طوبي للمطرودين حتي لو لم يكن ذلك من أجل البر…لأنهم من أجل غياب هذا البر بنفوس البشر طردوا…طوبي للمهملين من الوطن…والفقراء من كل أرض وكل لون وكل عرق…طوبي لمكشوفي الظهور…فلا وساطة ولانفوذ مضروبين علي بطونهم, يعضها الجوع ويعتصرها الاشتهاء لكسرة الخبز أحيانا…طوبي لمكتوفي الأيادي معصوبي العيون…لكنهم حقا يرون كيف تطال أيادي القادرين بينما يقطع العوز أذرعهم…طوبي لهؤلاء الذين شقوا بين دروب الآلام مجري بالكاد يحشرون أنفسهم فيه, ليتدافعوا عبر هذا العالم الأناني بأقل ما يمكن من العذابات.
بين أولئك المطرودين جاءنيمحب البورسعيدي منذ أكثر من شهر…اتصل بي مستغيثا …راقدا في أحد مستشفيات التأمين الصحي…يعاني من تقرحات وريدية شديدة في كلتا ساقيه…واستجبنا له ونشرنا عنه دون أن نذكر اسمه…والآن وبعد أن طلب نشر اسمه ننشر ما تعرض له بمستشفي التأمين الصحيصيدناوي بالقاهرة عقب تحديد موعد له لإجراء جراحة قد تصل إلي حد بتر أحد ساقيه…
محب شاب في الثامنة والثلاثين من عمره…لم تمنحه الحياة بقدر ما حرمته…إذ حرمته والدته موتا…ووالده غيابا ومرضا…وأخيه الأكبر غربة…وأخيرا حرمته حنان الأخ الأصغر, الذي يقسو عليه ويلفظه ويغلق خط التليفون في وجهنا حينما نحدثه عنه.
لم يعد لمحب ملجأ سوانا ومازلنا عاجزين…ذهب إلي مستشفي صيدناوي إذ أنه بالأصل عامل في أحدي المؤسسات الحكومية ولديه تأمين صحي…هناك من خلال قسم الجراحة قرر الأطباء خروجه رغم أنه لم يمر علي دخوله للمستشفي 24ساعة…توجهنا إليه ووجدنا أن الأطباء مصممين علي الخروج وطبيب الجراحة الذي أقر أن علاجه في قسم الأوعية الدموية وهو القسم الذي رفض استقباله…فتولي قسم الجراحة رعايته نوعا من الشفقة-حسب تعبير الأطباء- ليس إلا ومن غير المعروف سبب رفض قسم الأوعية لرعايته…
توجهنا إلي قسم الأوعية الذي أكد أنه لا علاج له داخل المستشفي, مؤكدين أن المستشفي من المحتمل أن يكون به ميكروبات وجروحه متقيحة تقرحات وريدية يخشي أن تلتقط أي ميكروب وعلاجه يسمي علاجا تحفظيا…إنه يتلقي العلاج منزليا بعيدا عن أي مؤثرات قد تطرأ من البيئة المحيطة…ومن يرعاه في المنزل لاأحد يعلم…
ولأنه محول من مستشفي مبرة بورسعيد لإجراء جراحة تسليك أو بتر للساق حسبما تقتضي الحالة الطبية بعد الاطلاع علي تقرير الأشعة بالصبغة…كان رد الطبيب أن أطباء مبرة بورسعيد مخطئين وهذا غير وارد وسيستمر العلاج هكذا لسنوات مع الغيار علي الجرح يوميا مع امتناعه عن ممارسة عمله ومتابعة العيادة الخارجية!!
هكذا أخبرنا سامح سعد المحامي الذي تولي-متطوعا-التفاوض مع المستشفي…والعجيب أن الطبيب يقول يجب متابعة العيادة الخارجية والرجل غير قادر علي الحركة من الأصل, وحينما سأله سامح كيف يذهب إلي العيادة الخارجية وهو لايقوي حتي علي الوقوف رد الطبيبزي ماجه المستشفي يروح العيادة.
طلبنا له سيارة إسعاف لنعيده إلي بورسعيد حيث منزله وأخيه ذو القلب الغليظ…وصلت الإسعاف بعد أكثر من ساعة ونصف الساعة, كنا خلالها قد طفنا بحثا عن دار بالقاهرة يتولي استضافته حتي لو بمقابل وليس تطوعا…الكل رفض…دور المسنين…دور الكنائس…الكل أجمع أنه لابد أن يكون بلا عائلة نهائيا…فهل أخطأنا حينما صارحنا المسئولين بحالته الاجتماعية …أم نبعثه للعلاج في إيطاليا بجوار أبيه وأخيه الأكبر أم تلقيه لأخيه الأصغر يفعل به ما يشاء..
لم نفلح وحينما وصلت سيارة الأسعاف لم يتمكن المسعفون من حمله…وغادروا في رثاء له أبلغنا أحد المسعفين قائلالو نقلتوه تبقوا بتموتوه حرام عليكم ..الشاب وزنه يزيد عن الطبيعي بما يقارب70كيلو جراما لايمكن حمله…حاول أشخاص وفشلوا عدنا إلي حيث بدأنا…محب طريح الفراش…الإسعاف غادرت المكان…المستشفي ترفض الإبقاء عليه…
بادر المحامي سامح سعد بمبادرة كانت من وجهة نظره الأمل الأخير, وهي لقاء مدير المستشفي الدكتور سيد قطب…توجه إليه سامح والتقي به….روي له ماجري فتفهم الوضع وقرر إلغاء أمر الخروج واستمرار محب تحت العلاج بالمستشفي.
عدنا إلي محب الذي غمرته الفرحة وسط آلامه المميتة…رفع رأسه نحو السماءشكرا يارب شكرا ياست العدرا..لكن الأزمة يبدو أنه لم يتم حلها إذ ابلغنا الطبيب المناوب بقسم الجراحة أنه لن يلتزم بقرار مدير المستشفي…ولن يسمح باستمراره في القسم ومدير المستشفي تخصصه قسم نساء ويظل الوضع علي ماهو عليه, ولم نجد للشاب مأوي بعد.
الفقر والوحدة والإهمال اجتمعوا علي درويش الغلابة…فحينما تشاهده تجزم أنه درويش…نقي بسيط شاكر…غير متذمر ولا هم له إلا أن يعالج ساقيه بدلا من بترهما حتي يتمكن من إعالة روحه..ومازلنا قيد الانتظار علي بوابات صيدناوي.
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
400 جنيه ماري حليم
3000 جنيه من فيض نعمتك
1500 جنيه من يدك وأعطيناك
5000 جنيه من يدك وأعطيناك
500 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه بركة الأنبا كاراس
400 جنيه بركة البابا كيرلس السادس
5000 جنيه بركة البابا كاراس
10000 جنيه من يدك وأعطيناك
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
400 جنيه ماري حليم
3000 جنيه من فيض نعمتك
1500 جنيه من يدك وأعطيناك
5000 جنيه من يدك وأعطيناك
500 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه بركة الأنبا كاراس
400 جنيه بركة البابا كيرلس السادس
5000 جنيه بركة البابا كاراس
10000 جنيه من يدك وأعطيناك