-الدكتور أمجد خيرى :استشهادهم أكبر رسالة تبشيرية فى العصر الحديث
-الدكتور زكريا فاخورى: تحية لأبناء الكنيسة الذين تمسّكوا بالإيمان
منذ استشهاد 20 قبطى فى ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابى وانتشار فيديو ذبح الشهداء بدأت تتوالى تفسيرات من قبل المتخصصين فى علم النفس محاولة لتفسير سر ثباتهم الانفعالى قبل ان يستشهدوا .. ومنهم من قدموا تفسيرات غير صحيحة فمنهم من أرجع هدوئهم وثباتهم إلى وقوعهم تحت تأثير مخدر قوى وتناسوا المشاهد التى عرضها الفيديو للشهداء وهم يحركون شفاههم ويتلون صلوات سرية بخلاف ذكرهم اسم الرب يسوع وصلوات جهرية لحظة ذبحهم، الأمر الذى يؤكد أنهم كانوا فى حالة وعى كامل بما يحدث ، فيما أرجع البعض الأخر ثباتهم إلى وقوعهم تحت تأثير خدعة بزعم أن الإرهابيين اقنعوا الشهداء انه مجرد تصوير مشهد تمثيلى فقط …؟!!
تحدثنا الى الدكتور أمجد خيرى – إستشارى الطب النفسى والعلوم السلوكية،فقال :
“علميا هناك أكثر من منهج فى التفسير فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة بكل تأكيد ، ولكن الأمر المؤكد أن هؤلاء الأشخاص عرض عليهم إنكار المسيح ولكنهم رفضوا وتمسكوا بالايمان مثلما كان الشهداء على مدار تاريخ الكنيسة القبطية . وخير دليل أن منهم من كان يتمتم بشفتيه ويصلى وآخر كان ينظر الى السماء وكأنه فى لحظة تأمل وعندما وضعوا على الأرض قبل تنفيذ الذبح سمعنا كلمة يارب يسوع واضحة…
فان ما حدث يفسر لنا اشياء كثيرة سمعناها ونحن أطفال فى الكنيسة عن الشهداء ولكننا كنا لم نراها بأعيننا .”
وأضاف دكتور أمجد خيرى قائلا :” هناك من فسر ثباتهم بأن التصوير استغرق فترة طويلة وظلوا يعيدوا المشهد أكثر من مرة دون تنفيذ الذبح فعليا ..ولكن حتى اذا كان هذا الأمر حدث فان مجرد انهم كانوا يصلون وقالوا يارب يسوع قبل أن يقوم الإرهابيون من داعش بذبحهم فهو تأكيد على انهم فضلوا أن يستشهدوا على اسم المسيح ويتمسكوا بايمانهم ويموتوا على أن ينكروا ايمانهم ولا يتم ذبحهم . “
وإستطرد د . أمجد خيرى :”اما من قال إن داعش قامت بتخديرهم فهذا غير صحيح بالمرة فلقد كانوا يسيرون بخطأ ثابتة وبشكل طبيعى .. فأنهم يعدوا أكبر رسالة تبشيرية فى العصر الحديث فلقد رأى العالم كله فى كل محطات التليفزيون وعلى مواقع الانترنت .”
الدكتور زكريا فاخوري دكتوراة علم النفس و المشورة من الكلية الكندية المسيحية بتورونتو قال :” إن ثباتهم بهذا الشكل يذكرنا بابائنا القديسين والشهداء على مدار تاريخ الكنيسة القبطية ..فهل تريدون أن أحدثكم عن شيخ في العقد الثامن من عمره (بوليكاربوس الأسقف ) فضل أن يلقي في جب الأسود عن ان ينكر إيمانه فتنطلق روحه لمجد اخر!!.أم أن أحكي لكم عن شاب قبل يلاقي الموت مراراً وتكراراً حتي سبع مرات ( مار جرجس الروماني) ثم يقدم رقبته للسياف بكل شجاعة متطلعاً لمجد اخر!!
أم قصة طفل لم يتجاوز الثانية عشر من العمر (أبانوب النهيسي) والقوة والشجاعة التي واجه بها الوالي وكم العذابات التي واجهها في هذا السن ثم تطير رقبته فا تنطلق روحه لمجد اخر”
وأضاف الدكتور زكريا فاخورى :” ما الذي يجعل هؤلاء يقبلون بهذه الآلام والعذابات البشعة التي يقشعر لها الجسد لمجرد ذكرها ؟!! هل من الوارد أن تمت خديعتهم علي أساس مجرد تمثلية للضغط بها علي اخرون، ام هم تحت تأثير المخدر الذي يجعلهم غير مدركين الي ما هم مقبلين عليه؟!! حكاية هؤلاء واحدة ومتكررة كحكايات الجدات في ليالي الشتاء وكنيستنا غنية و زاخرة بهم.. في الأيام الأخيرة شاهدنا اعتداءات على كنائسنا ومؤسساتنا وأبنائنا، وتمزقت قلوبنا للعنف الذي خيّم على بلادنا، وإذ ننظر إلى هذه الأحداث من خلال منظار إيماننا المسيحي ندرك تمامًا أنه بقدر ما تؤلمنا هذه الأحداث إلاّ أننا ندرك أن «كُلَّ الأشياءِ تعمَلُ مَعًا للخَيرِ للّذينَ يُحِبّونَ اللهَ» (رومية 8: 28.
وكأنما الشهداء في يوم استشهادهم يتطلّعون إلى الشهيد الأول يسوع المسيح، والذي على مثاله يقدِّم كل شهيد حياته. هكذا الشهداء الذين تألّموا وعُذِّبو لقد كانوا يضعون أمام أعينهم صليب المسيح «أنتُمُ الّذينَ أمامَ عُيونِكُمْ قد رُسِمَ يَسوعُ المَسيحُ بَينَكُمْ مَصلوبًا!» (غلاطية 3: 1)، كان منظر الصليب يشدِّدهم ويقوّيهم، وكانوا يشعرون بالفخر أنهم يتألمون لأجله ويشهدون لمجد اسمه.
وشهادتنا لحياة المسيح تكون بأن نتبنى منهجه الإلهي المقدس في سلوكنا اليومي، والإنسان المسيحي عنده استعداد أن يقبل العذاب والخسارة وأن يموت من أجل الإيمان؛ وإن خيّروه بين النجاة أو الموت يختار الموت والخسارة: «وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَي ْيَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ» (عبرانيين 11: 35).
وإستطرد قائلا :” إن هذه هي الشجاعة الحقيقية وليس العنف وسفك الدماء والاعتداء على الآمنين وبيوت الرب. ونحن نحيّي أبناء الكنيسة الذين وقفوا بشجاعة وتمسّكوا بالإيمان، فاُستُشِهدوا ، ومنهم مَن أُصيبت أسرته وممتلكاته، ومنهم من تألّم بأنواع آلام كثيرة، لكن أحدًا منهم لم يستخدم أسلحة هذا العالم الشرير ولا قابل الشر بالشر. كان اخر هذه الأحداث ، قصة ال ٢١ شخصا الذين نالوا إكليل الشهادة منذ ايام في ليبيا ، لا لذنب اقترفوه بل لكونهم يحملون اسم المسيح ويرفضون التخلي عنه. “
و فى هذا الصدد كان نيافة الانبا ديفيد قد قام بالرد على تفسيرات المتخصصين الخاطئة حيث أكد على أن سبب تماسكهم الذى استمدوه من عمل الروح القدس فيهم لحظة استشهادهم وثبات إيمانهم فى الرب يسوع المسيح الذى استمدوا من حبه الإلهى القوة على بذل أرواحهم وأجسادهم وإراقة دمائهم كتقدمة وعربون بسيط منهم يعرب عن حبهم له واستشهد نيافته بالعديد من الشهداء أمثالهم فى تاريخ الكنيسة .