الإهمال فى المدارس ينهى كل يوم حياة العديد من الطلاب وبخاصة الأطفال فى السنوات الأولى من عمرهم ..يذهب الطفل الى مدرسته ليتعلم لكن تنتهى حياته بسبب سقوط بوابة حديدية متهالكة عليه بمدرسة الزعيرات الابتدائية التابعة لإدارة النجيلة بمحافظة مرسى مطروح ، أو زجاح النافذة. وقد تدهسه عجلات سيارة التغذية المدرسية مثلما حدث يوم الثلاثاء الماضى بمدرسة أمين النشارتى بإدارة أطفيح التعليمية بمحافظة الجيزة حيث لقى الطفل أدهم محمد مصرعه بعد أن دهسته سيارة التغذية المدرسية. وبالرغم من أن وزارة التربية والتعليم قررت بعد الحادث الاليم إيقاف مدير المدرسة ووكيلها وإحالتهما للتحقيق الا ان كل هذا لن يعيد هذا الطفل الى الحياة مرة أخرى .
كانت أولى تلك الكوارث التى توالت بسبب الاهمال الشديد فى المدارس ما حدث بمدرسة “عمار بن ياسر بالمطرية”، والتى راح ضحيتها الطالب “محمد يوسف بالصف الثالث الابتدائي” حينما سقط لوح زجاجي من شباك الفصل ووقع فوق رقبته بعد قيامه بفتح النافذة.
بل وحينما ذهب إلى المستشفى غارقًا في دمه رفضت إدارة المستشفى علاجه قبل أن تدفع والدته مبلغ عشرة آلاف جنيه لعلاجه، وعجزت الأم عن الدفع فى ذلك الوقت وكانت النتيجة أن الطفل لفظ أنفاسه الأخيرة …وهذا اهمال اخر فيما يتعلق بوزارة الصحة وعدم تطبيق المستشفيات القرار الخاص باستقبال المرضى فى الطوارىء بدون مقابل لمدة 48 ساعة . وهناك حادثة أخرى أنهت حياة الطالب “حسن هاني” بمدرسة عثمان ابن عفان في مدينة السلام ،حيث لقى مصرعه أثناء تزحلقه على سلم أحد المبانى بالمدرسة وسط غياب وإهمال المدرسين، ما تسبب فى إصابته بكسر فى الجمجمة ووفاته . .
النهوض بالطفولة تقدمت ببلاغ للنائب العام
هانى هلال رئيس المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة ،يقول :”الاهمال أصبح مسلسل مستمر داخل المؤسسات التعليمية ،وأكبر دليل على ذلك ما حدث فى العام الدراسى الماضى، فبالرغم من تأجيل الدراسة لأكتر من مرة بسبب الحالة الامنية التى تمر بها البلاد الا انه تم رصد 1075 حالة إنتهاك ضد أطفالنا فى المدارس..ومع بدايه العام الدراسى الجديد لم يختلف الامر كثيرا بل بالعكس أصبح الإهمال يقتل أطفالنا بشكل شبه يومى ..اتعجب من وزارة التربية والتعليم فأين كانت الوزارة والمسئولين بها أثناء فترة الأجازة الصيفية التى من المفترض انها فترة للاعداد للمدارس والمعلمين لعام دراسى جديد . هناك سياسات فاشلة وخاطئة فى الاستعداد للعام الدراسى الجديد سواء المناهج أو المعلمين ،أو المبانى والمنشأت نفسها .وبهذه السياسات المتبعه من قبل وزارة التربية والتعليم فانهم يرتكبون انتهاكات وعنف موجه ضد ابناؤنا فى المدارس ،أولا الاهمال الذى قد يؤدى بحياتهم ، بالإضافة الى عنف منهجى فيما يتعلق بالمناهج الدراسية التى يفكرون وسط العام الدراسى بتغييرها ويشتتون الطلاب ،وعنف من قبل المعلمين أنفسهم لانهم غير مؤهلين .فللاسف نحن لانزال فى مرحلة تجارب على أولادنا فى المدارس .
و الدليل على ذلك أننا نطالب منذ سنوات عديدة بتطبيق إجراءات وسياسات حماية الطفل داخل المؤسسات التعليمية ..ولكن للاسف لا أحد يستجيب من المسئولين . ..؟!!! وهذا يعنى فشل وزارة التربية والتعليم فى تطبيق سياسات تحمى ابنائنا داخل المؤسسات التعليمية ،و على الوزير أن ينسحب فى هذه الحالة . “
و يضيف هانى هلال ويقول :” نحن أمام حالة من الاستهتار بأرواح أولادنا ونطالب بالتحقيق مع المسئولين ومحاكمتهم على هذا الاهمال فى حق ابنائنا . حتى يكون ذلك رادع قوى لكل من تسول اليه نفسه الاستمرار فى الاهمال وتعريض حياة أبنائنا للخطر داخل المؤسسات التعليمية . “
ويستطرد هلال :” من المفترض اننا فى مرحلة بناء فى الدولة وعلى الجميع أن يتحملوا المسئولية و بالفعل الشعب يعمل على القيام بدوره وواجبه تجاه الحكومة، وبالتالى يجب على الحكومة ان تكون هى ايضا على مقدار المسئولية والا فلتنسحب . “
ويؤكد هانى هلال على أن المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة قد رصدت حالات عديدة عن تجاوزات وزارة التربية والتعليم فى الفصل الدراسى المنصرم وحذرنا من تكرارها حفاظا على حياة ابناءنا وكانت تلك التجاوزات وصلت لحد 1075 حالة انتهاك لحقوق الطفل داخل المؤسسة التعليمية .
وبعد تكرار الكوارث مع العام الدراسى الحالى فقد تقدمت المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة ببلاغ للنائب العام من قبل مسئوليتها ومحاولتها الدائمة فى الدفاع عن قضية الطفولة فى مصر تحمل فيه المسئولية عما حدث للطفل يوسف لكل من وزراة التربية والتعليم لاهمالها فى متابعة ابنيتها التعليمية وسلامتها وجاهزيتها لاستقبال زهور المستقبل وايضا وزارة الصحة لمسئوليتها عن تقديم الأسعافات اللازمة للطفل مخالفة لقرار وزير الصحة رقم 455 لسنة 2014 والذى ينص على علاج حالات الطوارئ لمدة 48 ساعة فى المستشفيات الخاصة والحكومية على نفقة الدولة و قد قيد هذا البلاغ تحت رقم 21245 عرائض النائب العام .
كما تطالب المؤسسة المصرية للنهوض باوضاع الطفولة بتحمل كل المسئولين نتيجة اخطائهم وتطبيق سياسات حماية الطفل فى مصر التى نصت عليها اللوائح التنفيذية لقانون الطفل 12 لسنة 1996 المعدل بقانون 126 لسنة 2008
إرفاق حالة المبانى بالتقارير الدورية
الدكتور كمال مغيث – الخبير التربوى – يقول : “تكرار مثل هذه الحوادث دون وضع سياسات واضحة ومحددة لمعالجة الخلل أمرا يتحمل مسئوليته وزير التربية والتعليم والوزارة بالكامل ..ويجب البحث عن وسائل محددة لتوفير الامان للطلاب والمعلمين داخل المدارس والمؤسسات التعليمية .فهذه الحوادث تعكس حالة من التدهور والفشل التى تعانى منها وزارة التربية والتعليم . وتؤثر سلبا على العملية التعليمية ،فلا أحد يستطيع أن يمارس عمله اذا كان يشعر بعدم الامان فى مكان عمله وان المبانى قد تسقط عليهم فى أى وقت …كل هذا يعيق العملية التعليمية .
سيستمر هذا المسلسل طالما لا يتم التدخل بشكل حاسم وسريع ،فنحن لدينا 48 ألف مدرسة وبها نسبة كبيرة من المبانى المتهالكة والغير أمنه ولكن للاسف الوزارة لم تلتفت لعلاج هذا القصور بشكل أو بأخر قبل وقوع كل هذه الكوارث ووقوع الأطفال ضحايا الاهمال .”
و يضيف الدكتور كمال مغيث ويقول :” من المفترض أن الوزارة تقوم بشكل دورى قبل بدء العام الدراسى الجديد بطلب العديد من التقارير من كل مدرسة عن عدد المدرسين والطلاب وحالة الأجهزة والمعامل .. يجب أن يكون هناك تقارير أساسية فيما بعد حول الحالة الخاصة بالمبانى والاماكن المتهالكة بالمدارس على ان يشرف ويتابع هذه التقارير مهندسين من قبل هيئة الابنية التعليمية ،ويقوموا بتحديد الاماكن الاكثر خطورة والغير أمنة لبدء العمل فيها بشكل فورى وتجديدها ثم يبدأ التجديد والتطوير فى باقى المدارس تباعا حتى يتم الانتهاء من تجديد المدارس والتأكد من أنها أمنه لبدء العملية التعليمية بالنسبة للمدرسين و للطلاب . “
الأبنية التعليمية دورها أساسى
أميرة أباظة – مديرة مدرسة الليسية بالمعادى سابقا ، تقول : ” المديرون بالمدارس بالتأكيد عليهم مسئولية كبيرة فمن المفترض أنهم قبل شهر على الاقل من بدء العام الدراسى يقومون بالتأكد من أن كل شىء بالمدرسة منضبط وأمن لتواجد الطلاب والمعلمين لبدء العملية التعليمية ، ولذلك فلقد صعقت حينما تابعت الأخبار و شاهدت ما حدث للعديد من الأطفال سواء من لقوا مصرعهم أو أسيبوا من جراء هذا الاهمال الجسيم . ربنا يصبر اهاليهم ،صعب جدا على الأسرة أن يذهب طفلها ليتعلم ليعود من المدرسة جثة هامدة …”
وتؤكد أميرة أباظة على ضرورة أن يكون هناك رقابة على المدارس أكثر ،وعلى المدير والناظر بالمدرسة أن يقوموا بدورهم فى تكوين لجان داخل المدرسة ليتأكدوا بأنفسهم من سلامة المبانى والمنشأت .وبالرغم من أن دور هيئة الابنية التعليمية هو التدخل ولكن بعد ان تقوم المدارس بالابلاغ عن وجود مشاكل بالمبانى داخل المدرسة ، ثم تأتى اللجنة من قبل هيئة الابنية التعليمية وتقوم بالمرور على كافة التفاصيل بالمدرسة ويفحصوها بدقة ويعملوا تقرير يبدأ العمل بناءا عليه داخل المدرسة ،
الا انه فى ظل الكوارث المتلاحقة وتهالك مبانى المدارس بهذا الشكل يجب ان تقوم هيئة الابنية التعليمية بإجراء رقابة دورية على المدارس دون الانتظار لابلاغ المدارس عن وجود مشاكل بها .