أقامت مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ والتراث القبطي ومؤتمرها الثامن واحتفاليته بالتعاون مع المركز الإعلامي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية والذي يعد واحداً من بين أهم المؤتمرات العلمية في التراث القبطي، وأول مؤتمر يقام للقديس مارمرقس كاروز الديار المصرية على الإطلاق، تحت عنوان ”القديس مارمرقس في التراث القبطي”، تحت رعاية ورئاسة قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والرئيس الفعلي للمؤسسة. وبحضور لفيف من الرموز الكنيسة من المطارنة والأساقفةأصحاب النيافة: الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ وبرارى بلقاس ورئيس دير الشهيدة دميانة، ورئيس قسم اللاهوت بمعهد الدراسات القبطية، ونيافة الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة ، والأنبا ديمتريوس أسقف ملوى، والأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار والأنبا مقار أسقف الزقازيق، والأنبا توماس أسقف القوصية، والقس أنجليوس إسحق والآباء القمامصة والقسوس، ورؤساء الطوائف المسيحية، من بينهم د.صفوت البياضى رئيس الطائفة الإنجيلية، والكانون سامى شحاته ممثل نيافة المطران د. منير حنا رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية، ولفيف من رجال الأعمال، ونخبة متميزة من الأساتذة والعلماء والباحثين فى العلوم القبطية بينهم أ. د. سامى صبرى عميد معهد الدراسات القبطية، وأ. د. اسحق ابراهيم الأمين العام للمعهد، وأ. د. عادل فخرى وكيل المعهد، وم. سامى مترى رئيس جمعية محبى التراث القبطى، والاستاذه رينيه يعقوب سكرتير عام، وأ. راندا بليغ نائب الرئيس، وم. ماجد الراهب. . وقد شارك فى تنظيم الاحتفالية والمؤتمر العلمى لجنة تنظيمية مكونة من أبونا بولس حليم المتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، مسئولاً عن احتفالية اليوم الأول من خلال المركز الإعلامى، وم. فهيم واصف مدير المؤسسة بالقاهرة، ود. أشرف ناجح، وم. أخنوخ فانوس، وشارك فى فريق العمل الباحث أ. ملاك نصحى مسئول تشغيل وتنسيق العروض بالمحاضرات، وأ. رومانى فتحى مسئول فريق التنظيم الداخلى للقاعة، وبإشراف د. فوزى اسطفانوس عن المؤتمر من خلال مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ والتراث القبطى. كما شارك العلماء والباحثون بمحاضرات علمية في المؤتمر الذي عقد علي مدار يومين قدمت خلاله 11 محاضرة علمية من عمق تراث مارمرقس الرسول.
** شارك في احتفالية اليوم الأول آلاف الأطفال والشباب والكبار والشمامسة الذين أسعدهم قداسة البابا بمشاهدة عروضهم يرافقه جناب القس صفوت البياضي, ولفيف من الآباء الأساقفة والآباء الكهنة, وحرص قداسته علي التجول متنقلا بين صفوفهم لتشجيعهم ولمشاركتهم فرحتهم والتقاط الصور التذكارية معهم في الساحة الخارجية للكاتدرائية.. أما في داخل الكاتدرائية فقد اصطف صغار الشمامسة علي الجانبين كالملائكة الصغار – في ختام الاحتفالية – وبصفوف عشرات الشمامسة الكبار الذين تناغمت ألحانهم مع دقات أجراس الكاتدرائية تعلن عن فرحة الاحتفالية.
وفي البداية ألقي قداسة البابا كلمة الافتتاح لفعاليات المؤتمر وقدم د. فوزي إسطفانوس حيث ذكر عنه أنه بالرغم من كونه طبيبا إلا أنه مهتما بالتاريخ الكنسي, أعقبها كلمة د. صفوت البياضي والذي بدأ كلماته المحبة بقوله: كنا محتاجين لمن يعيدنا للتاريخ ويرسم البسمة علي شفاهنا, مضيفا أن إنجيل القديس مرقس هو أصغر الأناجيل – 16 إصحاحا و744 آية – لكن أكثر المعجزات والأعمال العظيمة ذكرت في إنجيله, ومنها 27 معجزة, والمعروف بأنه مؤسس الكنيسة الحية الشاهدة الأمينة وقد دفع حياته ثمنا لإيمانه, وقد أطلق اسمه علي الكاتدرائية, واسمه علي كل كنيسة ومذهب وطائفة, وكان بيته هو أول كنيسة, واختتم كلمته بقوله: نحن هنا نتاج دماء ذكية مباركة, ويسأل كل منا نفسه أين نحن منه في خدمة قوية في الحق, نشكر الله من أجل هذا التاريخ العظيم.
كما ألقي د.سامي شحاتة, ممثل الكنيسة الأسقفية, كلمة نيافة المطران د. منير حنا, رئيس الكنيسة الأسقفية, تحدث فيها عن دماء القديس مرقس عندما تم سحله في شوارع الإسكندرية للدفاع عن الإيمان, وذكر بأن كنيسة الإسكندرية قد ساهمت في تشكيل الفكر والعقل المسيحي في العالم كله, وتحدث نيافة الأنبا أبيفانيوس عن كتاب تاريخ الكنيسة للأسقف يوسابيوس القيصري, والذي يؤكد عبر صفحاته بأن القديس مرقس هو أول من أقام كنيسة في الإسكندرية, كما تحدث عن الأسقف ياركلاوس الذي في عصره دخل لقب البابا.
** اختتمت احتفالية اليوم الأول بإبداعاتها بكلمة قداسة البابا تواضروس الثاني خليفة القديس مارمرقس الإنجيلي, وكعادة قداسته في لمسات التشجيع الرقيقة لكل من له تعب محبة أعرب في كلمته عن شكره وتقديره لجهود مؤسسة مارمرقس ورئيسها الدكتور فوزي إسطفانوس وكل الأحباء بها, والذين اهتموا بكل جوانب الاحتفالية سواء من جانبها الشعبي وإظهار المهارات, أو من جانبها الكنسي متمثلا في الشمامسة والخورس, أو من جانبها العلمي المتمثل في محاضرات المؤتمر.
* ملامح شخصية مارمرقس
** في كلمته استطرد قداسة البابا تواضروس الثاني مقدما لنا تأملا رائعا في شخصية القديس مارمرقس, مشيرا إلي أننا نجد شخصية القديس في اسمه, من خلال الأربعة حروف التي كونت اسم القديس مرقس, يرمز أو يشير حرف الميم إلي أنه مدرسة لاهوتية تعليمية, اهتم كثيرا بالتعليم الذي نلمس ثمرته الآن, أما حرف الراء فيشير إلي أنه رسول إنجيلي, فهو من السبعين رسول وهو أيضا كاتب إنجيل مرقس, وقد ولد في ليبيا هو أفريقي, وعاش في فلسطين فهو آسيوي, وسافر إلي روما فهو أوربي, وهو جامع للثقافات, وعندما كتب الإجيل كانت عينه علي العالم القديم, وكذلك حرف القاف هو إشارة إلي أنه وضع الصورة الأولي لفقرات القداس الإلهي, وحسب التاريخ بدأت الفقرات قصيرة ثم أخذها آباء قديسون وأضافوا عليها.
في حين يشير حرف السين إلي كون سيرته عطرة وهو كاروزنا الرائع الذي بدأ بالتبشير في أنحاء أرض مصر ثم اختتمت سيرته العطرة بدفاعه عن إيمانه القوي ثم استشهاده ليحفظ لنا الإيمان, وتقريبا في كل مكان بالعالم توجد كنيسة علي اسمه.
* روحانية الكاروز
** في اليوم الثاني بدأ الاحتفال بصلاة القداسة الإلهي ورأسه نيافة الأنبا مرقس, أسقف شبرا الخيمة, والأنبا ديمتريوس, أسقف ملوي, ثم احتفالية افتتاح المؤتمر بدخول موكب قداسة البابا تواضروس الثاني إلي قاعة مسرح الأنبا رويس وتحدث د. فوزي إسطفانوس معبرا عن سعادته بتشجيع قداسة البابا تواضروس الثاني, وسرد تاريخ إنشاء مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ والتراث القبطي.
** افتتح قداسة البابا تواضروس فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر بكلمة عن روحانية مارمرقس, متحدثا عن مقاطعة الخمسة مدن الغربية والتي يطلق عليها (وادي الإنجيل) أو (وادي الأسد) أو (وادي مرقس) أو (الثأر الليبي) وهي مسقط رأس القديس مرقس.
وفي أيقونة القديس مرقس نجد الأسد, وهذا رمز للمعجزة التي حدثت مع القديس مرقس ووالده, حيث استطاع بإيمانه التغلب علي الأسد وأنثاه.
كما تحدث قداسته عن عظمة القديس مرقس والتي ظهرت من خلال تكوينه الشخصي, مظهرا أهمية القدوة من خلال القديسة التقية مريم أم القديس مرقس التي فتحت بيتها للعبادة والصلاة, وفي منزلها غسل السيد المسيح أرجل التلاميذ, وصنع الفصح وأسس سر الإفخارستيا, واجتمع أيضا فيه التلاميذ مواظبين علي الصلاة, وذكر قداسته بأنه هذه هي البداية الأسرية التي تعطي الشحنة الأولي.
وأشار قداسته إلي أن عظمة رومانية القديس مرقس كانت نتيجة لتلمذته للسيد المسيح عن طريق القدوة, حيث يعد التعليم بالقدوة والمشاهدة أرقي أنواع التعليم.
واختتم كلمته بخلاصة ذهبية ذاكرا بأن القديس مرقس ميراثه الروحي في عظمته وروحانيته حيث ترك لنا 4 آثار مسيحية: إنجيل معنون باسمه, مدرسة الإسكندرية اللاهوتية بأبعادها, القداس الكيرلسي باعتبار أن القديس كيرلس قام بترتيبه وتنظيمه, وأخيرا كنيستنا المقدسة الأرثوذكسية المصرية, وهذا قوام نجاح الخادم أن يعيش الإنجيل, والقداس, والتعليم المستقيم.
* كرازته.. والهوية القبطية
** رأس نيافة الأنبا إبيفانيوس الجلسة الأولي حيث ضمت أربعة محاضرات، قدم أولها د. أشرف صادق بجامعة ليموج بفرنسا, الذي تحدث عن سيرة مارمرقس وألقابه ومنها كاروز الديار المصرية وناظر الإله الإنجيلى، والرسول الشهيد. وذكر من جهة النشاط الكرازى أن كرازة القديس مرقس وكرازته في العالم الذي امتد من اليهودية إلي أنطاكيا بسوريا وإلي قبرص, وآسيا الصغري تركيا حاليا, ومصر وروما والقيروان بليبيا, واستشهد بالإسكندرية عام 68, في ختام حكم الإمبراطور الطاغية نيرون أي بعد 36 عاما بعد صعود السيد المسيح, وكان يبلغ حوالي 54 عاما عند استشهاده.
** أما العالم د. صموئيل معوض بألمانيا, فقد تحدث عن مارمرقس والهوية القبطية, وعن النص العربي المنسوب للبابا ثيؤفيلس, والذي يفيد بأن الله نظر إلي العالم ووجده قد غرق في الخطية, متعهدا بذاته خلاص البشرية, واقتلع عبادة الأوثان من مصر, واستعرض الدور الكبير الذي لعبه الأدب القبطي في تأكيد شرعية بطاركة الإسكندرية بكونهم خلفاء مارمرقس خاصة بعد مجمع خلقيدونية, مثلما ذكر يوحنا, أسقف الأشمونين, والقديس مكاريوس الأسقف, وقبل استشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء سرد أمام قبر القديس مارمرقس في صلاته أسماء أسلافه من البطاركة ليثبت بأنهم خلفاء مارمرقس, وقد عرض د. صموئيل تمثالا من العاج للقديس مارمرقس ومن حوله الآباء البطاركة حتي أنسطاسيوس ويرجع تاريخه إلي عام 619 ميلادية, وفي الجوهرة النفسية ليوحنا بن صباع ذكر في تاريخ البطاركة بأن الأراخنة كانوا يحفظون رأس مارمرقس في بيوتهم, وكانوا يدفعون أموالا باهظة لاستردادها عندما تتم سرقتها, كما كان وجود رفات القديس مارمرقس جزءا رئيسيا وأساسيا في طقس سيامة البطريرك.
** وقد تحدث الأب باسيليوس المقاري عن لاهوت إنجيل مارمرقس حيث تحمل رسالته تحقيقا لما تنبأ به الأنبياء في العهد القديم مثل ملاخي ثم نبوة إشعياء النبي: روح السيد الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين.. أرسلني لأشفي منكسري القلوب وأجبر جميع كسرهم, وما أجمل أقدام المبشرين, وما يتبع إيماننا المسيحي أن كل من يؤمن نصير جميعا أبناء الله.
** أما د هاني تكلا فقد تحدث عن إنجيل مارمرقس باللغة القبطية, ذاكرا اعتقاده بأ الإنجيل قد كتب فيما بين عامي 61 و56 ميلادية, ومن خلال المراحل وحدود الأبحاث بالنسبة للنسخة القبطية ذكر بأنه يمكن تقسيم ما تم عمله من ترجمة إلي 9 مراحل: تبدأ بالقرنين 16, 17, وحتي الآن حيث تتميز كل مرحلة بخصائق معينة, كما ذكر قيام القديس حبيب جرجس بنشر طبعة في عام 1934 ميلادية, وتحدث عن المخطوطات التي احتوت علي النص الكامل لإنجيل القديس مرقس مثل الصعيدي والبحيري والفيومي.
* في الفن والأدب والليتورجية
** كانت الجلسة الثانية برئاسة نيافة الأنبا توماس وفيها تحدث د. يوحنا نسيم عن مارمرقس في الليتورجية القبطية, وعن ما تم ذكره في الدفنار, وكذلك بعض السير مثل سيرة البابا مرقس الثامن.. وتحدث الأب وديع أبوالليف عن مارمرقس في الأدب المسيحي العربي, وعن طباعته ومصادر الطبعات, وذكر بأن أول تلك المصادر كان منسوبا لأسقف تستراوه بالدلتا, أما محاضرة د. تادرس إبراها فقد تحدثت فيها باللغة الأمهرية عن مارمرقس في التقليد الحبشي في عدة مصادر.
** حاضر د. جودت جبرة, أحد المؤسسين لمؤسسة مارمرقس لدراسات التاريخ والتراث القبطي, عن مارمرقس في الفن القبطي, حيث قام بعرض نماذج نادرة من الفن القبطي من مناطق كثيرة في العالم, من بينها نموذج بالغ الصغر لخمس قطع من العام بمقاس 20سم ويرجع تاريخها للقرن الرابع الميلادي, صور الفنان من خلالها مراحل حياة القديس مارمرقس مثل شفاء يد إنيانوس, وتعميده.. وتعد هذه التحف الفنية ضمن التوثيق الأثري حيث تسجل لأحداث وأماكن لم تعد موجودة مثل المباني التي تظهر في خلفية العمل الفني.
كما عرض أيقونة ربما هي الأقدم لمارمرقس, ويظهر فيها القديس وهو يحمل الإنجيل بيديه الاثنتين ويرتدي البدرشيل علامة الأسقفية وقد كتب فوقها باللغة القبطية: أبينا مرقس الإنجيلي, وعرض أيضا لقطة من النسيج لستارة كبيرة الحجم 110سم من القرن السادس الميلادي, ويعتقد بأنها كانت تزين أحد الكنائس أو القصور, وهي حاليا بأحد متاحف أوهايو بأمريكا, وكذلك عرض أيقونة مصنوعة من سن الفيل اتفق العلماء علي أنها تمثل القديس مارمرقس وحوله 35 من البطاركة, ويرجح العلماء بأنها ترجع إلي عام 619 ميلادية, وتسجل هذه القطعة الأثرية رسالة رائعة تؤيد بأن بابا الإسكندرية هو تسلسل رسولي يرجع إلي الحقبة الزمنية المتواجد فيها القديس مارمرقس والكرسي المرقسي, كما يوجد مخطوط عن القديس مرقس بالمتحف القبطي من عام 1226-1227, ومخطوط في لندن يرجع إلي عام 1733, واختتم د. جودت محاضرته بعرض اثنتين من أعظم الأيقونات التي تصور القديس مرقس الرسول أحدهما من القرن 14 الميلادي بكنيسة المعلقة.
* أقباط المهجر
كانت الجلسة الثالثة برئاسة نيافة الأنبا مقار وشملت أربع محاضرات تحدث في المحاضرة الأولي أ. رمسيس واصف الذي يعد من الرعيل الأول المهاجر إلي الولايات المتحدة, عن تكريم أقباط المهجر في الولايات المتحدة لمارمرقس, وذكر بأن عمر الهجرة أقل من 60 عاما, وأن أول كاهن تمت رسامته للمهجر هو أبونا مرقس إلياس, والذي احتفل في سبتمبر الماضي بعيد سامته الخمسين, وعندما هاجر المسيحيون إلي أمريكا حملوا في قلوبهم حبهم لبلدهم ولكنيستهم القبطية, وفي معظم الولايات كان أولي الكنائس علي اسم القديس مرقس, وفي الوقت الحالي يوجد بالمهجر ما يقرب من 190 كنيسة منهم 31 كنيسة علي اسم مارمرقس, حيث كانت يد الله تعمل بقوة, وكانت معجزات في شراء الكنائس وآخر كنيسة جاءت هدية مجانية من الله بمعجزة حقيقية, وأصبح لدينا أسقف حيث كان تجليس الأنبا سيرابيون عام 1995, وتوجد في الوقت الحالي جريدة دولية وأيضا قناة تليفزيونية باسم لوجوس, تديرها الإيبارشية, وقد قام بتقديم عرض نادر علي الشاشة لكنائس المهجر التي علي اسم القديس مارمرقس.
** في المحاضرة الثانية, تحدث د, عاطف نجيب عن العلاقة بين الكرسي المرقسي والمسيحية في النوبة, فتحدث عن زمن البابا أثناسيوس الرسولي بين الإسكندرية والنوبة, وذهاب مقدنيوس إلي فيلة, وعن دخول المسيحية إلي النوبة, وأنه في عصر البابا كيرلس بن لقلق 1235-1242, قام بوضع عدة قوانين تجيز أخذ الكهنوت من أهل النوبة, وكان الأنبا تيموثاؤس نوبي الأصل أما عصر الرخاء في النوبة فكان من القرن التاسع وحتي القرن 12 الميلادي, ويعتبر دير قصر الوز من أكمل أديرة النوبة, أما كاتدرائية أبريم بالنوبة فقد احتفظت بكامل هيئتها ولم تتأثر لأنها تعلو سطح البحر.
** وفي المحاضرة الثالثة قدم أ. د. عادل فخري, فسرد تاريخ ثلاثة من أوائل الكنائس التي تحمل اسم القديس مرقس والأكثر شهرة, وهي كاتدرائية القديس مرقس الرسول بالإسكندرية والتي تعد أول كنيسة تقام علي أرض مصر, وقد عرفت بعدة أسماء منها: بيت إنيانوس, وعند استشهاد مارمرقس دفن أسفل الكنيسة, وأصبحت عادة دفن الآباء البطاركة بها منذ ذلك الحين, أما بالنسبة للكنيسة المرقسية بكلوت بك بالقاهرة, فكانت توجد بمنطقة المقس (ميدان رمسيس وما يجاوره حاليا), وقد عاش في هذا المكان وباركه العديد من الباباوات, وآخرهم البابا كيرلس السادس, وقد كانت هذه الكنيسة مقرا ثم مدفنا للآباء البطاركة, وتم تقديس الميرون بهذه الكنيسة أربعة مرات, منها تم تقديسه خصيصا لإثيوبيا في عام 1931, ثم مثلث الرحمات القديس البابا كيرلس السادس في عام 1967, أما الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فقد تم وضع حجر الأساس لها في عهد القديس البابا كيرلس السادس, واستكمل بناءها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث, وهي المقر البابوي في الوقت الحالي.
** اختتم المحاضرات الفنان جمال لمعي, فتحدث حول إبداعات مزاري مارمرقس بالبندقية فينيسيا – إيطاليا, وقد تحدث عن القديس مرقس كشخص مستنير ذي ثقافة درس اللغات مثل اللاتينية واليونانية وهو قدوة للشباب لتثقيفهم, ثم عرض نماذج من فنون المزارين متحدثا عنها, مثل كاتدرائية فينيسيا والتي زينت جدرانها بأكثر من أربعين ألف متر من الموزاييك والذي تتغير ألوانه ببراعة تبعا للإضاءة المسلطة عليه, ويجمع أسلوب الكاتدرائية الفني بين الفنين القوطي والروماني وتتميز أشكالها بالبساطة, وقد بنيت علي شكل صليب, وهي تحوي العديد من اللوحات التي تؤكد رواية سرقة البحارة الإيطاليين لرفات القديس مارمرقس, ويزور مزار مارمرقس أكثر من 6 ملايين سائح سنويا.
* مفاجأة قداسة البابا
** شاركت العديد من خوارس الشمامسة الكنسية في الاحتفالية بترتيل أجمل الألحان الكنسية, وكذلك قدمت فرقة المسرح القبطي بإيبارشية ملوي عرضا لمسرحية القديس مارمرقس باللغة القبطية, قدم لها نيافة الأنبا ديمتريوس حيث عبر عن تهنئته وسعادته وشكره لقداسة البابا تواضروس الثاني علي تشجيعه وتعضيده للمؤتمر وللاحتفالية ولإيبارشية ملوي التي رحب قداسة البابا بتقديمها لمسرحية كاروز الديار المصرية باللغة القبطية, كما قدم أحد أعضاء الفريق أبياتا شعرية في حب الكنيسة وحب مصر تؤكد علي تعايش كل المصريين بمحبة وسلام, وكانت العروض إبداعية شيقة, حازت إعجاب الحضور.
** وفي ختام التظاهرة العلمية الاحتفالية والمؤتمر, قام قداسة البابا تواضروس الثاني بإهداء درع كتكريم لكل من أسماء العلماء الراحلين وهم د. يونان لبيب رزق, ود. وليم سليمان قلادة, ود. سليمان نسيم, ولكل من العلماء الحاضرين د. جودت جبرة, ود. فوزي إسطفانوس وجميعهم مؤسسي مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ والتراث القبطي, وكذلك تكريم أبونا بولس حليم وأ. مريم بشارة, كما قام بمنح هدايا تذكارية للمحاضرين في المؤتمر.
** وكما عودنا قداسة البابا تواضروس الثاني أن يهبنا مفاجآته الرائعة في المؤتمرات العلمية وغيرها من اللقاءات, ختم قداسته احتفالية المؤتمر بثلاثة أخبار مفرحة تذاع لأول مرة وهي: أن الكنيسة القبطية تبني كاتدرائية في فينيسيا, ويشرف عليها نيافة الأنبا كيرلس, أسقف ميلانو, وذكر بأنه في 15 مايو عام 2013, عندما حل عيد القديس أثناسيوس, قامت فينسيا بإغلاق كاتدرائيتها لمدة 6 ساعات وأعطوها لشعبنا القبطي وصلي فيها قداسته علي مذبح القديس مرقس في عيد القديس أثناسيوس, والخبر الثاني هو الإعلان منذ شهر عن مسابقة لاستكمال الأعمال الفنية في هياكل وصحن الكاتدرائية حتي أول مارس, علي أن يتم الاحتفال عام 2018 بمشيئة الله بمرور 50 عاما علي افتتاح الكاتدرائية المرقسية في عهد القديس مارمرقس ليكون مزارا سياحيا عالميا, وأوصي قداسته بضرورة الاهتمام بالدراسات والتاريخ واللغات.