نصمت قليلا فنشعر بالهدوء.. لكن سرعان ما يزول الهدوء ويتحول إلي ملل إذا طالت المدة.. نسمع ضجيج العالم من حولنا فتضيق صدورنا به.. نصم آذاننا.. نهرب منه.. ثم نشتاق إليه سريعا.. هذه هي الحياة.. صمت وضجيج.. هروب وعودة.. نور وظلام.. لكن أن يبقي الإنسان صامتا للأبد أو يصم أذنيه للأبد.. هذا هو الأمر المؤلم.. خاصة إن كان يتمتع بحاسة السمع ثم فجأة فقدها.
ضيق حل بصدره.. اختنقت الأيام في قبضة يده.. تأرجح المستقبل أمام عينيه فوق عذاب الأقدار.. خاصة بعدما رأت الدولة أن قسمة العدل هي أن يتحمل المريض الفقير المعدم 50ألف جنيه حتي يصل للشفاء!!.. إنه ماهر ذاك الشاب الذي كتبنا عنه منذ أسابيع.. عمره 31 سنة.. كان يعاني من ضعف في السمع ويحيا بسماعة أذن.. يعمل في المعمار في إحدي قري الصعيد.. ولديه ثلاثة أبناء.. فجأة استيقظ ليجد نفسه أصم.. لا يسمع بكلتا أذنيه.. ظل يبكي وأبناؤه من حوله يبكون.. لا يسمعهم.. لا يستطيعون الحديث إليه.. فجأة صاروا رسوما متحركة وشفاها صامتة.. يصرخون فلا يسمع.. ينادونه ولا يجيب.. أصابته الحسرة.. انقطع عن عمله فكيف يعمل؟.. جاء إلي القاهرة ليحتضنه أبوه الذي يعمل حارسا لإحدي البنايات في القاهرة.. ولجأ والده إلي باب افتح قلبك.
طفنا به عبر المستشفيات وعلي المجالس المتخصصة حتي تمكنا من استخراج خطاب مساهمة من الدولة في إجراء جراحة زراعة قوقعة لماهر.. إنها الأمل الوحيد له في الحياة.. الحل الأوحد الذي يعيد له سمعه مرة أخري.. وجاء التقرير كالتالي:
إن المجلس الطبي المتخصص يوافق علي مساهمة قيمتها 90 ألف جنيه شاملة زراعة قوقعة الأذن.. إلي هذا الحد فلا لوم علي الدولة قامت بما عليها تجاه الشاب.. رائع أن تدفع 90ألف جنيه لتنقذ أسرة من الضياع بسبب صمم عائلها الذي أصابه فجأة.. لكن حقا ما هو ليس برائع أبدا أن يكون إجمالي تكلفة الجراحة هو 149ألف جنيه.. فمن أين لعامل فقير بفارق قدره خمسون ألف جنيه وهو يعول ثلاثة أبناء وعمره 31عاما, أي أنه خاوي اليدين من أي مدخرات؟.. من أين له بكل هذه الأموال الطائلة؟..
هل تري الدولة والمجالس الطبية المتخصصة أن المصريين الفقراء والغلابة في كل ربوع الوطن المحروم يمكنهم امتلاك هذا المبلغ في تلك السن؟
والأمر الملفت أن الخطاب الأول الصادر عن المجلس جاءت صياغته لا تتضمن إجمالي تكلفة الجراحة بينما تتضمن أن المساهمة تشمل كذا وكذا وكذا, وكأنه إثبات حالة أن الدولة تتحمل نفقة الجراحة.. وحينما توجهنا للمستشفي -جراحات اليوم الواحد بمدينة نصر- تيقنا أن تكلفة الجراحة تبلغ 140ألف جنيه وهو ما يعني أننا نحتاج إلي خمسين ألف جنيه أخري.. ولم ترد بالخطاب أية إشارة عن المبلغ المتبقي أو حتي الإجمالي, فكيف لنا التحرك لدفع المساهمين للمشاركة في جمع تكلفة جراحة الشاب؟
عدنا مرة أخري إلي المستشفي وبعد سجال طويل تمكنا من الحصول علي خطاب جديد -بخط اليد- يتضمن التكلفة الإجمالية للجراحة.. عدنا نحمل الخطاب ولكن معه خيبة الأمل.. فالجراحة لابد من إجرائها سريعا حتي لا تصاب الألياف العصبية المحيطة بالأذنين بالتليف.. والوقت يمضي.. والمبلغ كبير.. تحدثت إلي أحد الأطباء المتخصصين فأجابني: الله أيضا كبير.
ونحن نثق أن كل من سيقع بصره علي هذه السطور الحزينة الراجية بسط الأيادي لهذا الشاب الصعيدي.. سياسهم لإعادة سمع ماهر مرة أخري.. سيساهم بقسمة العدل الحقيقية, وليست القسمة المزيفة التي يبدو فيها الوطن عاجزا عن علاج الفقراء..
فالفقراء دائما هم من يدفعون الثمن لأنهم لا يملكون.. تري لو كان ماهر لديه المال فهل تبدو مشكلة حينها؟! من المؤكد الإجابة بلا.. إنه الفقر الذي علي الأوطان أن تقضي عليه بينما تضن.. إنه ماهر الذي ترك أسرته ومنزله وغادر لاستعادة حياته كلها وليس فقط سمعه.. وها نحن في انتظار مكالماتكم أو مساهماتكم لنتمكن من إجراء الجراحة قبل نهاية مارس, فهذا هو التوقيت الذي حددته المجالس الطبية المتخصصة, وأيضا الذي نصح به الطبيب الخاص الذي لجأنا إليه..
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
5000 جنيه علي روح المرحومين عبد الشهيد واصف ومنيرة مشرقي
200 جنيه علي روح المرحومة سهير عزيز
500 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه بشارة العذراء والقديسين
3000 جنيه علي روح المرحوم صبحي إسكاروس
250 جنيه علي روح المرحومة عزيزة متي القطشة
1000 جنيه منك ولك الكل يارب
200 جنيه علي روح المرحومة سهير عزيز
500 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه بشارة العذراء والقديسين
3000 جنيه علي روح المرحوم صبحي إسكاروس
250 جنيه علي روح المرحومة عزيزة متي القطشة
1000 جنيه منك ولك الكل يارب