باع الاخوان الوطن وحاربوه بكل قوة منذ ثورة 30 يونيو وسقوط الجماعة الإرهابية، واعتبر الأخوان دولة قطر بمثابة الأم الحاضنة لهم، فكانت هي الملاذ والملجأ الأخير للعديد من قيادات الجماعة، خاصة عقب محاكمة الكثير منهم على ذمة قضايا فساد وتخابر، ولم تكتف قطر باحتضانهم في تلك الفترة العصيبة فقط، بل أنها عملت على تدوير قناة الجزيرة مباشر مصرالتي تملكها من أجل إظهار الجماعة كمجني عليها ولم يخطر على احد منهم انهم سوف بتعرضون لضربة تعتبر الاشد منذ ازاحتهم من حكم مصر فقد قررت قطر ابعاد قيادات جماعة الإخوان الإرهابية عن أراضيها
ولكن هل يستمر الدعم المالى القطرى للإخوان ويكون هذا الطرد شكليا فقط المشهد غاية فى التعقيد فى ظل توقعات خبراء ومطلعين على الملف الاخوانى بأن قطر لن تطرد كل الاخوان من اراضيها حيث يعمل كثيرون منهم فى وظائف كبيرة بالدولة.. كما أنها ستساعدهم فى اللجوء إلى دول عربية اخرى لاتزال علاقتها بتنظيم الاخوان ، حسنة مما تسمح بإيواء والقيادات المطرودة وممارسة نشاطها وسيكون بدعم قطرى أيضا . مايعنى أن ملف الاخوان لن يغلق سريعا او ببساطة.. فى ظل توقعات أيضا بانتقال قيادات مؤثرة فى الجماعة الى دول جنوب شرق آسيا او جنوب افريقيا او لندن الراعية التاريخية للاخوان
الغباء مرض صعب العلاج
منذ بدء التوتر فى العلاقات بين قطرودول الخليج وتزايد الضغط على قطر لوقف دعمها للارهاب فى العالم العربى والجميع يعرف انها لن تتمسك ببقاء الاخوان على اراضيها الا الاخوان انفسهم وقدموا نموذجا جديدا على فشل وغباء تنظيم الإخوان وافتقاده للكوادر والكفاءات البشرية القادرة على قراءة الواقع السياسى والتعاطى معه باحتراف. فى شهر أبريل الماضى كان الصغير قبل الكبير فى مصر والوطن العربى يتكلم عن استعداد قطرى لترحيل قيادات الإخوان من أرضها، إلا تيار سياسى واحد هو الإخوان كان يرى ذلك كذبا وشائعات وسوء قراءة للواقع وطبيعة العلاقة بين قطر والإخوان، وتم توثيق تلك الرؤية الإخوانية فى تقرير نشرته شبكة رصد بتاريخ 21 إبريل تنفى فيه وجود أى نية قطرية لترحيل قيادات الإخوان، واستند التقرير إلى آراء قيادات الإخوان الذين أكدوا أن قطر لم ولن تفعلها وترحل الإخوان عن أرضها وكل ما ينشر حول ذلك عبارة عن شائعات تبثها فضائيات ما أسموه بالانقلاب
ضمت قائمة المبعدين 7 من أبرز قيادات الجماعة ، وهم الدكتور محمود حسين، الأمين العام للجماعة، وعصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق، وحمزة زوبع، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، والدكتور عمرو دراج، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، وأشرف بدر الدين، عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة، والداعية الإخوانى وجدى غنيم، وجمال عبد الستار، وكيل وزارة الأوقاف السابق
فى تصريحات صحفية اعتبر القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين إسلام الكتاتني أن الخطوة القطرية مجرد تغيّر تكتيكي وليس تغيرا في الاستراتيجية، مشيراً إلى أن التحالف القطري- التركي- الأميركي ما زال قائما في المنطقة، بموازاة استمرار مخطط الشرق الأوسط الكبير.
ويصف الخطوة القطرية بالمناورة السياسية التي اضطرت الدوحة إلى اتخاذها تحت وطأة الضغوط، وفي سياق المحاولة الأميركية لإقامة تحالف دولي للحرب على داعش.
والدليل على أن الأمر مجرد مناورة هو بحسب الكتاتني خروج عدد محدود فقط من قيادات الإخوان من قطر، بينما لا تزال أعداد أكبر موجودة على الأراضي القطرية مثل محمود عزت وجمال حشمت،
ويقول لو كانت قطر تريد تغيرا استراتيجيا كان الحري بها أن تغير سياستها الإعلامية المتمثلة في قناة الجزيرة وأن تعتذر من دولة كبرى في المنطقة تعاني من سياسات الإخوان المسلمين وهي مصر.
ويضيف الضغوط على قطر لا تقتصر على دول الخليج إنما هناك برأيه رغبة أميركية أكيدة وراء الخطوة. والسبب؟ هو نوع من الرشوة للدولة المصرية حتى تنضم إلى التحالف الدولي لمواجهة داعش، “فمصر لديها مشكلة كبيرة مع جماعة الإخوان وواشنطن تريد جر مصر إلى التحالف الدولي بأي طريقة نظرا إلى موقعها وحجمها
القرار جاء وسط استعدادات عالمية بمواجهة الارهاب
يرى الخبراء والمحللون أن القرار القطري صدر عشية المؤتمر الدولي الذي ينعقد في فرنسا، لمناقشة وإقرار استراتيجية الحرب ضد داعش، ومن على شاكلتها من الجماعات الجهادية، وبعضها تابع للإخوان، الذين أصدرت القاهرة وبعض العواصم العربية قراراُ باعتبارهم تنظيماً إرهابياً، وحظرت نشاطهمبعد انكشاف طابقهم حين حكموا مصر عاماً أسود، ويؤشر محللون أنه من المبكر القول، بأن قرار إبعاد سبعة من قيادات الجماعة، يشكل توجهاً نهائياً في السياسية الخارجية القطرية، وأن لدى الدوحة العديد من الأدوات لدعم جماعات الإسلام السياسي، وأن قرارها يأتي من باب ذر الرماد في العيون، خصوصاً بعد سقوط رهانها بخصوص دعم الإخوان المسلمين
فى وقت يتجه العالم إلى مواجهة قوى العنف والإرهاب، ومن أبرزها قوى الإسلام السياسي ومع ذلك وفضائيتها تواصل تحريض إخوان مصرعلى تصعيد نشاطهم الإرهابي، في محاولة لإفشال الحكم الجديد بأي شكل ومهما كان الثمن، ويستنزف هؤلاء طاقات بلدهم بممارسة العنف العبثي بكل أشكاله، ضد الجيش الوطني والمواقع الخدمية للمواطنين، وتهيئة بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية الراديكالية، في حين تدرك قيادتهم التي تحظى بدعم قطر، استحالة إحداث تغيير في المزاج الشعبي العام، للعودة حكاماً وتكرار تجربتهم الفاشلة.
من المبكر اليوم القول، بأن طرد بعض قيادات الإخوان توجه عام في قطرسوف تسير عليه في الفترة المقبلة، فالقرار جاء رغم أنفها، نتيجة الضغوط الإقليمية والأميركية، التي كان لافتاً منها دعوة ديك تشيني لتصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي، لأنه من رحمها خرجت الجماعات الإرهابية، كما يبدو تفاؤلاً غير مبرر، تخلي الدوحة عن موقعها كقاعدة للتطرف الإسلامي، ومنبراً للإخوان المسلمين وساحة تحضير للحروب والكوارث في الكثير من الدول العربية، اعتماداً على فكرة بائسة، بأن الدول لا تحتاج أن تكون كبيرة لتكون فاعلة ومؤثرة، واعتبار أن المال والعلاقات مع صناع القرار والمشاركة بتنفيذ أفكارهم، سيحول المشيخة لدولة صغيرة عظمى، بدل أن تحتمي بالآخرين وهاهي اليوم تحصد أثمان السياسات المغامرة، في مصر وسوريا وتونس واليمن، وإلى حد استقبال وحماية قادة حركة طالبان الأفغانية
أين ستكون الوجهة الجديدة للقيادات الإخوانية بعد مغادرتهم الدوحة؟، يتوقع البعض أن تكون نحو الدول الأوروبية لاسيما لندن وسويسرا، أو تركيا والسودان، وربما مناطق التوتر والعنف ومنها أفغانستان وباكستان، وأن يتم تهريبهم إليها باعتبارهم شخصيات مغضوب عليها، وعلى المشيخة التي طردتهم توقع انقلابهم عليها كما فعلوا مع دمشق، وسيكون على حكام قطر اتخاذ الكثير من الخطوات، التي تمنحهم فرصة البقاء بعيداً عن نتائج حرب العالم ضد الإرهاب بكل وجوهه وتجلياته.