غياب الإرادة السياسية وضعف الموارد وانعدام أجهزة الإنذار المبكر تضاعف خسائر الكوارث ، هذا ما جاء بالجلسة الثانية للمؤتمر العربى الثانى للحد من مخاطر الكوارث اليوم المنعقد فى شرم الشيخ وتنتهى أعماله غداً الثلاثاء.
حيث اشار احد التقارير التى عرضت الى انه على الرغم من الكلمات المؤيدة لضرورة التوعية بالكوارث الطبيعية المحيطة بالإنسان بوجه عام، والإنسان فى العالم العربى على وجه الخصوص، فإن الواقع المعيش يؤكد أن هناك فجوة ج كبيرة فى عالمنا العربى بين حجم ما نعرفه من معلومات عما يحيط بنا من كوارث التصحر والفيضانات والانهيارات الطبيعية وغيرها وبين ما يعرفه العالم المتقدم الذى بات أكثر دراية بما يحيط به وما يتعرض له. ففى الوقت الذى بلغ فيه عدد السكان فى العالم العربى 361 مليون نسمة وفقاً لتقديرات عام 2013، كما انه فى ظل ما تشهده المنطقة العربية من تواتر فى الأحداث السياسية، لا يركز الكثيرون منا فيما يحدث فى منطقتنا من تغيرات بيئية ستؤثر حتماً هى الأخرى على مستقبل البشرية فى منطقتنا، حيث تذكر التقارير أن وتيرة التغيير البيئى فى العالم العربى أسرع مما هى عليه فى باقى أنحاء العالم نتيجة للتزايد السكانى وزيادة الضغوط البيئية وتدهور المناطق البحرية والساحلية وتغير الميزان المائى وتقلص المساحات المائية.
فقد ذكر تقرير أعدته المجموعة الاستشارية الدولية لإطار الحد من الكوارث أن 90% من سكان المنطقة يعيشون على مساحة أرض لا تتجاوز 4% من المساحة الكلية للمنطقة العربية البالغة مساحتها 1.4 بليون هكتار. ليس هذا فحسب، بل إن المساحة التى يعيشون عليها تعانى من الجفاف وتتوزع بين أراض قاحلة وشبه قاحلة. وعلى الرغم من ندرة المياه فى المنطقة العربية التى ارتفعت فيها معدلات درجات الحرارة فى السنوات الماضية، تبقى معدلات الإنجاب هى الأعلى فى العالم.
وناقش المؤتمر فى جلساته كافة المخاطر التى تتعرض لها المنطقة العربية سواء كانت بسبب العوامل الجيولوجية مثل كوارث الزلازل والانهيارات الأرضية بالإضافة إلى مخاطر الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية مثل الفيضانات والجفاف والعواصف الرملية والثلجية والموجات المتطرفة فى درجات الحرارة. وأشار التقرير الذى ناقشه المؤتمر إلى أن ما تتعرض له المنطقة العربية من مخاطر طبيعية لا يُعد من الأحداث المفاجئة، حيث إنها تحدث عند اقتران الأخطار الطبيعية بقابلية عالية للتعرض والتضرر المرتبط بعمليات التنمية وما يترتب عليها من تدهور بيئى ونمو عمرانى متسارع غير مخطط فى مناطق خطرة. كما تؤثر أنظمة الإدارة فى التعامل مع الكوارث، ونقص الموارد وضعف أو عدم توافر أجهزة الإنذار المبكر، على أسلوب التعامل مع الكوارث الطبيعية ومخاطرها فى ظل ندرة الخيارات المعيشية للفقراء. وتزيد الفاجعة من تلك الكوارث فى منطقتنا العربية فى ظل ندرة البيانات والمعلومات عنها وكيفية مواجهتها. وقد أشار تقرير التقييم العالمى للحد من الكوارث لعام 2011 إلى أنه فى حين أن خطر الوفاة من جراء الفيضانات أو السيول على مستوى العالم فى تناقص مستمر منذ عام 2000، فإنه فى تزايد فى عالمنا العربى، وقد تضاعفت النسبة المئوية من الناتج المحلى الإجمالى المعرضة لمخاطر فيضانات السيول ثلاث مرات فى الفترة من 1970 إلى 1979، والفترة من 2000 إلى 2009.وأشار التقرير إلى أن تأثيرات المناخ تعمق من مشكلة ندرة المياه فى عالمنا العربى، حيث تُعتبر قضية ندرة المياه رئيسية فى نحو 19 إلى 22 دولة عربية. فى حين يصيب التصحر وتدهور الأراضى القابلة للزراعة 17 دولة عربية. وهو ما يهدد الأراضى المحدودة الصالحة للزراعة فى العالم العربى والتى لا تتجاوز مساحتها 14.5% فقط من إجمالى مساحة المنطقة العربية. وتشير الإحصائيات إلى أنه بين عامى 1980 و2008 تأثر أكثر من 37 مليون نسمة فى المنطقة العربية نتيجة الجفاف والزلازل والفيضانات والسيول والعواصف بشكل أصاب الاقتصاد العربى بالضرر بنحو 20 مليار دولار. وتشير البيانات إلى أن المنطقة العربية هى المنطقة الأكثر ندرة فى المياه على مستوى العالم، وتُعد الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية لتغير المناخ مثل ارتفاع درجات الحرارة أو تهديد المناطق الساحلية وازدياد حدة التصحر وملوحة المياه الجوفية وانتشار الأوبئة بشكل غير مسبوق. وتشير بعض التقديرات إلى أن الناتج الزراعى بالمنطقة العربية قد ينخفض بنسبة 21% بحلول عام 2080 مع انخفاض قد يصل إلى 40% فى أجزاء من شمال أفريقيا. فى الوقت الذى تستورد فيه المنطقة العربية 70% من احتياجاتها الغذائية اليوم، ومصر أكبر دولة مستوردة للقمح. ويمكن القول إنه لا يمكن منع الجفاف ولكن يمكن الحد من آثاره والتعايش معه فقط بوضع التصور العام واستراتيجية ملزمة للدول كى تقى شعوبها مخاطره.مساحة الأراضى المزروعة لا تتجاوز 14.5%.. ومصر أكبر مستورد للقمح و37 مليوناً تأثروا بالجفاف والزلازل
ومع كل ما سبق أكد التقرير أن التحديات المحيطة بالمنطقة العربية فى مجال الحد من آثار الكوارث الطبيعية يأتى فى مقدمتها عدم فعالية الإدارة السياسية والدعم المعلن للحد من الكوارث على الرغم من التزام الحكومات العربية بإطار اتفاقية هيوجو الموقعة فى اليابان فى العام 2005، ويكفى أن نعرف أن وزراء البيئة العرب قد وضعوا «الاستراتيجية العربية للحد من مخاطر الكوارث 2020» فى عام 2010، وأقرها المجلس الاقتصادى والاجتماعى لجامعة الدول العربية فى سبتمبر 2011. ووضع الوزراء العرب فى يونيو 2014 خطة ذات أنشطة محددة لتفعيل تلك الاستراتيجية التى لم يسمع أحد عنها شيئاً رغم مرور ثلاث سنوات على إقرارها.
وقال راتب عدس نائب محافظ ريف دمشق، وأحد أعضاء الوفد السوري، إن “الدعوة للمشاركة في المؤتمر وجهت للحكومة السورية من خلال المكتب الإقليمي للحد من الكوارث التابع للأمم المتحدة، وهي الأولى منذ تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية”.
وأبدى عدس سعادته بالمشاركة ضمن الوفد السوري المكون من اربعة اعضاء، مضيفا :”سعادتي بتمثيل بلادي خلف العلم الوطني السوري، زاد منها وجودي على أرض مصرية”.
ويهدف المؤتمر إلى إقرار آلية عربية لمواجهة الكوارث يتم عرضها في مؤتمر دولي تستضيقه اليابان حول نفس الموضوع في شهر مارس من العام المقبل.
والجدير باذكر ان الجامعة العربية قد جمدت عضوية سوريا بموجب قرار اتخذه وزراء الخارجية العرب في نوفمبر من عام 2011، وبررت الجامعة ذلك القرار بعدم التزام النظام السوري بالمبادرة العربية التي تنص على وقف العنف ضد المتظاهرين.
أكد وزير التنمية المحلية عادل ليبب، أنه تم تشكيل لجنة فى كل محافظة للحد من مخاطر الكوارث، فضلا عن اللجنة المشكلة من الوزارة واستراتيجية مجلس الوزراء ودعم اتخاذ القرار لمواجهة الكوارث.. لافتا إلى مواجهة مصر عدد من الكوارث الطبيعية كالسيول وارتفاع مستوى البحر. وذكر لبيب- – أن وزارة التنمية المحلية معنية بالتعامل مع المناطق العشوائية من خلال إجراء دراسات..فضلا عن التنسيق القائم بين وزارة الرى مع المحليات للتنبؤ بالسيول من أجل تجنب آثارها الجانبية وإقامة حواجز طبيعية لمنع ارتفاع منسوب البحر..موضحا أن الكثافة السكانية من الممكن أن تتسبب فى أمراض تكون كارثية مثل الحساسية. وأفاد أن مجلس الوزراء ودعم اتخاذ القرار يمتلك قاعدة معلومات حول الفترات المحددة للتنبؤ بحدوث السيول من أجل تبنى الإجراءات الاحترازية.. مشيرا إلى التعاون بين الحكومة خاصة وزارة البيئة والتنمية المحلية، مع المنظمات الدولية فى هذا الصدد.. مطالبا بوضع آلية كبيرة للتعريف بالكوارث.
وبدوره، قال مارك جوردان مسئول بمكتب الأمم المتحدة للحد من الكوارث، إن نحو 400 كارثة وقعت خلال الفترة من 1980 إلى العام 2013.. مضيفا أن خطر الكوارث سيمتد لما بعد إطار خطة العمل الدولية “هيجو”، ولذا لابد من التركيز على المناطق الهشة والتعرف على المخاطر. وأشار إلى انخفاض معدلات الوفيات؛ بسبب الظروف المناخية فى منطقة شرق آسيا، إلا أنه ينبغى اتباع إدارة المخاطر وتبنى إجراءات الإنذار المبكر..لافتا إلى أن الخسائر الاقتصادية بسبب الكوارث كانت مرتفعة فى بلدان منظمة الأمن والتعاون الأوروبى بنسبة 53 فى المائة العام 2010. ولفت جوردان، إلى أن مناطق النمو الاقتصادى المتباطئ، شهدت زيادة فى أعداد الوفيات، خاصة الدول الفقيرة فى أفريقيا وآسيا.. مشددا على ضرورة مواجهة التحديات للحد من مخاطر الكوارث. ونوه عن أن 21 دولة فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية تعرضت لأضرار مادية، حيث دمرت 3 آلاف مدرسة ومنشأة صحية، بينما تعرضت الدول العربية مثل تونس التى تضرر بها 40 ألف هكتار من الأراضى، والمغرب التى تضرر بها ألف كيلو متر من الطرق. وأوضح أن 82 دولة حول العالم، تبنت مبادرات للحد من مخاطر الكوارث.. مؤكدا أن المنطقة العربية شهدت العديد من الكوارث، ولكن احتلت إدارة المخاطر اهتماما خاصا من أجل مواجهة تلك الكوارث.. مشددا على ضرورة دعم الدول التى لا تستطيع بمفردها مواجهة التحديات. ومن جانبه، قال الدكتور أزهرى قاسم أحمد، مسئول بالبنك الإسلامى للتنمية، إن البنك تبنى آلية مالية لدعم الدول الأعضاء حتى العام 2025، من أجل مواجهة الكوارث والمساعدة على تقليل تأثيرها، مثل الجفاف، من خلال حشد الموارد الداخلية.. بالإضافة إلى وضع برامج لدعم الدول الآسيوية والإفريقية. وأضاف أن البنك وضع خطة لتنمية شاملة، حيث يقدم حزم مالية للدول الأعضاء، صندوق للتضامن بتمويل يقدر بـ9 مليارات دولار لمواجهة الكوارث والقضاء على الفقر.