نظمت اليوم كل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر المصرى بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان مؤتمراً بعنوان “الرعاية الصحية فى خطر” حيث ناقش المؤتمر المعوقات التى تواجهة عمليات تقديم الخدمات الطبية الإغاثية حول العالم ، خاصة فى مناطق الحروب والنزعات المسلحة ، كذلك وقت الأزمات والإضطرابات ، كما تطرق إلى المصاعب التى واجهت أعمال الإسعافات فى مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير وما تبعها من أحداث فى الشوارع والميادين المصرية والتى لم تخلوا من أعمال العنف ، مما ترتب عليها إصابات متعددة المستويات ومنها سقوط مئات من الجرحى والقتلىهنا وهناك .. كما تحدث البعض عن المكتسبات التى تحققت فيما يتعلق بتطور مهام تقديم الخدمات العلاجية ، وسط لحظات الزحام الشديد ، وفى ظل ظروف تطلبت فرض إجراءات أمنية مشددة لحفظ الأمن قدر المستطاع ، هذا وقد شهد المؤتمر حضور ممثلين عن وزارات الدفاع والداخلية والصحة.
فى البداية قالت الدكتورة ماريان جاسر رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة: إن عمليات تأمين الطواقم والمنشآت الطبية وكذلك السيارات الخاصة بالإسعاف والمستشفيات المتنقلة ، امراً فى غاية الإهمية لعلاج وإسعاف الجرحى والمرضى خلال النزاعات والصراعات المسلحة فى أى مكان فى العالم ، مؤكدة أن تلك القضية ظلت محل اهتمام كبير للمجتمع الدولى منذ إقرار “اتفاقية جنيف الدولية “عام 1864. وأضافت جاسر أن المؤتمر يأتى بهدف إذكاء الوعى بالعنف ضد موظفى الرعاية الصحية، خلال فترات النزاع، وتحسين الخدمات الصحية فى كافة الظروف، ووأضحت “ماريان” أن الصراع وقت الأزمات قد يمنع الطواقم الطبية من الوصول إلى أماكن عملهم، فيما قد يتعرض المسعفون للتأخير عن تقديم الخدمات الصحية، كما أنه أثناء الصراعات والنزعات المسلحة من الوارد اقتحام الجنود للمستشفيات، بحثاً عن جنود العدو، أو لحماية انفسهم من الهجمات، مُضيفة أنه شُوهد فى كثير من الصراعات الملسحة عالمياً ، استهداف سيارات الإسعاف، أو استخدامها بشكل غير شرعى، منوهة أن الظروف الأمنية قد تحول دون حصول المرضى على الرعاية الطبية.
وأكدت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة إلى أن حوادث استهداف القوافل الطبية لها تداعياتها الخطيرة ، وقالت : إذ ربما يتخلى موظفى الرعاية الصحية عن عملهم، كما أنه من الممكن توقف القطاع الصحى بالكامل فى أماكن النزاعات والكوارث، معتبرة هذه الظروف أنها قاتلة بالنسبة للمرضى والجرحى، كما تؤدى إلى تدمير النسيج الإجتماعى ووقف أنشطة إعادة إعمار المجتمعات . مشيرة إلى أن الهدف من اللجنة تقديم المساعدة للمرضى والجرحى بغض النظر الجنس أو الدين أو اللون أو الإعتقاد السياسى أثناء حالات النزاعات والعنف، بالإضافة إلى تخفيف المعاناة عن المجتمعات المتضررة، بالإضافة إلى العمل فى تعزيز وجود اللجنة الميدانى فى حالات الكوارث والنزاعات، لافتة إلى أن اللجنة قررت فى هذا الصدد التعامل مع العوامل السابقة، من خلال التشاور مع المتخصصين.
واستطردت الدكتورة ماريان جاسر رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالقاهرة قائلة : إن اللجنة بالتعاون مع جمعيات الصليب الأحمر، سترفع تقارير فيما يتعلق بأوجه التقدم الذى تم تحقيقه وذلك خلال المؤتمر الدولى الـ”23″ ، المزمع انعقاده فى نهاية 2015، مؤكدة أن مسئولية منع استهداف قوافل الرعاية الصحية، تقع بالدرجة الأولى على عاتق الدول والأطراف المنخرطة فى النزاعات.
التنسيق الميدانى
ومن جانبها قالت الدكتورة مؤمنة كامل الأمين العام لجمعية الهلال الأحمرالمصرى : اليوم نؤكد على أهمية حماية الأفراد والمنشآت الصحية والقائمين على إدارتها ، جنباً إلى جنب التنسيق الميدانى بدعم من وزارتى الصحة والدفاع فيما يتعلق بتيسيرات تقديم الخدمات الطبية العاجلة و الإغاثية وقت حدوث الخطر,منها تيسير وصول سيارات الإسعاف للأماكن التى تتطلب تدخل طبى سريع ، مؤكدة أن الوعى الجماهيرى أصبح يُشكل أثراً كبيراً فى تحقيق ذلك ، مشيرة إلى أهمية التعاون بين كافة الهيئات الطبية المعنية سواء على المستوى المحلى أو الدولى وبالتكاتف مع المؤسسات الأكاديمية المختلفة .
وكان الدكتور عادل عدوى وزير الصحة والسكان قد أشار فى بداية المؤتمر إلى أن الدور الذى قامت به هيئة الإسعلف المصرية فى أعقاب 25 يناير وما أعقبها من أحداث دامية شهدتها العديد من الميادين المصرية ، منوهاً أن هيئة الإسعاف وفرق العمل الطبى هى فخر لكل المصريين ، وأضاف : كما أن هيئات التمريض المصرية عملت فى ظل ظروف صعبة للغاية .
عجز فى عدد أطباء الطوارىء
وأوضحت الدكتورة جيهان رمزى مدير تدريب طب الطوارىء بقطاع الرعاية الصحية بوازة الصحة قائلة : لا يُخفى على أحد أن مواجهة الأحداث الطارئة فى الفترة السابقة واجهتها الكثير من التحديات ولكن بجهود الهلال الأحمرالمصرى واللجنة الدولية للصليب الأحمر ، تم التغلب على الكثير من العقبات منها مسألة العجز فى عدد الأطباء الذين يعملون فى مهمات الطوارىء بل وفى كل افرع الطوارىء ، كذلك الأمر فيما يتعلق بالتمريض . مشيرة إلى ارتفاع نسبة العدوة بين أعضاء الفرق الطبية المُعالجة فى الفترة السابقة ، كما نالت أقسام الطوارىء بالعديد من المستشفيات بالكثير من التعديات سواء فى القاهرة أو المحافظات من قبل عناصر إجرامية وعدوانية ، منوهة أن تلك الأحداث انحسرت إلا فى سيناء .. وأضافت : فهنا يكمن دورنا فى تخطى كل هذه المعوقات لإنقاذ المُصابين . مشيرة إلى إصابة مدير مستشفى المنيرة “بسلاح أبيض ” فى يده ، كما تعرض حوالى 822 طبيب لحوادث متنوعة ، هذا فضلاً إلى التعديات التى تعرضت لها المنشأىت الطبية ، منها مستشغى أحمد ماهر ، كما شهدت بعض المستشفيات اعمال سرقة للأجهزة الطبية مثلما حدث فى القصر العينى ، وفى مستشفى كفر الزيات تم إشعال النيران بها .. مؤكدة على ضرورة بناء منظمة إسعافية طبية أكثر كفاءة ، خاصة وأن مصر تُصنف من أكثر الدول عالمياً فى حوادث الطرق .. مشيرة إلى فرق الإنتشار السريع فى الحوادث الطارئة التى تتطلب تدخل سريع .
كما أثنت الدكتورة جيهان رمزى على قرار رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة المتعلق بتقديم العلاج الفورى لأى حالة خلال الأحداث الطارئة خلال 24 ساعة ، مما سيجعل كل المستشفيات بما فيها الإستثمارية لا ترفض تقديم العلاج للحالات التى ستتردد عليها خلال أى أحداث طارئة .
هيئة إسعاف مركزى خاص بالقوات المسلحة
من جانبه أكد اللواء طبيب عصام القاضى مساعد مدير الخدمات الطبية للقوات المسلحة أن القوات المسلحة تخطط حالياً لإنشاء هيئة إسعاف مركزية خاصة بها، مُشيداً بالإمكانيات الجيدة التى تمتلكها هيئة الإسعاف التابعة لوزارة الصحة، فضلاً عن كوادرها المدربة على أعلى مستوى، مبدياً رغبته فى إنشاء هيئة إسعاف عسكرى، وتدريب كوادرها، على نحو يحاكى نموذج وزارة الصحة. مشيراً إلى وجود إشكالية تتعلق بآداب مهنة الطب، موضحاً أن القوات المسلحة، وضعت استراتيجية للتغلب على كل إشكاليات الرعاية الصحية، والتى تتمحور حول توفير فرص جيدة للتدريب، تبدأ بالإسعافات الأولية ورعاية ما قبل مرحلة المستشفيات، ثم الدعم المتقدم للإصابات وتهيئة الفرص للتدريب فى الخارج.
القبول المجتمعى .. والألتزام بالحيادية
وتحدثت الدكتورة نهال حفنى منسق البرامج والمشاريع بالهلال الأحمر عن دور الجمعيات الوطنية فى تعزيز سلامة وأمن الخدمات الصحية ، مُشيرة إلى التحديات التى تم مواجهتها فى الميدان خلال الفترات الماضية ، ومنها التعدى على فرق الإنقاذ الطبى ومُقدمى الخدمة الصحية ، مشيرة إلى أن ذلك يحدث بصفة عالمية لكنه بنسبة 1% طبقاً لدراسة أعدتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر “ICRC” ، كذلك تعرض المنشآت الصحية للإعتداء .. وأضافت : كما أن هناك نقصاً عالمياً فى عدد مقدمى تلك الخدمات سواء بسب الإصابة أو لأسباب تتعلق بالقلق ، ومن ناحية أخرى يتعرض يتعرض الكثير من الأطفال لحرمانهم من التطعيمات نتيجة التعدى على مقدمى الخدمة وكذلك المنشآت الطبية مثلما حدث فى باكستان .
وأكدت د.نهال حنفى على أهمية القبول المجتمعى لأعمال الإغائة المقدمة لذويهم مع التأكيد على مبدأ الحيادية التامة بالنسبة للفرق مقدمة الخدمات العلاجية فى أى مكان يعملون به تجاه متلقى الخدمات الطبية ، مشيرة إلى أن الخدمات الطبية يجب أن تكون مُؤمنة إلى أقصى درجة حتى تؤدى واجبها .. منوهة إلى أن وسائل التواصل الإجتماعى يُمكن أن تلعب دوراً كبيراً فى تقوية الشعورالعام العالمى تجاه الدور الحيوى الذى تقوم به المنظمات المعنية بهدا الأمر .
“أطباء بلا حدود” وعالمية المشكلة
وأوضح يواكيم ديلفيل من منظمة “أطباء بلا حدود “أن العنف ضد مُقدمى الرعاية الصحية بإعتباره مشكلة عالمية ، ومنها الأضرار الغير مقصودة فى مناطق النزاعات المسلحة والتى هى فى الغالب من قبل منظمات إرهابية مناهضة لحكومات هذه البلدان ، مشيراً إلى فقدان 14 من زملاءه ، بالإضافة إلى خطف 40 آخر خلال الفترة الماضية ، مؤكداً أن الجُناه فى هذه الأحداث إما أنهم من الذين يعتقدون أن المنظمة تنحاز مع طرف ضد طرف أخر وهذا غير صحيح ، كذلك المرضى الغير راضين عن الخدمات الطبية المُقدمة .. وأضاف : إننا نعمل مع مجتمعات تنتمى إلى العديد من الثقافات المختلفة وكذلك الحضارات المختلفة ، والتى تتفاوت بينها العادات والتقاليد ومنها أثناء تعاملهم مع وباء “الإيبولا ” فى بعض الدول الأفريقية ، وهذا يجعلهم يستعينون حتى بعُلماء الأنثربولوجى لتحدبد الطرق الانسب فى التعامل مع مثل هذه الثقافات .
الجدير بالذكر أنه خلال فترة المؤتمر تم عرض أكثر من فيلم قصير تناول أعمال الإغاثة حول لعالم ، حيث تم إبراز العديد من التحديات التى تواجة مقدمى الخدمات الطبية التابعين للجنة الدولية للصليب الأحمر ، كلك النجاحات التى حققتها على أرض الواقع فى أوقات النزاعات المسلحة .