المواجهات الأمنية ..التقييد التشريعي .. الإقصاء السياسي .. التشويه الإعلامي أهم أدوات الإدارة المصرية في التعامل مع الطلاب
الإقصاء السياسي للطلاب هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى لذلك نطالب بالوقف الفوري للمواجهات الأمنية .. الإفراج عن الطلبة المعتقلين .. إعادة النظر في اللائحة الطلابية أولويات أجندة التفاوض بين الدولة والطلاب.
واجهت الإدارة المصرية حالة من الحراك الطلابي خلال العام 2013 حيث نظم الطلاب أكثر من 3000 احتجاج طلابي تخللهم أكثر من 600 حادثة عنف خلال العام الدراسي الماضى، الأمر الذي دفع الإدارة المصرية لإعادة إنتاج مجموعة من السياسات التي رأت أنها ربما تكون حوائط صد لهذا الحراك الطلابي السلمي منه أو العنيف ، لكن تلك السياسات لم تفرز سوى المزيد من الإحتقان و المواجهات التي أعتقل على أساسها حوالي 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسي الحالي ، ناهيك عن حالات الشغب و العنف بين الطلاب و الأمن أو الطلاب على مختلف انتمائتهم ، لذا كان علينا التوقف عند تلك السياسات في محاولة للتوصل لفاعليتها من عدمه ، و تذكير الإدارة المصرية بحقائق هامة في التعامل مع الحراك الطلابي و طرح مبادرة لإصلاح حالة المواجهات المستمرة بين طلاب الجامعات و الإدارة المصرية .
المواجهات الأمنية لا تولد إلا مقاومة طلابية عنيفة
منذ أكثر من 120 عاما بدأت الحركة الطلابية المصرية في العمل على القضايا الوطنية ، بداية من مقاومة الإحتلال و حتي مقاومة الدكتاتورية و الرجعية المحلية، الأمر الذى يؤكد على أن التصدي الأمني الذي يحدث الآن للنشاط الطلابي والذي اعتقل/ألقي القبض على أكثر من 70 طالب خلال أول يومين من العام الدراسى الحالى تحت مسميات و حجج مختلفة، ناهيك عن الملايين التي صرفتها الجامعات على التعاقد مع شركات الأمن الخاصة و الكمائن المستفزة أمام الجامعات و التي حولتها لما يشبه مناطق عسكرية/مناطق عمليات حربية ، لا يعد سوى إمتدادا لسياسات القمع الأمني التي إنتهجتها دولة الحكم في مصر ضد الطلاب بداية من بوليس القصر و حتى نظامي مبارك و مرسي . ورغم كافة تلك المواجهات الأمنية مع الطلاب، إلا انها لم تستطع يوما صدهم عن ممارسة أنشطتهم، بل إنها أعطت الحركة الطلابية المزيد من التكتيكات و الخبرة و الحشد و المصداقية، و عززت من ضعف كل نظام حاول إنتهاج سياسة المواجهات الأمنية، مثلما حدث مع نظامى مبارك و مرسي الذي مثل الطلاب المكون الأساسي لثورتين أقصاهما عن الحكم في أيام معدودات..
“التقييد التشريعي” آداة القمع منذ حكومة القصر و حتى حكومة محلب :
تنوعت محاولات قمع الحراك الطلابي من قبل الإدارة الحالية للبلاد مستخدمة التشريعات المقيدة للحريات مثل قانون التظاهر الذي تعرض لمعارضات واسعة من معظم فئات المجتمع حتى المناصرة للإدارة الحالية للدولة، بالإضافة للائحة العمل الطلابي الجديدة التي أحدثت شرخا واضحا بين إدارة الدولة و بين الطلاب، وعكست فجوة هائلة ناتجة عن إعادة إنتاج الدولة لسياسات التقييد التشريعي للنشاط الطلابي و التي بدأت منذ قانون 22 لسنة 1929 و المسمى بقانون “حفظ النظام ” و الذي أصدرته وزارة محمد محمود، لقمع الحراك الطلابي بعد تعطيل الحياة النيابية عام 1928 ، وكذلك التمهيد للإنقلاب الدستوري الحاصل في الفترة من 1930-1933 ، و مرورا بلائحة السادات في 79، وتعديلاتها في عصر مبارك 1984 ، لنرى أن قانون محمد محمود لم ينتج عنه سوى انتفاضة طلابية 1935، ولوائح السادات ومبارك لم تعمل سوى على تدمير النشاط الطلابي داخل الجامعة و السماح لجماعة الإخوان و تيارات الإسلام السياسي السيطرة على العمل الطلابي، ناهيك عما كان لذلك من أثر على الحياة السياسية والحزبية في مصر، وينطبق الأمر حاليا على قوانين التظاهر و اللوائح الطلابية الحالية والتى لم تنتج سوى المزيد من الدماء و الإعتقالات و الفوضى، لذا فإن أية محاولة تقييد تشريعي للحراك الطلابي سوف تواجه إما بتحدي تلك التشريعات و خرقها عمدا، أو زيادة الإحتقان الذي سينتج إنتفاضات طلابية وسعة، و في كل الأحوال سيولد المزيد من المواجهات العنيفة بين إدارة الدولة و بين الطلاب .
الإقصاء السياسي للطلاب هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى :
ويؤكد مؤشر الديمقراطية على أن وقف العمل السياسي بالجامعات و التهديد بمحاكمة من يسيء لرئيس الدولة وحل الأسر الجامعية .. الخ من القرارات يمثل خنقا واضحا لكافة متنفسات العمل السياسي للطلاب، الأمر الذى لا يضع أمامهم سوى خيارات خرق تلك القرارات علنا والوقوع في مواجهات مع السلطة أو الإتجاه للعمل السري ، وقد كشفت التجارب التاريخية القديمة و الحديثة صحة تلك النظرية ، حيث كانت كل محاولة لحصار العمل الطلابي السياسي تنتهي بانتفاضات طلابية و مواجهات فارقة، نذكر منها انتفاضات الطلبة 1935، 1946 (حادثتي كوبري عباس ) و 1968 و التي رضخت لها دولة ناصر ، و حركة الطلاب 1972 و دورهم في انتفاضة الخبر 1977 ضد دولة السادات ، ناهيك عن قيادتهم لكل الحركات الرافضة لمبارك من كفاية و 6 ابريل حتى الوطنية للتغير و انتهاءا بقيادتهم لثورة أطاحت بمبارك ، لذا فإن الحصار السياسي للطلاب لن ينتج عنه سوى المزيد من المواجهات و الإحتقان بين الإدارة المصرية و الطلاب ، و لن ينتج عنه سوى خسارات سياسية للإدارة المصرية ، و المزيد من المكاسب لمعارضيها و أعداؤها و خصومها السياسيين و الدوليين .
البتر الإجتماعي للطلاب مجرد خطوة لإشعال نار العنف :
طالعنا رئيس جامعة الأزهر في غرة العام الدراسي 2014 بتفاخره ” بتجنيد جواسيس من بلدياته لمراقبة الطلاب” ظنا منه أن هذا دوره الوطني و القومي ، في حين تناقلت وسائل الإعلام تصريحات رجال الدولة و التعليم حول تصنيف الطلاب لمتعاونين يتم تجنيدهم لمراقبة الطلاب المشاغبين أو الإرهابيين ، مما عكس سياسة واضحة للتصنيف و التفرقة بين الطلاب أنفسهم، و خلال العام الدراسي 2013 حدث ما يقارب من 100 حالة اشتباك بين الأهالي و الطلاب ، في حين رأت الإدارة المصرية تصنيف الأهالي المشتبكين مع الطلبة على أنهم المواطنين الشرفاء ، وجرى تصنيف الطلاب على أنهم مجرمون ، بالإضافة لبعض الشحن الإعلامي ضد الحراك الطلابي و توفير غطاء شرعى من إدارة الدولة للمواطنين الشرفاء لملاحقة الطلاب المجرمين على حد وصف الدولة ، الأمر الذي عكس إنتهاج الدولة لسياسة بتر إجتماعي للطلاب و شحذ لباقي قطاعات المجتمع ضدهم و محاولة إلقاء كافة مشكلات الأمة على عاتق الحراك الطلابي خارج الجامعة أو داخلها ، وتلك السياسية لا تمثل إلا آداة لتوسعة فجوة الخصام المجتمعي في مصر ، و عائقا أساسيا أمام أفكار المصالحة الوطنية و شحذ الجهود ناحية البناء لا القمع الهدم والفرقة.
كيف نبدأ حل الأزمة
البدء في عملية تفاوض جادة وحقيقية تجمع ممثلين عن إدارة الدولة – الإتحادات الطلابية – قطاع التدريس بالجامعات – المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الطلبة و الحقوق والحريات المدنية والسياسية – الإعلام ، بهدف الوقف الفوري للمواجهات الحالية بين الدولة و الطلاب ، و الجلوس على مائدة تفاوض من أجل حماية وإقرار الحريات الطلابية مع حماية الجامعات من العنف و الفوضى و أعمال الشغب ، وحماية حقوق كافة الطلاب في تلقي المعلومة في جو ملائم . وأن تبدأ المفاوضات أجندتها بالنظر في الخطوات التالية :
إيقاف المواجهات الأمنية مع الطلاب و إعادة النظر فيما يخص التعاقدات الخاصة بشركات الأمن و دور قوات الأمن في تنظيم عملية حماية الأمن داخل و خارج أسوار الجامعة دون تحويها لمعسكرات مخابراتية أو أمنية والعفو عن كافة الطلاب المعتقلين تحت قضايا تخص مشاركتهم في أنشطة و إحتجاجات طلابية و إعطائهم فرصة أخرى للتعليم عوضا عن الزج بهم بين المسجونين الجنائيين،و إعادة النظر في اللائحة الطلابية وبناء آليات جديدة للمشاركة المجتمعية للطلاب في صناعة القرار