون وهي تقع جنوب الكنيسه الرئيسيه ، والكنيسه الرابعه مكرسه بإسم الشهيد مارجرجس ولكن لم يعد يقام بها القداسات ، اما الكنيسه الخامسه فهي بأسم الملاك ميخائيل وتوجد في حصن الدير الذي يعود تاريخ إقامته الي القرن الثاني عشر وقد أنشئت مكتبه فى الحصن وسرق منها العديد من المخطوطات علي يد جامعي الكتب الاوربيين ، وما بقي من تلك المخطوطات تم حفظه في غرفه صغيره تفتح علي فناء الدير .وقد تعهد قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث منذ ان تولى المسئولية بتعمير دير القديس الأنبا بيشوى فرسم له نيافة الأنبا صرابامون أسقفا ورئيسا للدير سنة 1975م وأسس مقراً بابويا في الدير يقضي فيه بضعة أيام أسبوعياً تقريباً، كما أهتم بالتعمير الإنشاءات من قلالي “مساكن” للرهبان، ومكتبة للإطلاع،وحفر الأبار وعمل الصهاريج لمياة شرب، والإهتمام بالزراعة وتربية الماشية. وإنشاء مساكن للعمال وتوفير الرعاية الروحية والصحية لهم، وعمل عيادات وصيدلية وقصر بمنارة شاهقة ومضايف وبيوت خلوة للضيوف.كما تم بناء كاتدرائية كبيرة بالدير و قد تبارك الدير بعمل وطبخ وإعداد زيت الميرون المقدس سبع مرات في عهد المتنيح البابا شنودة الثالث ليوزع على الكنائس و الاديرة فى مصر والخارج .
تعمير دير السريان
كذلك شهد ديرالسريان نهضة رهبانية ومعمارية بفضل ترهب البابا شنودة الثالث فى هذا الدير وتحت رئاسة نيافة الانبا متاؤس رئاسة الدير في عام 1993 م حيث اقيمت القلالى المنفردة للرهبان وهى أول مرة تقام فى الاديرة ، وأيضا تم بناء مضيفة ضخمة من طابقين لاستقبال الزوار و عائلات واهالى الرهبان كما عمل البابا شنودة الثالث على استصلاح الأراضى بالدير، وقد اهتم الانبا متاؤس باستصلاح وزراعة مساحات شاسعة من الاراضى. وتم بناء الكثير من المبانى منها مبنى خاص للأباء الكهنة المكرسين و تم بناء كنائس حديثة بحديقة الدير. كما تم تخصيص مكتبة لمخطوطات الدير للحفاظ على التراث وتنقيح وترميم ما بها من أثار جانبية تأثرت بها عبر التاريخ.
كما تم انشاء سور خارجى للدير ملحق به بوابة رئيسية للدير و كاتدرائية حديثة باسم السيدة العذراء خارج الدير الاثرى ، ولم يهتم البابا الراحل بالتعمير فقط، بل أنه أنشاء مزرعة سمكية لتغطية احتياجات الدير و إنشاء ورشة ميكانيكية لخدمة الآلات الزراعية.
ومنذ عيد الميلاد 2012 ظهرعلى البابا شنودة حالة ضعف شديد، وكان لا يستطيع السير على قدميه،
وظل قداسة البابا شنودة الراحل يعلم حتى آخر لحظة فى حياته وهو يحتمل الآلام الشديدة بجسده النحيل والمعتل من ثقل المرض وعلى الرغم من نصيحة الأطباء له بعدم إلقاء محاضرته الأخيرة يوم 7 مارس بالكاتدرائية تحامل كثيرا على نفسه وأصر على الالتقاء بشعبه حاملا معه معاناة شديدة بالعمود الفقرى جعلته غير قادر على السير أو الوقوف وأيضا الجلوس، لكنه أصر على موقفه حتى لو كانت تلك المخاطرة جالسا على كرسى متحرك بعد أن عجزت قدماه عن حمله، كما حدث فى تلك الليلة فى آخر مرة يلتقى فيها مع أحبائه ليودعهم ويودعوه داخل المكان المحبب لنفسه بساحة الكاتدرائية. وكان بالفعل لقاء الوداع أو اللاعودة
وقد كلف البابا شنود الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة عندما احس بقرب النهاية بأن يقوم بتجهيز مقبرة له فى دير الأنبا بيشوي في وادي النطرون حيث صنعت من الرخام الفاخر، وأحيطت بالأيقونات الدينية والصلبان والأنوار
مدفن البابا شنودة بدير الانبا بيشوى
وهو عبارة عن مبنى ذات قباء صغيرة تم بناؤه بالطوب الأثري، ، وكان هذا المكان معدا ليكون متحفا حديثا بالديرلضم اثار الدير القديمة لكنه تحول إلى مقبرة وقد كتب على اللوح الرخامي الموجود على المدفن (صاحب القداسة الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، معلم الأجيال وراعي الرعاة وقديس عصرنا، ارتقى كرسي مارمرقس الرسول في 14 نوفمبر 71 19ميلادية، استراح في الرب يوم السبت الموافق 17 مارس 2012) ويرقد حسب وصيته في هذا المكان
بذلك يكون البابا شنودة ثاني بطرك يدفن بالدير بعد البابا البطريرك بنيامين 82 من عداد باباوات الكنيسة والذي دفن بالدير سنة 1339
وتحول مدفن البابا شنودة، إلى معرض ضخم فنجد بعض الفرسكات فى اعلى حوائط المدفن منها فرسكة تمثل السيد المسيح جالس على العرش و اخرى للميلاد والثالثة لنياحة السيدة العذراء والاخيرة للانبا بولا والانبا انطونيوس كذلك رسومات عن إيليا النبى وأبونا يعقوب ومجموعة من أشهر مقولات قداسة البابا على جدران المبنى كذلك صور الزعماء والمفكرين، فتصدر مدفنه صورة تجمعه مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك،
والذي كانت تربطهما علاقة قوية ولاسيما بعد أن رفع التحفظ عن البابا شنودة وأعاده من دير الانبا بيشوى وأيضا صورة تجمعه بالرئيس السادات والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ومن الصور الموجودة داخل مدفن البابا شنودة الثالث، صور تم التقاطها مع المشير حسين طنطاوي بعد ثورة 25 يناير، وصورته بالجبهة مع أبناء القوات المسلحة
تعتبر لقاءاته مع قادة الفكر الإسلامي، من أكثر الصور الموجودة داخل مدفنه، وفي مقدمتها صورة مع الإمام الأكبر جاد الحق علي جاد الحق و الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، والشيخ الإمام الأكبر أحمد الطيب
كذلك ضم المدفن جميع مقتنيات قداسته الشخصية ليكون بمثابة مزار كبير يسمح للآلاف من محبيه بزيارته واخذ
المراجع
وطنيه الكنيسه القبطيه وتاريخها .
دير السيدة العذراء السريان للقمص سمعان السريانى
اسمك فى فم الزمن كنيسة العذراء بالزيتون