الأعياد فرصة للراحة والاستجمام، وتجديد الطاقة، والترفيه عن النفس، كل شعوب العالم لها أعياد تحتفل بها وتفرح وتستجم وتستعد لعمل المستقبل.
المصريون أول شعب عرف الأعياد، منها الدينية، ومنها الطبيعية مثل شم النسيم، أول عيد للاحتفاء بالطبيعة والتمتع بها، كانت أعيادهم حضارية يتمتعون ولا يسيئون إلى الطبيعة أو إلى أنفسهم، ويخرجون منها أكثر نشاطاً وحيوية.
مازال المصريون يحتفلون بالأعياد، لكن هناك عادة سيئة، بل سيئة جداًّ، يمارسونها هذه الأيام، وهي إطلاق الصواريخ وفرقعة البمب والألعاب النارية وغيرها من الألعاب المزعجة التي تجعلك تنتفض وأنت داخل بيتك، وربما تصاب بسوء من شدة الإزعاج أو قوة صوت المفرقعات، ثم من الطبيعي أن يخاصم النوم جفونك، فكيف تنام وأنت شبه معركة؟ تأتيك أصوات المفرقعات من كل اتجاه: طاخ.. طراخ.. طوخ.. بوم.. ولا يشعر الأطفال ولا الشباب الذين يستخدمون هذه الألعاب النارية المتفجرة بخطورتها، أو أثرها على المرضى وكبار السن والأطفال والنساء! هم يهتمون بسعادتهم فقط وإشعال الصواريخ وفرقعة البمب الشبح، فقد كان البمب قديما صغيراً صوته ضعيفا، أما الآن فلا تستطيع أن تفرق بين صوت البمبة والقنبلة، والمصيبة أننا نعاني من الإرهاب الأسود الذي وصل إلى بيوتنا وبالتالي فإن أي صوت فرقعة يخيفنا ويرهبنا، والغريب أن هؤلاء الصبية أو الشباب الذي يحتفل باستخدام المفرقعات لا يعي حالة الناس وخوفهم وعدم تفريقهم بين احتفالات العيد والآعمال الإرهابية الإجرامية.
الحقيقة أن هذا الرعب الذي يمثله احتفال الناس بالعيد مستمر طوال أيام السنة عن طريق الأفراح والليالي الملاح والحج والسبوع والميلاد… الخ، الناس في بلدي مصر المحروسة والقاهرة الساحرة، وكل مدن الجمهورية يحتفلون يومياًّ بزواج أحد أفراد الأسرة، ولا يحلو احتفال الزواج وفرحة أهل العروس والعريس إلا باطلاق الأعيرة النارية وطلقات الرصاص الرهيبة، والألعاب النارية المخيفة، وكثيراً ما حدث أن أصيب أهل العريس أو العروس، بل قتل أحدهم في الحال وتحول الفرح إلى مأتم! حدث هذا كثيرا ويحدث وسيحدث ما دمنا لا نأخذ الأمور بجدية وحزم واحترام لآدمية الإنسان.
في السنوات الثلاث الماضية وجد خبراء التفجير صعوبة في التفريق بين صوت الصواريخ وصوت طلقات الرصاص، وهذا ما يصيبنا بالرعب فإذا كان الخبراء لا يستطيعون التفريق فما بالك نحن الشعب إذن؟ إنه الرعب الحقيقي!
من الحوادث الخطيرة لاستخدام البمب والشماريخ والصواريخ فقدان طفل لأصابعه نتيجة انفجار صاروخ فى يديه! وطفل آخر فقد بصره من أثر البارود المتطاير من الصواريخ.
هذا الخطر الداهم الذي أضاع علينا بهجة العيد، ويدفع الخوف في نفوسنا طوال العام من الاحتفالات والأفراح يجب أن يكون له نهاية، فالشعب يجب أن يفرح في سلام وأمان لا في خوف ورعدة، ويجب أن يطمئن الآباء على أبنائهم ومرضاهم. العجيب أن هناك قانون يمنع استخدام هذه الألعاب النارية والرصاص والبمب والصواريخ والشماريخ، لكن كالعادة القانون دائماً في أجازة وقد سافر إلى الخارج.
ونحن نبني مجتمعنا من جديد هل لنا أن نطبق وننفذ القانون، ونمنع هذا الوباء المتسلط على مجتمعنا والذي يسيء إلينا ويحول أفراحنا أحيانا إلى مآتم ومصائب.
نريد تفعيل القانون ومنع استخدام الألعاب النارية بأنواعها في أي مناسبة، ويجب على أولياء الأمور والآباء والأمهات تربية الأبناء على كيفية الاحتفال، في سلام وهدوء، فالهدوء نعمة، وهناك دور كبير للإعلام بالطبع وكذلك دور العبادة.
هكذا ضاعت بهجة العيد يا ولدي وهل تصدق أني انتفض ويهتز القلم في يدي بين الحين والآخر، من الرعب الذي تسببه هذه الأصوات المزعجة العالية، والذى يهز حتى حوائط الحجرة التي أجلس فيها؟!