لماذا ننتظر وقوع الكوارث حتى نسعى للحلول
حادث سيناء هل به تقصير أمني
فقدت مصر 30 شهيداً من خيرة شبابها وأيضاً 28 جريحاً يرقدون في المستشفيات البعض منهم في حالة حرجة، وذلك إثر انفجار في كمين كرم القواديس في الشيخ زويد بالعريش والذي قامت به الجماعات الإرهابية أو الإرهاب الأسود كما يطلقون عليه الممول من دول خارجية، كما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته للمصريين إن مصر تتعرض لمؤامرة خارجية، هذا الحادث الأليم والموجع والمفجع للمصريين عامة ولأهالي الشهداء خاصة لم يكن الأول ولن يكن الأخير.. ولكن هل نستمر فى إعلان حالات الحداد والطوارئ؟ أم يجب أن نبحث عن الجهة المسئولة والمقصرة في جمع معلوماتها؟ نحن نعلم من الجاني ومن المجني، عليه ولكن على من تقع المسئولية، وكيف استطاعت هذه الجماعات أن تخطط وتدبر وتضع متفجرات على الطريق ونحن غافلون، أو بمعنى آخر الأمن المصري إذا تكلمنا على نطاق الجماعات الإرهابية والدول الخارجية، أين كان عند وضع هذه الخطط؟!
أوضحت بعض المصادر أن تفجير كمين أبو القواديس تم تنفيذه على مرحلتين الأولى استهدفت الكمين باستخدام سيارة بها مادتي “tnt” “c4” شديدتي الانفجار، ثم قامت مجموعة أخرى باستهداف قوات الأمن التي هرعت إلى موقع التفجير، عن طريق زرع عبوات ناسفة على الطريق المؤدى للكمين لمنع وصول قوات الإنقاذ والقضاء على جزء آخر من القوات العسكرية.
وقد تعرضت سيناء منذ فبراير 2011 وحتى 24 أكتوبر 2014 إلى 47 هجوماً، أسفر عن استشهاد 168 شخصاً، وقامت برصد هذه الإحصائية وكالة الأناضول بناء على بيانات رسمية وأمنية وطبية.
وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح قراراً جمهورياًّ بإعلان حالة الحداد العام في البلاد بدءاً منذ أمس وذلك على أرواح الشهداء، كما أكد السيسي بعد اجتماعه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن الحرب على الإرهاب لن تنتهي في أسبوع ولا شهر ولا اثنين، ولكن لن يستطيع أحد أن يكسر إرادة المصريين .
وبعد اجتماع مجلس الدفاع الوطني تم الإعلان عن حالة طوارئ في منطقة شمال سيناء، وأيضا حظر التجول في هذه المنطقة من الساعة الخامسة مساء وحتى السابعة صباحاً، وتوفير التأمين والحماية للمدنيين الموجودين.
كما أعلن مجلس الوزراء عن موافقته على تقديم مشروع بتعديل قانون القضاء العسكري؛ لإضافة قضايا الإرهاب التي تهدد سلامة وأمن البلاد ضمن اختصاصاته.
لماذا انتظرت الحكومة وقوع كارثة بشعة حتى تتخذ هذه الإجراءات؟ وهل هي كافية لمحاربة الداخل والخارج؟ هل من الممكن تهجير المدنيين من سيناء وإعلانها منطقة حرب؟ كل هذه الأسئلة يجيب عنها متخصصون في هذا التحقيق …
في البداية قال اللواء طلعت مسلم الخبير الاستراتيجي : إن القرارات التي اتخذها المجلس الوطني مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة هي خطوات مفيدة في الاتجاه الصحيح، ولكن تتبقى هناك إمكانيات للتطوير ومراجعة الخطط، حيث يجب أن تكون هناك منطقة عازلة قريبة من الحدود الشرقية بحيث يتنافى احتمال وجود أنفاق بالمنطقة، فمن الواضح أن هناك علاقة بين وجود الأنفاق وبين الحوادث التي تحدث، هناك أيضاً ضرورة لتطوير المباحث والمخابرات بحيث أنها تصل إلى معلومات دقيقة عن المجموعات الإرهابية من حيث أماكنها وعددها وأسلحتها في الفترة المستقبلية؛ حتى تستطيع القوات أن تواجه هذه الجماعات في أوكارها دون انتظار أن تصل إلينا أولاً.
وأضاف مسلم: أرفض مطالبة البعض بإخلاء سيناء وإعلانها منطقة حرب، أعتقد أن إخلاءها من المدنيين يجعلهم يتعاونون مع الإرهابيين لأنه لا أحد يقبل أن يهجر من مكانه خاصة أن العدو غير واضح، وإذا نظرنا إلى حالة التهجير الوحيدة التي حصلت في العصر الحديث في عام 67 كان بسبب وجود العدو على بعد 200 متر، وأيضاً معروف فعندما طلب تهجير سكان القناة في ذلك الوقت كان السبب معروفاً ومقبولاً وهذا مؤقت ولم تكن به عيوب ومخاطر الآن، ولكن هذه الدعوة الآن الهدف منها زعزعة العلاقة بين الأهالي والقوات المسلحة.
وإذا تحدثنا عن المخابرات فكان يجب عليها أن تعلم عن هذا الحادث وعن القوى الأجنبية، ولكن الآن القوى الأجنبية مختلطة مع قوى مصرية، فهناك قوى مصرية موجودة في الخارج تتصل بالعناصر الداخلية وهذا دور المخابرات والمباحث، لذلك مطلوب تطوير وسائل الاستطلاع للحصول على المعلومات حتى نحصل على المعلومات مبكراً في وقت مناسب وذلك يتم عن طريق استخدام بعض وسائل التكنولوجيا، كما يجب أن يتعاون الشعب مع القوات المسلحة والشرطة بإعطائهما المعلومات التي لديه، وأيضاً لابد من عمل تشريع يجرم من يعرف معلومات عن حوادث إرهابية ولا يبلغ عنها.
ورفض الخبير العسكري المحاكمات العسكرية لقيادات الإخوان الذين في السجون حتى لا تتم مخالفة الدستور، ولكن إذا استطاعت النيابة الحصول على أدلة تؤكد بأنهم يقومون بأعمال ضد القوات المسلحة والشرطة وخاصة القوات المسلحة لأنها الحالة الوحيدة التي يسمح فيها الدستور بمحاكمة المدنيين أمام محاكمة عسكرية ، في هذه الحالة تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية.
أكد محمد أبو حامد رئيس حزب حياة المصريين والبرلماني السابق قائلاً: إن هذا الحادث كارثة بكل ما تعنيه الكلمة وهذه هي اعنف عملية إرهابية تعرضت لها البلد منذ إعلان الحرب على مصر من قبل المجموعات الإرهابية، نحن فى حرب ونحتاج إلى مزيد من الوقت فهناك دول كبرى مثل أمريكا وغيرها لم تستطع في سنوات طويلة القضاء على الجماعات الإرهابية وبالتالي الأمر يحتاج إلى صبر مثلما تحدث الرئيس في خطابه، لكن يجب علينا أن نتخذ مجموعة إجراءات أكثر حسماً سواء في سيناء أو بشكل عام تجاه جماعة الإخوان الإرهابية، سواء في الجامعة أو فى مظاهراتهم التي تتم في الشارع وجرائمهم التي تتم في سيناء، والرئيس عبد الفتاح السيسي أكد على أنه سوف يتم اتخاذ هذه الإجراءات .
وعن مطالبة البعض بإخلاء سيناء من المدنيين وإعلانها منطقة حرب، قال البرلماني السابق إن الجيش دائما يعلن أنه في حربه بسيناء يتحرى الدقة حتى لا يصاب أحد من المدنيين، ولكن هناك اقتراح أن يتم إخلاء البيوت الحدودية مع غزة ولو بشكل جزئي حتى يستطيع الجيش أن يداهم أوكار الإرهابيين، ولدينا ثقة أن الجيش سيقوم بما يراه مناسباً.
وأضاف أبو حامد من الواضح أن هذه العملية وراءها دول خارجية وهذا ما أعلنه الرئيس السيسي في خطابه بشكل واضح؛ أن هذا الحادث نتيجة تخطيط خارجي وليس عمل جماعات، والدليل على ذلك أن هناك أسلحة استخدمت لأول مرة، فنحن نحارب دولاً من خلال أجهزة مخابرات تحرك المجموعات الإجرامية وتمولها، وبالتالي يجب عمل إجراءات أكثر حسماً وأكثر دقة لكي لا نغفل أننا في مواجهة مباشرة وصريحة مع جماعات مدعومة من أجهزة مخابرات، وهذا يدل أن هذه العملية ليست نتيجة تقصير من قبل المخابرات المصرية.
وعن العلاقة بين داعش وأنصار بيت المقدس التي أعلنت مسئوليتها عن الحادث، أوضح رئيس حزب حياة المصريين أن داعش وأنصار بيت المقدس وحماس والإخوان المسلمين كلهم كيان واحد، ولا نريد أن نقع في فخ أنهم أكثر من كيان فالإرهاب واحد، والجماعة الإرهابية الأم هي جماعة الإخوان التي تحرك باقي المجموعات.
قال دكتور يسري العزباوي الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية :إن الهجمات الإرهابية على كمين كرم القواديس في الشيخ زويد بالعريش لم تكن نتيجة أحكام الإعدام الأخيرة على بعض الإرهابيين التي أعلن عنها مثلما أشيع، أولاً لأن هذه الأحكام لم تنفذ حتى الآن، وأيضاً من حكم عليهم بالإعدام عدد قليل.
ولكن الحادث هو نتيجة مؤامرة خارجية على مصر والدول المشتركة في ذلك في الغالب هي معروفة وهي” قطر وتركيا بمباركة سودانية فلسطينية وهذا المثلث الأقرب للمحيط الإقليمي وربما أيضاً تكون إسرائيل”، وأيضاً بالتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية لها يد في ذلك، لأنها حتى الآن ترفض تسليم مصر الطائرات الأباتشي المطلوبة، كما أن تصور مصر للحرب على الإرهاب كان أكبر وأشمل من تصور الولايات المتحدة التي وافقت فقط على العراق وسوريا حتى ليبيا التي تعاني منها مصر الولايات المتحدة لا تريد أن تدخل فيها بأي شكل من الأشكال، ورفض مساعدة مصر في الحرب على ليبيا لأسباب، أولاً مصر لا تسمح بدخول أي قوات على أراضيها وأيضاً التكلفة الاقتصادية لا تستطيع أن تتحملها مصر، ولكن التحالف الدولي الذي أعلنت عنه أمريكا له أهداف أخرى؛ فالحرب على داعش في العراق خوفاً من سيطرتها على النفط هناك.
وأضاف العزباوي أن ما يثار عن تقصير المخابرات في أداء واجبها إزاء هذه العملية، فيجب أن نعلم هذه المنطقة بها مخابرات عسكرية فقط، والقرارات التي صدرت أكدت على أنه يكون هناك تنسيق بين المخابرات العسكرية وهيئة الشرطة على وجه التحديد، لتنسيق المعلومات وزيادة عدد قوات الشرطة والأجهزة الاستخباراتية في هذه المنطقة.
وعن محاكمة قيادات الإخوان أمام المحاكم العسكرية قال الباحث السياسي أن مجلس الوزراء أعلن عن تعديل قانون القضاء العسكري بضم قضايا الإرهاب ضمن اختصاصات القضاء العسكري، وهذه أفضل لفكرة العدالة الناجزة، فعندما يكون هناك متورط وإرهابي تتم محاكمته على الفور أمام القضاء العسكري.
قال إسلام الكتاتني القيادي الإخواني المنشق إن موضوع التفجيرات والهجمات التي يقوم بها أنصار الجماعة الإرهابية لن ينتهي بين يوم وليلة، فالاستراتيجية القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين قطر وتركيا والوكيل بالإنابة جماعة الإخوان وجماعات الإسلام السياسي لن تنفض ولن تنتهي، وما يحدث في بعض المواقف والتي نظنها تراجعاً هي خداع اشتراكي، فالتحالف مازال قائماً ولكن التكتيك هو الذي تغير.
فحادث سيناء ومن قبله أحداث الجامعات وأيضاً حادث دار القضاء العالي كلها أحداث لن تتغير فقد رأينا قدرة على الحشد من قبل هذه الجماعات، ولكي تتم مواجهة ذلك لابد من استخدام سياسة المواجهة الشاملة، فالاقتصار على الحل الأمني فقط لا يؤدي إلى القضاء على هذه الجماعات، والحل الأمني لا يوجد فيه تفكير فهناك مبادرة قمت بعرضها على الرئاسة العام الماضي اسمها “فكر وارجع”، وهي تشتمل على حلول أمنية واقتصادية وفكرية.
أما بالنسبة لبشاعة هذا الحادث فأكد القيادي المنشق أن ذلك ناتج عن تحقيق بعض النجاحات في الداخل المصري فالمقابل هذه الأحداث البشعة والجرم الزائد عن حده في التعامل، والآن يتم استهداف المواطنين المدنيين والقوات المسلحة وأبناء الشرطة، لذلك يجب أن تكون هناك محاكمات عسكرية ويكفي البطء الشديد في إجراءات التقاضي والتنحي.
وأضاف عندما نبحث عن حلول يجب أن يكون هناك حسم ولكن يجب أن نتسلح بالذكاء، حتى لا يتخذ هذا الإجراء ذريعة لعمليات أخرى وندخل في حروب، ويجب أن تتم دراسة الحلول ولكن سريعاً ما هو الأفضل للتعامل مع ملف الإرهاب في سيناء بما لا يؤثر على الأمن القومي المصري.