في بداية عظته اأسبوعية ، تحدث قداسة البابا تواضروس الثاني عن فعاليات الزيارة التي قام بها على رأس وفد كنسي إلى روسيا ، بقوله ” نشكر الله الذي أعطانا أن نقوم بزيارة إلى روسيا وإلى الكنيسة الروسية الأرثوذكسية، وهذه الزيارة كانت زيارة محبة للكنيسة الروسية وتعارف مع صاحب القداسة البطريرك الروسي البطريرك كيريل، وكيريل هي كيرلس بالنطق الروسي وهو بطريرك موسكو وكل روسيا”.
وأضاف:”لقد زار المتنيح البابا شنودة الاتحاد السوفييتي في عام 1972 لشكر الكنيسة على مشاركتها في حفل التنصيب سنة 71 – تنصيب البابا شنودة – وكانت الزيارة الثانية 1988 للمشاركة في احتفال الكنيسة الروسية بمناسبة مرور ألف عام على مسيحيتها ومعموديتها”.
وتابع قداسته:”كان وفد كنيستنا مكون من عشرة أفراد؛ أب مطران وأربعة آباء أساقفة من أمريكا وإنجلترا وإيطاليا ومصر، وأب راهب واثنين من الآباء كهنة ورئيسة دير وأستاذ شماس، أستاذ التاريخ في معهد الدرسات القبطية، وهو وفد يمثل الكنيسة القبطية بكل قطاعاتها، حيث قضينا سبعة أيام في رحاب الكنيسة الروسية، وتقابلنا فيها مع قداسة البطريرك ومع بعض الآباء المطارنة والآباء الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات، ورؤساء ورئيسات الأديرة، وزرنا مجموعة كبيرة من الكنائس والأديرة”.
وأشار إلى أن روسيا بها 800 دير للرهبان والراهبات وفيها مئة ألف راهب وراهبة، وروسيا فيها أكثر من مائة ألف كنيسة، رغم أنها ظلت تحت الحكم الشيوعي من عام 1917 حتى بداية التسعينيات، وقاسوا ألوان العذاب والاضطهاد والقتل والتعذيب والاستشهاد، والقصص هناك مؤلمة ولكنها مفرحة في ذات الوقت لأنها حفظت إيمانها قوياً، فعلى سبيل المثال في إبان الحكم الشيوعي وجدوا كاتدرائية فخمة باسم “المسيح المنقذ” ولكن الحكم الشيوعي رآها ترتفع قليلاً عن مباني الكرملين ففجروها! وحولوا أرضها إلى حمام سباحة، ولكن دارت الأيام وانتهى الشر وانهارت الشيوعية وجاءت الحكومة الجديدة بداية التسعينيات، وبدأوا في بناء الكاتدرائية التي تسمى “المسيح المخلص” أو “المسيح المنقذ” في نفس مكانها وبأبعادها وافتتحها قداسة البطريرك منذ سنوات قليلة.
وقال:”وجدنا في الأديرة أحد التقاليد القديمة جداًّ وهو تقليد “العيش والملح”، وعندما كنا نصل إلى دير يخرج رئيسه أو رئيسته ليقدم لنا فطيرة على صينية وفي وسطها وعاء صغير فيه ملح، وكان لزاماً علينا – قبل دخولنا الدير- أن ناخد جزءاً من هذه الفطيرة والملح ونأكله، وهذا تقليد العيش والملح المعروف لدينا”.
وأضاف:”الملاحظ في كنائس روسيا كلها أنه لا يوجد (كنب) أو مقاعد للجلوس، فهم يقفون بالساعات الطويلة في الصلوات، ورأينا كنائس كثيرة وفي أيام مختلفة – غير يوم الأحد – مليئة بالمصلين وكبار السن الآباء والأمهات والجدات والجدود وأيضاً شباب وأطفال، رأينا في أديرة الراهبات ملجئاً يربون فيه الأيتام، وبعض الأديرة يوجد فيها مصحات أو عيادات صحية، كما اطلعنا على أنشطة كثيرة في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية واتفقنا على عمل لجنة مشتركة يرأسها من الجانب الروسي نيافة المطران هيلاريون، وهو مسئول الشئون الخارجية في الكنيسة الروسية مع نيافة الأنبا سيرابيون أسقف الكنيسة القبطية في إيبارشية لوس أنجلوس، وفعلاً تقابلا وتتشكل حالياً لجنة لأجل بحث أوجه التعاون بين الكنيستين”.
أوضح قداسته:”كان لنا حوار سابقاً – منذ عدة سنوات بين الكنيستين وتوقف لأسباب عديدة – وهو حوار لاهوتي، إلا أننا فضلنا توسيع دائرة العمل مع هذه البلاد الواسعة الكبيرة والتي تعتبر أكبر كنيسة أرثوذكسية في العالم وفيها أكثر من مائة وعشرين مليون أرثوذكسي”.
وأشار إلى أنه أيام الحكم الشيوعي تحولت الكنائس إلى متاحف ومخازن؛ بل وإلى ورش للميكانيكا، دخلنا دير للزيارة قالوا إنها لم ترمم بعد لأنها كانت ورشة ميكانيكا لتصليح سيارات!
نشكر الله الزيارة كانت طيبة”.
وأعلن قداسته أنه تم إصدار كتاب عن العلاقة بين الكنيستين القبطية والروسية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين – بمناسبة الزيارة – أعده الدكتور إسحق عجبان، الأستاذ في معهد الدراسات، والكتاب صدر باللغتين العربية والروسية وتمت ترجمته قبل السفر مباشرة، مضيفاً “كانت فرصة طيبة أن نقدمه لكل المسئولين”.
وتابع:”زرنا ورأينا المعهد اللاهوتي – يماثل الكلية الإكليريكية عندنا – في أحد الأديرة وفيه يدرس ألف طالب إكليريكى، والألف طالب مقيمون ولهم نظام رائع في الصلوات، في الدراسة، في السفر، في المعرفة وفي الالتزام القوي جداًّ، وكما نقول في تعبيرنا الحلو (المحبة حلوة) والعلاقات طيبة، وهم يكنون لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية محبة عالية جداًّ ووجدنا ترحاباً واستقبالاً وعشقاً لآبائنا القديس الأنبا أنطونيوس – أب جميع الرهبان، والقديس مكاريوس، والقديس باخوميوس آباء الرهبنة، وكثيرون ممن زرناهم يتمنون أن يأتوا في المكان الذي فيه دير الأنبا أنطونيوس، وإذا أراد ربنا وعشنا ستكون هناك فرص للزيارات المتبادلة بين الآباء الأساقفة والمطارنة وبين الكهنة والرهبان والشمامسة والراهبات والدارسين في المعاهد اللاهوتية والإكليريكيين وسيكون لها نظام، وهذا انفتاح طيب بأن تكون لنا علاقات محبة مع الجميع”.
وأكد أنهم – هناك – يجتهدون في تجميل الكنائس حتى أن الكنائس هناك بارعة الجمال، سواء من الخارج أو من الداخل، ففي كنيسة واحدي وجدنا أيقونات في داخلها بالموزاييك مساحتها سبعة آلاف متر مربع، موضحاً “بعكس الحال في مصر عندما نصمم أيقونة موزاييك تكون في حدود خمسة أمتار أو عشرة أمتار على الأكثر والأيقونات موجودة في كل مكان، ومحبتهم وعشقهم للفن الروسي الكنسي عشق بالغ الأهمية، وأقول لكم إن كل الهدايا التي قدمت لنا عبارة عن أيقونات، ونحن أيضاً كانت هدايانا عبارة عن مشغولات وأيقونات من أديرتنا القبطية”.
وأضاف مكرراً:”نشكر الله على هذه الزيارة الطيبة وأرجو أن تكون لها ثمار كثيرة في حياة كنيستينا القبطية والروسية، وكما تعلمون أن الكنيسة القبطية هى كنيسة أرثوذكسية لا خلقدونية والكنيسة الروسية خلقدونية، وهناك حوار لاهوتي وتوجد كنائس تسير على نفس النمط مثل روسيا ومثل الكنيسة اليونانية والبيزنطية بصفة عامة، ونحن كنائسنا معروفة مثل القبطية والسريانية والأرمنية، وكان لنا فرصة أن أصلي القداس في الكنيسة في سان بطرسبرج، وهذه المدينة هي التي كانت تسمى لينينجراد، وكلمة (جراد) بالروسي تعنى مدينة – أي أنها مدينة (لينين) الزعيم الروسي الأسبق – وطبعاً غيروا الاسم وأعادوها لاسمها القديم وهو القديس بطرس، وهذه المدينة من فخامتها وعظمتها قررت اليونيسكو أن ترعاها وجعلتها من التراث العالمي وكل مبانيها تقريباً بنفس الشكل، كما صلينا قداساً في رحاب كنيسة الأرمن وصلينا قداساً آخر في موسكو في رحاب كاتدرائية الأرمن الأرثوذكس بمحبة كبيرة، وأيضاً قمت بتعميد أول طفل – أمه روسية وأبوه قبطي – واسمه كيريل، وكان هذا أول طفل قبطي نعمده في الكنيسة الأرمنية ونحن نصلي القداس القبطي”.
وختم بقوله:”نشكر الله على نعمه الكثيرة، ونشكر الله أن تكون لكنيستنا علاقات طيبة مع كل كنائس العالم بدون استثناء، نحيا في محبة ونقدم المسيح الذي فتح ذراعيه على الصليب، ونادى لكل العالم، ونقدم كنيستنا بتراثها بتاريخها بآبائها بقديسيها برهبنتها بمعلميها، نقدمها أيضا لكل العالم”.