لليوم الثانى على التوالى نظم العاملون بشركة المشروعات الصناعية والهندسية وقفة أحتجاجية أمام مقر قطاع شمال القاهرة بوسط البلد ، أحتجاجاً على تأخر صرف رواتبهم من أربعة اشهر ، وتوقف تسديد مستحقات المستشفيات و العيادات و الصيدليات التى يتعاملون معها في أطار خدمة الرعاية الطبية التي تلتزم بها الشركة مما دعا هذه المستشفيات لعدم قبول الحالات المحولة لها من العاملين من الحالات التى تستدعى صرف الأدوية فى حالة الامراض المزمنة .
شركة المشروعات الصناعية والهندسية واحدة من أكبر شركات المقاولات المصرية – او كانت كذلك قبل أهدار دمها بالخصخصة – حيث تم بيع الشركة في نهاية عام 1997 عن طريق الطرح العام لـ 80% من اسهمها في البورصة ، و الهيكل الحالي لملكية الاسهم يستحوذ عليها المستثمر السورى مجموعة شبارق بحصة فى رأس المال تبلغ فقط 23 % تقريباً ، بينما تبلغ مساهمة الشركة القومية للتشييد والتعمير 20% ، شركة مصر للتأمين 1.75 % ، شركة مصر لتأمينات الحياة 1.5 % ، والقطاع الخاص والأفراد 52.9% ، و لا يوجد أي دور لأتحاد العاملين المساهمين بالشركة نظراً لعدم نقل ملكية نسبة الـ 10% من الاسهم طبقاً لعقد بيع الاسهم بين الشركة القومية للتشييد و التعمير و الاتحاد ، لتوقف الاتحاد عن سداد اقساط الاسهم طبقا للعقد ، حتى أن تعيين رئيس مجلس ادراة أتحاد المساهمين في عضوية مجلس ادارة الشركة يتم عن طريق الشركة القومية للتشييد و التعمير عن نسبة مساهمتها في رأس مال الشركة و ليس عن نسبة مساهمة الاتحاد ، مما ينزع فاعلية دور أتحاد العاملين المساهمين و ينسف مبدأ مشاركة العاملين في ملكية أسهم الشركة، و حتى تتهرب الشركة القومية للتشييد و التعمير من مسؤوليتها في الوفاء بمستحقات العمال في حالة تعثر الشركة تدعي ملكيتها ل 10% فقط من أسهم الشركة ، و هو ما يجافي الحقيقية حيث تقوم الشركة القومية للتشييد و التعمير بالتصويت على جميع قرارات الجمعيات العمومية للشركة بكامل نسبتها و هي 20%.
تأسست الشركة فى 1952 ، كشركة مقاولات متخصصة فى الانشاءات المدنية و تشييد محطات المياة ومحطات معالجة الصرف الصحى ، ومد خطوط المياه والصرف الصحى ، وشبكات التليفونات ، والكهرباء ، ومحطات تحلية مياه البحر فى محافظات البحر الاحمر جميعها ، ومرافق بعض المدن الجديدة مثل مدينة دمياط و المنيا و الشروق و العبور و قد شاركت الشركة في العديد من مشروعات البنية التحتية للدولة.
وبصدور القانون 97 لسنة 83 الخاص بهيئات القطاع العام أصبحت الشركة تابعة لهيئة القطاع العام للتشييد ، ثم تحولت لقطاع الأعمال العام بالقانون 203 لسنة 1991 ، و تحولت لشركة مساهمة مصرية بالقانون 159 لسنة 1981 .
جدير بالذكر أن العاملين بالشركة قد حصلوا على حكم قضائى منذ يناير 2000 محكمة استئناف القاهرة ببطلان الجمعية العمومية العادية وغير العادية المنعقدة فى 30/12/1997 بتحويل الشركة من التبعية للقانون 203 لسنة 91 ، إلى التبعية للقانون 159 لسنة 81 ، أى خصخصتها .
وشهادات العاملين ورئيس اللجنة النقابية الذين نظموا الوقفة الاحتجاجية تتحدث عن فساد صفقة البيع والخصخصة من الأساس ، فبالشركة اصول ثابتة تقدر بـ 4 مليار جنيه تمثل اراض و ومبان ، إلا أن سعر الشراء بلغ 324 مليون جنيه ، وتم الحصول على قروض بقيمة 500 مليون من البنوك المصرية ، مما يجعل المشترين خاصة الاساسيين مثل مجموعة شبارق السورية قد ربحوا المليارات فى هذه الصفقة ، لكن للأسف لا لكى تحتفظ الشركة بسمعتها كشركة مقاولات من الفئة الأولى كما تم تصنيفها في أتحاد مقاولي البناء و التشييد تحت رقم 49 قبل البيع مباشرة فى 1997 ، بل لتسجل خسائر تلو الأخرى ، و تسجل خسائر قياسية في الفروع خارج مصر في دولة الامارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية .
الشركة عضو فى اتحاد مقاولى البناء والتشييد بالفئة الأولى برقم 49 منذ 1997 ، رغم صدور قرارين جمهوريين بتأميمها ، الأول بتأميم 50% منها عام 1961 ، والثانى بتأميمها كاملة فى 1964 .
ومن شهادات العاملين أمام المقر : 50 حالة طلاق ، محاولة أنتحار ، 4 حالات بتر أطراف لمرضى السكر المتوقف علاجهم. وشهادات العاملين أيضا تشمل مديونية الشركة بـ 90 مليون جنيه لهيئة التأمينات الاجتماعية التى تستقطع الشركة اشتراكاتها من العاملين دون أن توردها ، وقد رفعت الهيئة دعوى قضائية على رئيس مجلس الادارة بصفته و حصلت على حكم بحبسه ثلاث سنوات وغرامة 300 ألف جنيه بتهمة تبديد اشتراكات العاملين ” صدر الحكم بمحكمة جنح مدينة نصر ثان ، برقم 3171 لسنة 2014 بجلسة 1/10/2014 “.
من بين أوجه الفساد المالى بالشركة أن معظم المشروعات المباعة بالأمر المباشر بالشركة تم التنازل عنها للبنك الأهلى المصرى فى مقابل قروض حصلت عليها الشركة لتسيير العمل بهذه المشروعات وتسليمها ، إلا أنها صرفت فى غير أوجه العمل ، وهى تبلغ حوالى 500 مليون جنيه ، وقد حررت بها أربعة بلاغات جمعت فى بلاغ واحد رقم 750 حصر وارد نيابة أموال دولة عليا ، ولم تسلم ميزانيات الشركة من التزوير واضافة مبالغ وهمية لاعطاء انطباع كاذب للمساهمين بتحقيق أرباح ورفع قيمة السهم ، إلا أن هذا التزوير قد أتى بنتائج عكسية إذ أدى لمطالبات ضريبية أعلى من الواقع تمثل عبئاً على ميزانية الشركة ، إضافة للمكافآت المبالغ فيها لاعضاء مجلس الادارة على خلفية اعداد الميزانية ، مما رفع حجم خسائر الشركة لارقام هائلة بلغت مليارو 200 مليون جنيه ، وادى الى تعثر الشركة و عدم قدرتها علي الوفاء بمستحقات العاملين من الرواتب ، وكذلك دفع التزامات الشركة فى البنود الأخرى مثل بند الرعاية الطبية وسداد اقساط التأمينات الاجتماعية التى توقفت عن سدادها منذ 2003 .
وفى شهادة المهندس طارق عبد المنعم طب أمين عام نقابة الشركة ، أن تأخر الشركة في صرف الرواتب يأتي في أطار سياسة رئيس مجلس ادارة الشركة للضغط على العمال للخروج الي المعاش المبكر بأقل التكاليف للمستثمر ، حيث عرض على العاملين ما بين 1200 -1500 جنيه عن كل سنة خدمة ، وهو ما يخالف قانون العمل الذى ينص على صرف شهرين على شامل الأجر على الاقل عن كل سنة خدمة كحد ادنى ، طبقا للمادة 122 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ، و فكرة ثبات مبلغ الخروج المقرر يظلم الكثيرين لاختلاف الرواتب و تجاوزها فى حالات كثيرة لهذا التقدير .
يضيف المهندس طارق ، أن المعيار الوحيد لتقدير تعويضات أنهاء الخدمة هو آخر راتب وليس مبلغ تقديرى تحدده الادارة والمستثمر حسب أهوائهم و بغرض واحد فقط ، هو أنهاء علاقة العمل بأقل الخسائر للمستثمر حتى لو كان معناها خراب بيوت المئات من العمال .
وقد لجأ العاملون لجميع أجهزة الدولة المنوط بها حماية حقوقهم و تم مناشدة رئيس مجلس الوزراء و وزير الاستثمار و وزيرة القوى العاملة ،فضلاً عن قيام العمال بتنظيم وقفات احتجاجية أمام كل هذه المؤسسات ” 5 أمام مجلس الوزراء ، ووقفتين أمام وزارة الاستثمار” ، وعندما لجأوا لوزارة القوى العاملة المنوطة بالدفاع عن حقوق العمال إذا بالوزيرة الدكتورة ناهد العشرى تستدعى لهم الشرطة و تتهمهم بالتعدى على أمن الوزارة ، وهو ما ثبت عكسه فى الحال للقوة التى جاءت للقبض على العاملين .
وأوضح ، أن العاملون بالشركة لجأوا حتى لقطاع الأمن الوطنى ولرئاسة الجمهورية ، والنائب العام والمنظمة المصرية لحقوق الانسان ، والمجلس القومى للأمومة والطفولة رغم عدم أختصاصه بشكل أساسى بقضيتهم ، إلا أن نسبة كبيرة من العاملين بالشركة من النساء ، بوظائف مهندسات و محاسبات وسكرتارية ، تصل لأكثر من 50% من العاملين .
من بين أوجه الفساد التى تحدث عنها العاملون ، غياب الرقابة عن الفروع الخارجية للشركة فى السعودية و أبى ظبى مما أدى إلى الانهيار الكامل لتلك الفروع و تكبيل الشركة الام بالقاهرة بالمديونيات وأسفر عن صدور حكم من محكمة ابوظبي الاتحادية الاستئنافية ضد الشركة فى واقعة استيلاء مدير عام الفرع بابى ظبي على أموال بنك القاهرة فرع أبى ظبى لصرفه فى غير أوجه الصرف بالشركة و تحويل مستحقات بنك القاهرة فرع ابوظبي الي بنك دبي الاسلامي ، وتم بموجب هذا الحكم تغريم الشركة و اخرين مبلغ و قدره 69 مليون درهم امارات فى هذه الواقعة ، علاوة على الفوائد و المصروفات على أصل الدين منذ تاريخ أقامة الدعوى و طبقاً لمنطوق الحكم.
عدد العاملين بالشركة 2300 عامل ، أى أن 2300 أسرة تعانى منذ أربعة شهور لعدم صرف الرواتب ، فلمن يذهب العمال وأجهزة الدولة جميعها منحازة انحيازاً كاملاً للمستثمر وعلى رأسهم وزارة القوى العاملة .