أصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات اليوم تقريراً بعنوان “الأقباط فى مواجهة ثلاثى العنف، الطائفي والسياسي والحكومي”، وذلك عن أعمال العنف و التعديات والانتهاكات التي استهدفت المسيحيين فى مصرعقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى في الفترة من 30 يونيو 2013 و حتى 30 سبتمبر 2014.
ويتناول التقرير 16 واقعة عنف ضد الأقباط، بجانب أحداث العنف التي تلت فض اعتصام رابعة العدوية و التي امتدت لـ 12 محافظة. و لا يمثل ما ورد في التقرير قائمة حصرية للتعديات و للانتهاكات التي واجهت المسيحيين منذ 30 يونيو 2013، و لكن يرصد التقرير أنماط الانتهاكات الرئيسية و مدى تخازل الدولة عن أداء واجبها في حماية حياة و سلامة و أمان الأقباط و دور العبادة و ممتلكاتهم في حوادث العنف التي استهدفت المجتمع المسيحي و بشكل خاص في صعيد مصر.
و حذرت المفوضية المصرية في خلاصة التقرير إلى أنه من المرجح أن تكرر الانتهاكات التي رصدتها اذا لم تفي الدولة بالتزاماتها حيال حماية حقوق المواطنين الأقباط و توفر لهم المناخ القانوني و السياسي للتمتع بحقوقهم كمواطنين و محاسبة كل مسؤول عن التقصير في حمايتهم أو معتدي على حقوقهم.
و بحسب التقرير, تنوعت الانتهاكات التي استهدفت المسيحيين خلال ما يقرب من الـ 15 شهراً الماضية ما بين انتهاكات من قبل جهات خاضعة لسلطة الدولة كما حدث في واقعة العقاب الجماعي الذي مارسته قوات الأمن على مسيحيي قرية دير العدرا بجبل الطير بالمنيا، و تعديات مستمرة من قبل جماعات أصولية أو مؤيدة لمرسي أخفقط السلطات الأمنية في حماية حقوق الأقباط منها. توصلت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إلى تورط السلطات في غالبية الوقائع، بين تقاعس أو فشل في حماية المواطنين وممتلكاتهم، و التخازل في انصاف الضحايا عن طريق القنوات القانونية حيث لم يعاقب أحد من المعتدين أثناء أحداث العنف أو لم يحالوا إلى محاكمة و ان كان قد تم القبض على أشخاص مشتبه فيهم. كما تورطت السلطات بشكل المباشر في فرض جلسات صلح عرفي وتنحية القانون – حيث سجلت المفوضية المصرية للحقوق والحريات 3 جلسات صلح عرفي تمت بمعرفة أجهزة الدولة في أحداث نزلة عبيد بالمنيا، وبني أحمد الشرقية بالمنيا، والمطرية بالقاهرة.
وقد احتلت محافظات الصعيد ما يقرب من 69% من اجمالي أحداث العنف، حيث تأتي محافظة المنيا كأولى المحافظات والتي سجلت 38% من اجمالي الحوادث.
و قد رصدت المفوضية ما يقرب من 18 حالة قتل لمواطنين مسيحيين بسبب ديانتهم أخلت فيها جميعا السلطة بالتزامتها في حماية حقهم في الحياة، بجانب تعرض ما لا يقل عن 165 منزل مملوك لمسيحيين لأعمال سرقة وتخريب وحرق، كما رصدت أيضا ما لا يقل عن 85 حادثة عنف استهدفت كنائس أو مباني ذات صفة دينية، و ما لا يقل عن 38 حادثة احتجاز تعسفي لمواطنين مسيحيين في أحداث كانوا هم ضحايا فيها.
وكانت القوات المسلحة قد تعهدت بترميم الكنائس – دون باقي المباني والممتلكات الخاصة – التي تضررت فى أحداث 14، 15 أغسطس 2013 – فقط. وبالرغم من مرور 14 شهر على هذا التعهد، لم تعلن أي من الجهات الرسمية عن الانتهاء من المرحلة الأولى التي شملت أقل من 10 منشآت.
و قد خرج التقرير بعدة توصيات هي:
1- إجراء تحقيقات شاملة ونزيهة ومستقلة في جميع الاعتداءات الطائفية التي وقعت منذ عزل محمد مرسي وتقديم الأشخاص الذين تثبت مسؤوليتهم عن أعمال القتل، بما فى ذلك وقائع القتل بسبب الديانة، وأعمال البلطجة وفرض الإتاوات، وإتلاف الممتلكات والكنائس، وتقديمها إلى العدالة وفق إجراءات تفي بشروط المحاكمة العادلة، على أن يشمل التحقيق النظر في تقاعس قوات الأمن في وقف العنف الطائفي أو التعدي على الأقباط ومحاسبة من تثبت مسؤوليتهم.
2- البدء فى تقديم تعويضات لضحايا الأحداث الطائفية المذكورة، بما في ذلك ضمان عودة الأهالي الذين فروا أو تم تهجيرهم خوفاً من أعمال انتقامية إلى منازلهم بشكل آمن.
3- الإسراع فى إعادة بناء وترميم دور العبادة المسيحية التى تعرضت لأعمال العنف خلال الفترة من 30 يونيو 2013 و حتى 30 سبتمبر 2014، و ليس فقط أحداث العنف التى أعقبت مباشرة فض اعتصاميّ رابعة العدوية و النهضة.
4- الإسراع فى خلق بيئة تشريعية وسياسية ومجتمعية ملائمة تكفل ممارسة المسيحيين لكامل حقوقهم وحرياتهم الأساسية، و „إلغاء أي قانون يضع تمييزاً ضد الأقباط في مسألة بناء و ترميم الكنائس وإصدار قانون يعمل على تنظيم الحق فى بناء دور العبادة للمسيحيين.
5- فتح تحقيق مستقل وشفاف لمسئوليّ الجهات الأمنية عن وقائع الانتهاكات التى واجهت مواطنيّ قرية دير العدرا بجبل الطير بالمنيا، مع إعادة كافة المسروقات التى استولى عليها أفراد الأمن.
6- اتخاذ إجراءات فورية لتحسين أمن المسيحيين والأقليات الدينية في المراكز والقرى على وجه الخصوص مع التشاور مع هذه الأقليات لتحديد الإجراءات الملائمة.