سألتني قارئة: لماذا تستهين بالمرأة دائماً وتعتبر كل عملها في الحياة هو طهي وإعداد المحشي؟
ابتسمت للسؤال وقلت لقارئتي العزيزة.. أنا مستحيل أن أستهين بالمرأة، بل أنني أتضايق جداًّ من الذين يستهينون أو يقللون من مكانتها، فالمرأة هي نصف الدنيا، والواقع أنها أم الدنيا، ودورها خطير ومهم جداًّ في الحياة.
ثم أنا حفيد الفراعنة والحضارة المصرية القديمة أعطت المرأة كل حقوقها واحترامها كالرجل تماماً، وعرفت المرأة المصرية القديمة العمل في عدة مجالات مثل النساجة والخبازة والقابلة وكبيرة الكاهنات والطبيبة؛ بل إن التاريخ يذكر أول طبيبة مصرية عرفت فى التاريخ المدون هي: بيشيشيت التي نالت شرف أن تكون رئيسة الأطباء، كذلك كان من حق المرأة أن تكون شاهدة في المحاكم ومحررة للعبيد، أما إذا مثلت أمام المحكمة- لأي سبب – فإنها تمثل نفسها دون حضور قريب أو ممثل عنها من الرجال.
من منا إذن لا يحترم المرأة المصرية المعطاءة، وهذا هو تاريخها وحضارتها؟!
أما حكاية طهي المحشي هذه، فإن الرجال يتفكهون بها، ثم ما العيب في أن تعد المرأة المحشي؟!
أليس المحشي طعاماً مفيداً لذيذاً يقبل عليه الجميع؟
ألسنا جميعا نحب بل نعشق المحشي بشتى أنواعه وألوانه؟ بل إن المرأة الذكية الموهوبة هي التي تعرف صناعة المحشي بأنواعه.. الكرنب، الكوسة، الباذنجان، الخس، ورق العنب الذي يطلقون عليه في تركيا، دولما، هناك محشي البصل وقد تمتعت به قبل ذلك ولكن قليل من النساء تعرفه، كذلك هناك محشي البطاطس والبيض، ثم أليس الممبار هو نوع من المحشي؟
المحشي طعام مفيد جداًّ وصناعته تحتاج إلى إتقان وصبر، ومن هنا تهرب معظم النساء من إعداده هذه الأيام وتعتمد على الجاهز والمطبوخ، لكنه لن يكون بطعم المحشي البيتي الذي تتفنن ست البيت في إعداده وتحويجه وتحبيشه، وأحيانا تضع قطعة صغيرة من اللية على الحلة حتى تعطى طعما ونفسا يدفع الرجال لأن يأكلون أصابعهم وراءه بالهناء والشفاء.
يبدو أن الحديث عن المحشي أخذنا عن سبب الحديث عنه هو المرأة التى يتهمها الرجال والكتاب دائما أنها لا تصلح إلا فى عمل المحشي، وهذا ظلم لها بالطبع، فالمرأة منبع الحنان ومصدر الحب وأصل العطاء ومخزن الصبر وجوهر الجمال وأصل الكون، من هنا فهى تعمل كثيرا فى شتى المجالات مثل الرجل تماما، ومنها العبقرية التي اكتشفت علاجاً لبعض الأمراض مثل، 1867-1934 العالمة ماري كوري التي اكتشفت مادة الراديوم Radium وفازت بجائزة نوبل مرتين.. دور المرأة لا يستطيع أي إنسان إنكاره، من ينكره لابد أن خبرته ضئيلة ومتواضعة بالحياة.
وحتى نكون موضوعيين فإن هناك قلة من النساء لا يتحدثن إلا في عمل المحشي.. ولا يأكلن ويتناولن إلا المحشي، ولا يعملن إلا المحشي، وتجد المحشي في كل حياتهم لدرجة تجعل الآخرين يهربون من الحديث معهن، وهن قلة كما قلت لكنها قلة تسيء للنساء ككل، ومن هنا يقول البعض أن النساء لا يصلحن إلا في عمل المحشي، وهذا ظلم للمرأة بعامة، وليت هذه القلة تعرف أن المحشي طعام محبب لذيذ مهم كجزء في حياتنا، لا في كل حياتنا وقيامنا وجلوسنا. وعلى الرغم من هذه القلة، فنحن نحب بل نعشق المحشي.