بعد ما قدمه الأقباط لبلدهم ووطنهم “مصر” من تضحيات ودماء وحرق وتدمير لكنائسهم والكثير … ووطنية صادقة باعتراف الجميع، وبعد أكبر ثورتين في العصر الحديث، وبعد انتخاب رئيسنا ورئيس كل المصريين “السيسي” عن كل اقتناع وحب، مع تقديرنا لسيادته لوطنيته الصادقة وما يقوم به من أجل رفع اسم مصر عالياً في كل العالم.
بالرغم من كل ذلك مازال “الأقباط” يُعانون وبشدة في بلدهم !! وسط حالة من الإحباط الشديد وعلامات استفهام كبيرة جداً لا نجد لها أي إجابة!! جعلت أغلب الأقباط يقولون أنه لا أمل في التغيير!!
بالرغم أيضاً من اعتراف سيادة الرئيس السيسي وفي أثناء حملته الانتخابية وقوله عن الأقباط… يوجد فصيل في البلد يُعاني … وتأكيده على أنه لن يسمح لأحد أن يخوف أو يرعب المصريين (كل المصريين)، وأيضاً قول سيادته أن …الأقباط حُرقت كنائسهم ولم يشكوا لأحد ، وأن المصريين لم يجدوا أحداً يحن عليهم … والأقباط حتى الآن ليس لهم إلا إلهنا الصالح الوحيد الذي يحن علينا وحده وليس سواه.
وبالرغم من كل ذلك أيضاً ما زالت معاناة الأقباط من خوف ورعب وخطف لبناتهم وأطفالهم وشبابهم ، والاعتداء عليهم وعلى بيوتهم ومنازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم وكنائسهم وأديرتهم …إلخ، مع تباطؤ وتواطؤ وتقصير (عن عمد وغير عمد) من الأمن.. حتى وصلنا إلى اعتداء الأمن نفسه على الأقباط كما حدث في قرية جبل الطير!
وبالرغم من الاستغاثات والرسائل والشكاوى إلى سيادة الرئيس وإلى سيادة رئيس مجلس الوزراء وإلى سيادة وزير الداخلية وإلي جميع المسئولين بالبلد… ولكن.. لا جديد تحت الشمس !
ومع هذه الاستغاثات نسمع أيضاً عن استغاثات إلى قداسة البابا تواضروس الثاني – أدام لنا الرب في حياته نسمع هذه الاستغاثات من آباء وأمهات البنات المخطوفات ومن جميع الأقباط المُعتدى عليهم وعلى كل القنوات وخاصة المسيحية ، يستغيثون لإنقاذهم من جلاديهم ومرعبيهم كمداً وقهراً على ما يحدث معهم وخاصة على مخطوفيهم!!
وبعد أن حُلت مشكلة سيدة جبل الطير (كما ذكرت قداستكم) في اجتماع الأربعاء الماضي … مازالت حالات التعدي وخاصة حالات الخطف لكل الأقباط بنات وغير بنات.. وكمثال للبنات القبطيات المختطفات أو المختفيات حتى اليوم بدون أي مساعدة من الأمن !!؟؟ .. كرستينا طلعت شاروبيم (الإسكندرية) … كرستين عماد رمزي (أسيوط) … داليا فتحي (سوهاج)…… مارينا لويس شكر الله تواضروس (أسيوط) …. …. هذه عينات تحدثت عنهن إحدى القنوات المسيحية
قداسة البابا
أبناؤك وبناتك في كل مكان على أرض المحروسة مستهدفون في أعراضهم ونسائهم وممتلكاتهم !! بل وواضح أن كل شيء مدبر ومقصود ووفق خطة داخلية وخارجية !!، وأصبح الأقباط الصيد السهل جداً لهذه العصابات ولهذه التجارة الخسيسة للمكاسب المادية للمجرمين من خطف وفرض إتاوات وغيره على الأقباط !
والجديد …ذكره أحد أهالي المختطفات بالصعيد في اتصال له على إحدى القنوات المسيحية …قال … أن الأمن اهتم في بادئ الأمر بغياب ابنتهم لأن الأب الكاهن الذي كان معهم كان يتبع الطائفة الكاثوليكية، ولكن بعد أن تأكد الأمن أنها تتبع الكنيسة الأرثوذوكسية تراجع عن اهتمامه بالمرة!! وواضح السبب لأن الكنيسة الكاثوليكية تتبع دولة الفاتيكان !!
نعلم أن أبوتكم في الكنيسة هي أبوة روحية وتعليمية وإدارية ، ولكن الشعب القبطي الذي يُعاني والذي حتى الآن لا يجد أحد يحن عليه سوي الله تبارك أسمه ، في مثل هذه الظروف الصعبة لن يجد غير “الكنيسة” ليلتجئ إليها ولن يجد غير أبوتكم ليستغيث بها ، ولن يجد الصدر الحنون إلا في كنيسته التي علمته أنها مسئولة عنه ..ليس فقط عن حياته الروحية بل والنفسية والجسدية ، وبما أن المُعاناة تؤثر علي كل كيانه الروحي والنفسي والجسدي فلن يجد غير حضن “الكنيسة” ليجد فيها الأمن والأمان المفقودين لديه من الذئاب التي تتربص به من كل اتجاه!!
واضح أننا مازلنا في مرحلة “محلك سر” بل لا أبالغ إذا قلت أننا إن لم نسرع ونضع حد لهذه المهازل فللأسف فنحن راجعين “للخلف دُر” إلي عصر الاضطهاد!! ، وبعد أن يأس الآباء والأمهات من عدم النظر أو الالتفاف إلى استغاثاتهم من المسئولين !! ، وبعد أن خرج الأقباط وشاركوا أخوتهم في الوطن بأرواحهم ودمائهم في كل الثورات وخارطة المستقبل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، ولكن للأسف واضح بدون أي تغيير !!؟؟ .. لذلك.. لم يجدوا أمامهم إلا الرجوع مرة أخري إلي حضن الكنيسة ، والاستغاثة بقداسة البابا شخصياً.
وقد يقول قائل ..ماذا سيفعل قداسة البابا مع هذه الحالات وفي ظل هذا الفكر المتعصب والمتغلغل في القلوب والعقول!! الذي طال حتى بعض المسئولين عن الأمن !! ومع نفس النهج والنظرة المستمرة للتعامل مع الأقباط !!؟؟ غير الصلاة من أجلهم ، لأن الأمر ليس بيد قداسته أو من مسئولياته ؟
نحن كل ما نتمناه كأقباط أن نسمع وأن نرى من أبونا كلنا ” قداسة البابا” أن..( يتكلم ولا يسكت).. علي ما يحدث لأولاده وبناته في كل مكان على أرض المحروسة ، وإن كنا متأكدين أن قداسته يتألم كثيراً مما يحدث ويحاول رأب الصدع بقدر المستطاع ونشر الحب والسلام في وقت ضاع فيه كل شيئ جميل في بلدنا !! … نتمنى من قداسته أن لا يترك أي حالة خطف واحدة أو تعدي علي أبنائه إلا ويعرضها علي المسئولين بالدولة مع المتابعة المستمرة حتى يُرفع الظلم عن المظلومين ، ولسان حال قداسته …. لا يحق لك… كما قالها أعظم مواليد النساء مار يوحنا المعمدان … هذا فقط …من دالة البنوة من ابن لأبيه مع كل الحب والطاعة والثقة الكاملة في حكمة قداسته
وبالطبع ..(في ظل هذه الأوضاع).. كل الأقباط يشرفهم ويباركهم ..تفويض قداسة البابا.. للدفاع عنهم والتحدث باسمهم وعن حقوقهم المسلوبة والضائعة ، ونعلم أن مسئوليات قداسته كبيرة جداً جداً وتفوق الوصف ، ولكن أمام رعب وخوف وبكاء طفل صغير في أقصي الصعيد أو جرح قلب أم أو أب على غياب ابنتهم تهون كل هذه المسئوليات.
طالب الكثير جداً من الكُتاب والمفكرين الأقباط بعمل لوبي قبطي أو اتحاد مسيحي لمواجهة هذه التحديات الصعبة ولكنني أرى صعوبة تحقيق هذا في مصر بلدنا وتعددت الأسباب وأهمها مع استمرار هذا الفكر والنهج مع الأقباط !!
بل أقترح …. أن تقوم “الكنيسة” وبعد بحث الأمر مع المسئولين بالدولة بتخصيص أحد الآباء الأساقفة كمسئول عن الملف القبطي أمام الجهات الرسمية للدولة ، يتابع كل حالات التعدي علي الأقباط في أي مكان علي أرض المحروسة ، وحبذا لو تم تخصيص أب أسقف للصعيد فقط وبالطبع مع مساعدة بعض الآباء الكهنة وبعض أبناء الكنيسة من العلمانيين ، أو انتخاب مسئول علماني قبطي موثوق به من جميع الجهات لمتابعة مشاكل الأقباط.
نحن الأقباط المصريون نؤمن بكل ما جاء في “الكتاب المقدس” الذي هو دستور حياتنا الحقيقي والذي يتحقق معنا بكل كلمة بل وبكل حرف ، والذي يختلف (كُلياً) عن الدستور المصري المتفق عليه بالأغلبية !!، والذي شدد في إحدى مواده (كمثال) علي تجريم التعدي علي الحريات !! وأكبر جريمة تحدث في مصر الآن هي عكس ذلك تماماً!!.. وواضح صعوبة أن يتحقق فيه لا حرف ولا كلمة ولا حتى أي مادة من مواده وخاصة عندما يتعلق الأمر بالأقباط !!!
دستورنا علمنا أنه ..في العالم سيكون لكم ضيق ، مع الوعود الإلهية الصادقة أن إلهنا الصالح قد غلب هذا العالم ، وعلمنا أيضاً .. كما اضطهدوني سيضطهدونكم …بل ستأتي ساعة يظن فيها كل مَن يقتلكم أنه يُـقَدم خدمَة لله ..مؤكداً له كل المجد … قد سَّبـَّـقت وأخبرتكم بكل شيء ..
فنحن المسيحيون نؤمن بذلك بل ونفرح بهذا الاضطهاد وبهذه الضيقات لأنها تؤهلنا أن نتألم معه لنتمجد أيضاً معه.
وفي المقابل علمنا دستورنا الحقيقي (الكتاب المقدس) أنه عندما نتعرض للظلم (عن غير حق) أن نقول للظالم … لماذا تلطمني … وأيضاً علمنا أن …نرفع دعوانا إلى قيصر … ومن أجل كلمة الحق أوصانا أن ….”لا تخف بل تكلم ولا تسكت لأني أنا معك ولا يقع بك أحد ليؤذيك”(أع 18).