رامي سمير فرج مينا … مرشد سياحي. يحب اللغات الأجنبية، يعمل كمرشد بسبعة لغات أجنبية حية منذ 1992 ويعرف مجموعة أخرى من اللغات الميتة أو المندثرة, وهو الوحيد في مصر الذي يحمل ترخيصا رسميا للإرشاد السياحي في اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية والأسبانية والايطالية والعبرية واليابانية. يحب الدراسة وحصل على بعض شهادات دراسية من جامعات القاهرة وعين شمس وغيرها في الآثار واللغات القديمة والحديثة منها بكالوريوس وليسانس ودبلوم دراسات عليا وماجستير، ومنذ أيام حصل على في درجة الدكتوراه الفلسفة في الآثار المصرية بمرتبة الشرف الأولى عن رسالته تأثير اللغة المصرية القديمة على اللغات السامية، قابلته وطني للتعرف أكثر عن هذا الموضوع الشيقة
يقول دكتور رامي: “إن فكرة الرسالة باختصار شديد الرسالة تدرس الارتباط الواضح جدا بين اللغة المصرية القديمة ومختلف اللغات السامية (اللغة العربية، العبرية، الخ…) في مجالات المفردات والقواعد والخطوط وتدرس إحدى القواعد كنموذج.”
وتابع: “بدأت الفكرة مع دراسة الإرشاد السياحي على يد أستاذ أساتذة مصر د. عبد الحليم نور الدين منذ حوالي سنة 90 ومع بداية دراسة اللغة المصرية القديمة لاحظت أن كثيرا من مفرداتها يرتبط مع اللغات التي أعرفها فمثلا دشرت في اللغة المصرية القديمة تعنى صحراء وهى كلمة دزرت في اللغة الانجليزية و ديزير في الفرنسية و دزرتو فى الايطالية و ديزيرتو فى الأسبانية وهكذا فإن هناك الكثير من المفردات التي أعرفها بمختلف اللغات. وكنت قبل ذلك قد لاحظت بعض التشابهات عند سماعي للغة القبطية بالكنيسة قبل دراستى للغه المصرية القديمة مثل مارتيروس فى القبطية ومثلها مارتير فى الانجليزية و مارتير فى الفرنسية و مارتيرو فى الايطالية مثلا وهكذا ولكن تصورت وقتها أن مرجع ذلك يمكن أن يكون من تأثر القبطية باليونانية فقط واليوناني كما هو معروف علميا يمثل مع اللاتينية (لغة الرومان) أحد أهم لغتين مؤثرتين فى اللغات الأوربية ولكن بعد دراسة اللغة المصرية القديمة في خطها الهيروغليفى أولا مع دكتور عبد الحليم وملاحظة مفردات أخرى عديدة من اللغة المصرية القديمة نفسها وليس القبطية فقط تأكدت أن هناك علاقة لا شك.”
وأضاف: “مع التقدم بدراسة اللغة المصرية القديمة وإدراك معاني المزيد من المفردات زاد التأكد وزاد تدوينى لبعض هذه المفردات ومع محبتي للمجال وتخصصي فيه كمرشد سياحي قررت أن أتقدم لدبلومة الدراسات العليا في الآثار بآثار القاهرة حيث دكتور عبد الحليم لمزيد من الدراسة والتخصص وفى ذهني إمكانية دراسة هذا الموضوع بصورة أكبر وبالفعل بانتهاء دبلومة الدراسات العليا طلبت من دكتور عبد الحليم أن أسجل رسالة للماجستير مع سيادته في هذا الموضوع أي تأثر اللغات الحديثة باللغة المصرية القديمة.”
وتابع: “لم يستخف د. عبد الحليم كغيره بالفكره أو ينتقدها ويستبعدها أو يسخر منها كما كان شأن البعض لكنه طلب منى الدليل على كلامي بأن أحضر له 100 مثال للتأثر (مثل دشرت صحراء فى مختلف اللغات) فإن اقتنع سيقبل الإشراف. وفى اليوم التالي كان بين يديه 200 مثال وحينما درسهم واقتنع بالفكرة وتأكد من صدق الموضوع تحمس جدا للفكرة وقال لي عبارة لن أنساها إنه” ناوى يفجر قنبله بالموضوع ده”. بدأت التسجيل للدراسات العليا سنة 1995 وانتهى الأمر بمناقشة الدكتوراه في 2015 أي بعد 20 عاما من بداية التسجيل للدراسات العليا
.
وقال: “الفكرة الأساسية طبعا هي أن كثير من لغات العالم قديما وحديثا متأثر باللغة المصرية القديمة فهناك آلاف المفردات في مختلف اللغات تشهد بصورة واضحة عن ذلك. اللغات السامية القديمة متأثرة وامتد التأثير للغات الحديثة. في الماجستير تمت دراسة تأثر اللغات الأوربية باللغة المصرية القديمة عبر تأثر اليونانية واللاتينية (لغة الرومان) بها حيث حكمنا اليونان فالرومان لقرابة ألف عام (332 ق.م. حتى 641م) وفى الدكتوراه تم التركيز على اللغات السامية مع الإشارة لامتداد التأثر بكل اللغات عن الساميات.
سألته عن أمثلة أخرى، فاستطرد قائلا: ” كلمة منو مثلا تعنى أثر فى اللغه المصرية القديمة وهى مونيومنت فى الانجليزية (مع ملاحظة أن منت الأخيرة لاحقة) وهى مونيمون فى الفرنسية وهى مونومنتو فى الايطالية وهى مونومينتو فى الأسبانية
كلمة هبنى فى المصرية القديمة تعنى أبنوس أو خشب الأبنوس وهى ايبونى فى الانجليزية وايبن فى الفرنسية و ايبانو فى الايطالية و ايبانوس فى الأسبانية و ايبن هولتز فى الالمانية. وكلمة هبنى فى المصرية القديمة تعنى أبنوس أو خشب الأبنوس وهى ايبونى فى الانجليزية وايبن فى الفرنسية و ايبانو فى الايطالية و ايبانوس فى الأسبانية و ايبن هولتز فى الالمانية.
كلمة كمو فى المصرية القديمه تعنى كما وهى كما فى العربية و كمو فى العبرية وكومّ فى الفرنسيه وكوميه فى الايطالية وكومو فى الأسبانية. وعندما نقول وهن مثلا فى اللغة المصرية القديمة فهى وهن فى العربية وكاس هاى كأس وبرق هى البرق و وحات هى واحة و هنو هى هناء و تممت هى تميمة وحسب هى حسب ونجر هى نجار و مركبت هى مركبة وتم هى تم بمعنى اكتمل و مت هى ميت و نقمت هى نقمة و جنح هى جناح و عن هى عين و إدن هى أذن وياد هى يد وهكذا فى أعداد لا تصدق من المفردات وكثيرا مما ينطبق على العربية نجده طبعا بالعبرية ومختلف الساميات.”
ولكن لماذا نقول إنه تأثير مصري؟ ماهو الذي يدفعنا لأن نقول إنه تأثير مصري وليس تأثرا بأي لغة أخرى؟
فأجاب د.رامي: ” التاريخ والوثائق التاريخية هى ما يحكمنا فى تأريخ اللغات علميا. أقدم الكتابات المصرية القديمة المكتشفة يرجع لحوالى عام 3200 ق.م. ولا توجد كتابة للغة أخرى مكتشفة بالعالم أقدم من ذلك باستثناء الصراع التقليدى مع العراق الذى لديه أيضا وثائق مكتوبة ترجع لنفس الفترة تقريبا. وعليه أعتقد أن الأمر لن يخرج عن اللغة المصرية القديمة أو اللغة السومرية بالعراق. فأقدم كتابة عربية لدينا مثلا ترجع لحوالى عالم 328م تقريبا ولا شك أن الكتابة لا تعنى اللغة لكن الوثائق هى ما يحكمنا علميا وتاريخيا فلا يمكننى مثلا إرجاع اللغة الإنجليزية مثلا الى فترة ما قبل التاريخ مثلا وأقدم وثائقها المكتوبة المكتشفة حديثة.”
سألته: لماذا لم يلحظ أحد قبلا ذلك؟
قال: “بالنسبة للغات الأوربية مثلا فلأن عالم المصريات غالبا ملم بلغة أو اثنتين فإن وجد تشابها مع احدى اللغات سيعتبرها مجرد صدفة ولكن متى تمت ملاحظة التشابه مع مجموعة كبيرة من اللغات فى نفس الوقت فالأمر لا يمكن أن يكون صدفة وقد أورد إرمان وجرابو مرة بالفورتربوخ دير اجيبتش شبراخه وهو أشهر قاموس اللغة المصرية القديمة بالألمانية قديما مفردات قليلة فى اليونانية واللاتينية لاحظوا تأثرها بالمصرية القديمة على سبيل الأمانة العلمية لكن للأسف لم يعر أحد الأمر انتباها وبالنسبة للتشابه مع العربية فقد كان رائد المصريات أحمد باشا كمال أبرز من لاحظ الأمر بل وألف قاموسا ضخما من 22 جزءا كلفه سنوات طويلة من عمره يقارن فيه المفردات العربية بالمصرية القديمة وانتهى منه عام 1923 لكن -وكما تذكر مقدمة مختلف الأجزاء من قاموسه المقارن هذا والذى سمح بنشره أخيرا بعد 82 عاما من وفاة صاحبه فى نفس ستة رفض نشره- أن منهجه العلمى الذى كان يتسم بالتقريب بين اللغتين المصرية القديمة والعربية كان السبب وراء عدم طبع القاموس عند الانتهاء منه عام 1923 وتم ايقاف هذا العمل وقد مات أحمد باشا كمال فى هذا العام نفسه ولم يخرج قاموسه هذا للنور الا بعد أقل قليلا من قرن من الزمان من انتهاء مخطوطة هذا القاموس ورفض نشره بل ووفاه صاحبه جميعا فى نفس العام 1923م.
وفي نهاية حديثه ختم بشكر من دعموه قائلا: ” أكثر من دعمني د. عبد الحليم نور الدين طبعا ضد كل ما واجهنى من صعوبات أساسها رفض كثيرين لفكرة الرسالة من الأساس بمعنى عدم وجود أي استعداد لقبول فكرة أن تكون اللغة المصرية قد أثرت في غيرها من اللغات أو في بعض اللغات.”