تأتي ذكري حرب أكتوبر بانتصاراتها واحتفالاتها .. يهلل الإعلام للقادة واللواءات ومن كانت لهم بصمات . ويضع الناس زهورا علي قبر الجندي المجهول .. ويتناثرون الحكايات عن بطولات لا يعلمون حتي أسماء من قاموا بها .. بينما ينسي التاريخ وينسي الناس أبطالا صعدوا إلي الجبهة من جنود صغار تركوا أطفالهم وعادوا لنا بالنصر .. عادوا ربما مبتوري الأيدي أو الأرجل .. أو عادوا بلا عاهات لكنهم أيضا بلا مستقبل .. كان حري بالدولة أن توفر لهؤلاء حياة كريمة لا يعانون فيها ما يعانيه الملايين من الفقر والهم والغلاء .. لكننا لم نجد بين أولئك الذين حرمتهم الأقدار نعمة الغني بل ونعمة الكفاية من يتحدث عن نفسه .. إذ اعتادوا الكرامة منذ أن اعتلت أقدامهم جبهات النصر .. عادوا وفي الظل عاشوا .. بين هؤلاء رجل بسيط كان محاربا جنديا مثل آلاف الجنود .. ولم يكن له حظ في أي شيء .. من سخرية الأقدار أنه انتصر في الجبهة وانهزم أمام مطالب الحياة .. مهزوما مطحونا عاش حياته المادية طريدا بلا سكن إلا في السنوات الأخيرة وبالصدفة.
أنه عم جاد .. رجل علي المعاش .. لم يحظ بقدر وافر من التعليم إذ تسرب منه وعمره لم يزل 12 عاما أي في الصف السادس الابتدائي .. عمل منذ نعومة أظافره وكان عمره حينها 16 عاما ثم عاش حياة صعبة بعد أن تزوج وأنجب ثلاثة بنات وولدين .. لم يمد يده يوما لأحد .. لم يشكو حاله ولا تمرد .. التحق بالجيش وخاض حرب 73 مثلما خاضها كثير من الرجال المصريين .. حينما ذهب إلي الجبهة كان لديه منزل بعد أن حصل علي شقة في مساكن العاملين بالشركة التي عينته قبل الحرب . ثم ذهب إلي الجبهة .. ليجلب لنا جميعا النصر .. فعاد ليجد لم عمره قد تبخر في مكان يأويه هو وأسرته.. فمكث مع ابنة أخيه الأرملة وربي معها أولادها ليكبروا مع أولاده … لكن أسرة زوجها المتوفي صممت بعد أم كبرت البنات وكبر الأبناء أن يتم الفصل بينهم خشية مشاكل الاختلاط .. فترك المنزل .. لملم أسرته تحت جناحيه وبدأ يبحث عن مأوي .. لم يكن لديه مال ولا متاع .. وفي عام 1985 كان والده لديه قيراط من الأرض باعه ومنح كل ثمنه لأخيه الأصغر .. واستند رأس عم جاد إلي الهواء مرة أخري . بحث عن مسكن ليأوي فيه أسرتته فلم يجد سوي حجرة وصالة .. عشر سنوات مكث فيها ومعه زوجته وخمسة من البنين والبنات.. التحق بعمل إضافي ليلي .. في معمل للتحاليل فساعده صاحب المعمل كثيرا كان أحن عليه من أبيه وأخيه.
وفي نفس الوقت الذي قرر صاحب المعمل الخير مساعدة عم جاد في إيجاد سكن مناسب له ولأسرته عرضت الشركة التي يعمل بها نهارا سكنا في إحدي المناطق الصناعية كان ذلك عام 1998 .. فحصل علي سكن مكون من حجرتين وصالة..
عمره حاليا 67 سنة يتقاضي معاشا قدره 1200 جنيه .. لكن ماذا تفعل تلك الجنيهات مع غلاء المعيشة وسبعة أفواه مفتوحة .. سبعة بطون جائعة .. سبعة أجساد تحتاج لملبس وعلاج وبنات ينتظرن العرس .. من يزوجهن في ظل تاريخ طويل من الاحتياج المتكرر لم يتفوه خلالها الرجل بكلمة لأحد ولم يقدم شكواه إلا إلي الله .. التحقت الثلاث بنات بعمل في مصانع الملابس الجاهزة التي أغلقت أبوابها في ظل التردي الاقتصادي الذي تحياه مصر منذ أربع سنوات وحتي الآن .. أما الولدين فأحدهما ما زال يدرس والآخر يبحث عن عمل .
جاءني عم جاد لم يطلب شيئا سوي مساعدته في جهاز ابنته العروس .. أنها الابنة الكبري التي طالما حلم بعرسها .. وطالما حملت هي بالفرار من الضيق والعوز إلي حياة أرحب .. وجاء العريس بحلم أكبر لم يخطر ببال أحدهم . فالعريس معه فيزا للخارج .. ينوي السفر فلن يقوم بتجهيز منزل للزوجية بل سيدخر المال للغربة والعمل بالخارج .. لم يطلب شيئا من عروسه سوي ما كانت ستدفعه ثمنا لحجرة النوم والمطبخ مثلما تفعل كل العرائس حال زواجها . لم يطلب سوي عشرة الاف جنيها سائلة .. لكن من أين لعم جاد بعشرة آلاف جنيه .. ومن أين له هذا المبلغ الذي لا يملك منه ولا جنيه واحد .. هل يترك العريس يرحل منفردا وتبقي العروس معذبة هنا ربما تجد عريسا آخر أو لا تجد.. وأن وجدت فعليها أعباء والتزامات قد تتعدي العشرة آلاف جنيه .. الإكليل في منتصف شهر نوفمبر قبل صوم الميلاد .. والعروس في انتظار من يسدد عنها المبلغ لعريسها فهو لا يعلم عن أحوالهم المادية الكثير .. كل ما يعلمه أنهم أسرة مستورة علي قدر الحال .. لكن لا يعلم احتياجهم ولا ضيق الحال الذي يحيون فيه ولا يعلم كم تعاني ابنة عم جاد كل ليلة وهي لا تعلم مصير زواجها المنتظر .. لا يعلم سوي أنه تقدم لخطبتها ووافقت الفتاة ووافق أهلها.. وتركوا الأمر يد الله ليدبره .. فهل تخذل الفتاة الأقدار ؟ هل نخذل عم جاد أم نساعده علي المرور من المحنة التي لم يجد بجواره أحدا مثلما استمر طيلة عمره وحيدا بلا مساعدة . محنة عم جاد بين أياديكم أن أردتم حملتموها عنه وأن أردتم تركتوها في حضنه تكتوي بنارها فتاة في مقتبل الحياة لم تطلب إلا بضع آلاف ربما تكون جزءا من اشتراك نادي ترفيهي لدي البعض أو ثمنا لزيارة سياحية أو مصيف لدي البعض الآخر لكنها بالنسبة لعم جاد مسألة حياة أو موت.
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
900 جنيه سمسم ومينا وكاراس بأسيوط
500 جنيه علي روح المرحوم ألبير سعد
400 جنيه ماري حليم
500 جنيه طالب شفاعة أم النور والأنبا كاراس بالفيوم
1500 جنيه طالبين شفاعة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس
600 جنيه إيلاريا وفيلوباتير
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
900 جنيه سمسم ومينا وكاراس بأسيوط
500 جنيه علي روح المرحوم ألبير سعد
400 جنيه ماري حليم
500 جنيه طالب شفاعة أم النور والأنبا كاراس بالفيوم
1500 جنيه طالبين شفاعة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس
600 جنيه إيلاريا وفيلوباتير