إدمان الميديا من أهم القضايا التي يثيرها التقدم المذهل للتكنولوجيا الحديثة، فلا يكاد يخلو بيت واحد أو أسرة واحدة من مناقشات حادة بين الآباء والأبناء حول انفراد كل فرد من الأسرة بجهاز كمبيوتر أو I pad أو حتى موبايل، والجلوس أمامه أو بالأحرى “معه” لساعات طويلة دون الالتفات إلى الآخرين، وقد تفاقمت الظاهرة حتى أخذت صفة الإدمان… إدمان الميديا.
كان إدمان الميديا هو موضوع المؤتمر السادس لمطرانية الجيزة لمكافحة الإدمان الذي عقد في المطرانية يوم السبت 8 نوفمبر. وقد حضر المؤتمر لفيف من الآباء الكهنة والخدام منهم 17 كاهناً و20 خادماً وخادمة من خدام الإدمان في المطرانية، و3 خدام من مركز الحياة الأفضل و7 خدام من قناة CTV، و160 خادماً وخادمة من كنائس الجيزة.
بدا المؤتمر بمحاضرة ألقاها نيافة الأنبا ثيئودوسيوس أسقف الجيزة، وكان موضوعها “تأثير إدمان الميديا على الفرد والأسرة من الناحية الروحية والاقتصادية والأسرية”، وقد ركز نيافته على أن إدمان الميديا هو مضيعة للوقت ومتعة زائفة تؤدي إلى التفكك الأسرى بجانب التعب الجسدي، والمشاكل الأخلاقية التي تنتج عن إدمان المواقع التي تنشر الأفكار المغلوطة والعادات الخاطئة؛ وقد يصل الأمر إلى أن مدمن الميديا يلجأ إلى الكذب والعمل في الخفاء، ومعاملة الوالدين بشكل سيء، والانصراف عن الأنشطة البناءة مثل الرياضة والعلاقات الأسرية والكنيسة.
تلا ذلك محاضرة للدكتورة سلوى سامي استشاري الأمراض النفسية والعصبية وعلاج الإدمان، التي طرحت سؤالاً غاية في الأهمية وهو “هل أنت مدمن أم لا؟” أوردت دكتورة سلوى 14 سؤالاً ينبغي لمستخدم الميديا الإجابة عليها ليعرف ما إذا كان مدمناً أو فى طريقه إلى الإدمان. تبدأ الأسئلة بأول شيء تفعله صباحاً عند الاستيقاظ: هل هو الدخول على الميديا؟ كم ساعة تقضيها على الميديا في غير غرض العمل؟ أي المواقع تدخلها؟ هل تريد إنهاء أي عمل أو حديث سريعاً للدخول على الميديا؟
نبهت الدكتورة سلوى إلى أن على الإنترنت الآن ما يدعى مخدرات رقمية ومنها موسيقى تؤثر على المخ البشري نفس التأثير الذي تصنعه المخدرات، مثل الحشيش وخلافه يتعرض لها المستخدم لفترة زمنية محددة ثم يتم إعادتها على فترات منتظمة حتى يدمنها الفرد، وهو شيء في منتهى الخطورة.
ألقى دكتور مجدي إسحق أستاذ دكتور الأمراض العصبية والنفسية في كلية طب قصر العيني محاضرة ثالثة عن “الميديا ما لها وما عليها”؛ حيث عدد فوائد الميديا في العلم والأبحاث والعمل والكتابة وحفظ المعلومات والاتصالات.. لكن في المقابل تؤدي الميديا إلى حالة إدمان أخطر ما فيه أنه غير مرفوض أو مجرم من المجتمع لذلك لا يؤدي إلى أي نوع من تأنيب الضمير، رغم أنه يتسبب في تدمير العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يقود إلى الضعف الروحي. ونبه دكتور مجدي إلى أن إدمان الميديا يؤدي إلى مرض نفسي يدعى مرض “الآن” لأن مستخدم الميديا يعتاد الاستجابة الفورية لكل مطالبه في صورة ردود أو مكافآت في حالة المسابقات والألعاب الإلكترونية شديدة الانتشار.
بعد المحاضرات قام نيافة الأنبا ثيئودوسيوس بتوزيع الشهادات والهدايا على الحاصلين على دراسة مركز التدريب من الدفعة الدراسية السابقة، وتم الإعلان عن بدء الاشتراك في الدراسة الجديدة لهذا العام لمركز التدريب في المطرانية بالاشتراك مع مركز الحياة الأفضل.
شمل المؤتمر معرضاً للوحات والرسومات تبين الاستخدام الصحيح وترفض الاستخدام الخاطئ للميديا، وتم تقديم مجموعة ترانيم للنشء تشجع التفكير قبل استخدام الميديا وطريقة الاستخدام الصحيح لها.
وأخيراً قام نيافة الأنبا ثيئودوسيوس بتوزيع الهدايا التذكارية على الحاضرين.
قدم المؤتمر الشكر للأنبا ثيئودوسيوس لاهتمامه الشديد بخدمة مكافحة الإدمان، وللدكتورة ناهد فهيم مدير مركز الحياة الأفضل في مدينة نصر للمساعدة الجادة والكريمة في هذا المجال.
تقوم خدمة مكافحة الإدمان في مطرانية الجيزة بالتوعية بمخاطر الإدمان، والتدريب للخدام وعلاج ومتابعة التأهيل لحالات الإدمان.
يشرف على الخدمة القمص يوحنا فايز كاهن كنيسة الشهيد العظيم أبو سيفين في المهندسين، ويعاونه القس مرقوريوس إسحق كاهن كنيسة مارمرقس بالجيزة والقس نثنائيل إدوارد كاهن كنيسة مارجرجس في نزلة السمان، والخادم مايكل إبراهيم وعدد كبير من الآباء الكهنة والخدام في إيبارشية الجيزة.
وطلبت “وطني” تصريحاً خاصاًّ من القمص يوحنا عن الخدمة والمؤتمر، فكان كل ما قاله هو “بعد هذا المؤتمر نطلب صلواتكم من أجل هذه الخدمة”.