وعن الكاتب نذكر أن بديع الزمان الهمذانى، هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد المعروف ببديع الزمان من أصل عربى ومواطن فارسى، احترف فنون اللغة والأدب والشعر، وتنقل بين كثير من المدن والبلدان طلباً للعلم وبحثاً عن العلماء، فذاعت شهرته، وعلا صيته، وقربه للملوك والحكام إليهم رغبه فى علمه، وحباً فى ظرفه، غير أنه توفى ولم يبلغ الأربعين من عمره فى عام 1007م.
كتب بديع الزمان أكثر من أربعمائة مقامة، لم يتبق منها سوى اثنتين وخمسين فقط، وضاعت بقيتها كما ضاع كثير من التراث العربى بفعل الحروب والاحتلال المغولى.
يعد بديع الزمان أول من كتب وألف فن المقامة فسبق بذلك الحريرى الذى كان تأليفه للمقامة على طريقة الهمذانى، وله إضافة إلى المقامات ديوان سفر، ومجموعة من الرسائل، إلا أن المقامات كانت هى الأكثر شهرة من بين مؤلفاته.
كما يعد الإمام محمد عبده هو أول من شرح مقامات الهمذانى بعد عودته من الدراسة فى باريس، وطبعها فى كتاب صدر عن المطبعة الكاثوليكية عام 1889م، والمقامات فن طريف وهى عبارة عن حكايات قصيرة متفاوتة الحجم تجمع بين النثر والشعر، يكون بطلها فى العادة رجلا وهميا… ويدعى هذا الرجل فى مقامات الهمذانى بـ “أبو الفتح السكندرى” وكان معروفاً بمغامراته وذكائه الشديد وفصاحته، وقدرته على قرض الشعر، وحسن تخلصه من المآزق، إلى جانب أنه شخصية فكاهية نشطة تنتزع البسمة من الشفاه والضحك من الأعماق، ويرى مغامرات هذه الشخصية التى تثير العجب رجل وهمى يدعى عيسى بن هشام.
و تعد المقامات هى المرحلة الأولى لفن القصة كما ظهر فيما بعد، كما تعد أيضا نواة للكتابة المسرحية الفكاهية المعروفة فى عصرنا الآن.