منذ أربعة أشهر نشرنا عن امرأة شابة في الثامنة والعشرين من عمرها.. تجلس بجوار زوجها لا تستطيع تركه لأي سبب حتي لو كان السبب هو أنها تبحث له عن معين يحمل عنهما بعضا من المحنة.. وسطرنا مأساتها.. فلم تكن لديها طموحات في الحياة سوي أن تحفظ أسرتها وتربي أبناءها.. لكن الأقدار دائما ما تخذل أصحاب القناعة.. وتغرف لهم من المآسي أشدها.. وطالما طافت الشابة بزوجها ذو الـ38عاما علي المستشفيات باحثة عن غرفة للعناية المركزة.. الذي كان مالكا لمصنع تطريز ملابس حريمي.. ثم حلت النكبات بعد إصابته بالفشل الكلوي وبدأت رحلة الغسيل التي يعلم الجميع كم هي شاقة.. ثلاث مرات أسبوعيا.. ثم أصيب بسرطان البنكرياس.. الذي سريعا ما انتقل إلي العظام.. فتوقف عن العمل تماما.. أوصدت أبواب المصنع.. ولا معيل للأسرة التي لديها ولدان الأكبر سبع سنوات والأصغر خمس سنوات.
كان الزوج يحصل علي معاش عن أبيه المتوفي قيمته 500 جنيه والكنيسة تساعد بمبلغ 150 جنيه.. لكن ماذا تفعل الأسرة بـ650جنيه وكم 650 آخرين تكفي لمصروفات المدارس والمرض والعلاج والمعيشة والإيجار؟
كانت تلك بعض سطور من مأساة أسرة رحل عائلها المعذب ليلة عيد الميلاد.. حدثتني عبر الهاتف زوجته.. قالت باكية: مات زوجي بعد أن عاش معذبا تحرقه الآلام في كل لحظة.. مات ليلة عيد الميلاد.. نحن لا نعرف الأفراح ولا الأعياد.. الحزن استوطن حياتنا وما لنا سند.. لا أعلم ماذا أفعل.. فبعد أن كانت أقصي أمنياتي أن ألحق الولدين بمدارس خاصة صرت بلا سند تماما.. وتلقصت أمنياتي إلي أن أربيهما في سلام بعد أن تيتما.. فهل من معين.. فليس لي عمل ولا مورد.
أنهت السيدة الشابة حديثها الحزين.. وتركتني أصرخ إلي الله.. أولئك الذين مزقتهم المآسي يارب وليس لهم معين ملأوا الأرض وصاروا فوق طاقة الخير المحدودة فارسل من خيراتك وفض عليهم بحنوك.
=============
الفقر أشد من صقيع الشتاء
في موجة البرد العاتية.. التي ربما تتكرر مرات ومرات قبل نهاية هذا الشتاء.. وبينما نحتمي داخل بيوتنا.. ينزوي المحرومون والمعوزون ومن ليس لهم جدار يسترهم في الأزقة وخلف السيارات.. حتي أبواب المساجد والكنائس موصدة أمامهم.. بعدما خيم الإرهاب علي المشهد وآثار الذعر في النفوس.. يتجمدون ظلما وحرمانا ولا مغيث.. يهيمون في الشوارع والفقر في أجسادهم أقوي وأشد قسوة من الصقيع.. والحرمان في نفوسهم لا يعرف برد الشتاء.. والبرد يجهل قسوة الحرمان. حتي من لهم بيوت تسترهم ليست لديهم الأغطية الكافية.. ولا الاستعداد للخروج إلي العمل بملابس تحمي من نوبات البرد وتجنبهم الارتعاش وتمكنهم من ممارسة عملهم.
جاءتني مريم.. سيدة شابة.. كان أقصي طموح لها بوت ترتديه أثناء البرد.. جائتني في أوج نوبة البرد في قدميها شبشب مفتوح من كل جانب.. قالت في خجل: نفسي ألبس بوت في البرد يدفيني بس ماعنديش أجيب.. وجوزي بيخرج بدري من شغله بالبلوفر وماعندوش جاكت يدفيه.
أجعت قلبي.. وأهلكت مشاعري.. فشعرت أننا أبعد ما يكون عن المجتمع الذي يأوي أولئك المحرومون ويخرجون منه فقط ليستدرون عطف البعض أو يتسولون حنان البعض الآخر ربما يجدون فرصة لإطعام أبنائهم أو ستر أجسادهم.. يخبئون الحلم تحت جلودهم ويتسترون علي بساطة طموحاتهم غير عالمين أنهم خارج عالم الطموح وما يتمنونه إنما هو أحد الحقوق الأصيلة للمواطن.. سداد العوز.. ستر الجسد.. سد الجوع.. علاج المرض.. كلها حقوق يكفلها الوطن.. فتشوا معنا في الوطن عن ثغرة ينفذ منها البائسون خارج مدن الهلاك.
==============
عرائس في زمن العري !
مرت الأعياد وحلت الأفراح.. لكن لم تلتئم بعد الجراح.. أنهم المكلومون في كل مكان بدءا من الفقر والمرض والحرمان.. أفراحهم مغموسة في صحون الأوجاع.. يبحثون عن أبسط الأشياء لممارسة حقهم الطبيعي في الزيجة والإنجاب ولا مفر.. يجوبون الكنائس والمساجد والجمعيات الأهلية من أجل بضعة جنيهات.. أسر ضاق بها الحال حتي أنها لم تستطع تجهيز بناتها.. وفتيات لا تبتغين سوي الستر بعد أن أدركن أنهن في دائرة العوز يدورون.. وشباب لا يجدون جدران أربع خلفها يبدأون الحياة.. آباء حط العجز فوق رؤسهم.. معظمهم من قري الصعيد وعشوائيات المدن.. جميعهم يحتاجون لمن يمد يد الستر لهم في زمن العري والانزواء.. وها نحن ننشر عنهم بغير تفاصيل فخلف كل عروس قصة مريرة من الاحتياج.. وخلف كل عريس مأساة وتفاصيل طويلة من مشقة وعناء البحث عن سبيل للفرار إلي الحياة من دروب اليأس.. منهم من تبحث عن غسالة أو ثلاجة تكمل جهازها بها.. أو من يبحث عن حجرة أنتريه أو حتي ملابس.. أحلام البسطاء علي كفوف الخيرين فلا تمنعوهم من الحلم.
شكر واجب
يتقدم باب افتح قلبك للدكتور مدحت زاخر استشاري الخصوبة وعلاج العقم عند الجنسين وصاحب مركز ميرامار التخصصي لعلاج العقم بجزيل الشكر علي الجهود التي قدمها للباب وتعاونه الدائم والمثمر معنا.