استخدم الأحجار والمعادن في الحياة اليومية والأخرة
يعد المثلث الذهبي للتعدين في الصحراء الشرقية هو المشروع الثالث من سلسلة المشروعات القومية للتنمية على مستوى الجمهورية والتي أخذت الحكومة فيها خطوات جادة في الفترة الأخيرة
ويشغل مثلث التعدين الممتد من منطقة أدفو جنوب محافظة قنا الي مرسي علم علي ساحل البحر الاحمر شرقا الي منطقة سفاجا شمالا أهمية كبرى تنبع من وجود مناجم محتملة للذهب والكوارتز هذا الى جانب كميات ضخمة من الجبس والحجر الجيري وغيرها من المعادن والأحجار، الأمر الذى أدركه المصرى القديم منذ عصور ما قبل التاريخ والتي تعرف بالعصورالحجرية حيث أكتشف مدى حاجته إلى الأحجار ليصنع منها أدواته ويبني منها مسكنه وقبره ومعبده وتماثيله وأوانيه … إلخ. كما أدرك كذلك مدى حاجته للمعادن مثل النحاس والذهب والفضة وغيرها ليصنع منها أدوات حياته اليومية وزينته ، فقد دلت الآثار المكتشفة على قدرة المصري القديم على استغلال ثرواته الطبيعية منذ عصور ما قبل التاريخ والعصور التاريخية المختلفة
بعثات التعدين والتحجير
ويكشف لنا الدكتور عبد الحليم نور الدين استاذ اللغة القديمة بكلية الاثار جامعة القاهرة ومستشار مكتبة الاسكندرية فى الدراسة التى أعدها تحت عنوان ” المناجم والمحاجر فى مصر القديمة” أن بعثات التعدين والتحجير خرجت على امتداد التاريخ المصري القديم تجوب الصحراء المصرية تبحث عن مناجم ومحاجر لتستثمر ما فيها من أحجار ومعادن ، وتزخر اللغة المصرية القديمة بمفردات تدل على المحاجر والمناجم وعلى أنواع الأحجار والمعادن، وتساعدنا الشواهد الأثرية من أحجار ومعادن على معرفة أقدم تاريخ لاستخدام هذا الحجر أو ذاك المعدن وموقع الحصول عليه وكيفية تعامل المصري القديم معه واستثماره. كما أن المصري القديم طور هذه الأدوات الحجرية إلى أن وصل إلى العصر الحجري الحديث واحتاج إلى مزيد من الأدوات فاعتمد على أحجار أخرى كالكوارتز والبازلت، وبعدها اهتدى إلى المعادن فعرف النحاس والذهب وصنع منهما آلات صغيرة وأدوات الزينة ، وبعدها دخل المصري القديم إلى العصور التاريخية ومع تطور فكرة الخلود وحياة ما بعد الموت اعتمد على الحجر الجيري فى البناء وصنع منه أول مقابر حجرية في التاريخ في جبانة عزبة الوالدة بحلوان، كما استخدمه في عتبات الأبواب والأعمدة وصناعة التماثيل وكذلك استخدم الجرانيت في رصف أرضية غرف أهرامات الجيزة ومعابدها الجنائزية، والمرمر والألباستر فى صناعة التوابيت والأواني، كما أنه استخدم المرمر في البناء في معبد الوادي للملك أوناس بسقارة وغيره من معابد سقارة، واستخدم الحجر الرملي في الأسرة الحادية عشرة في رصف أرضية معبد منتوحتب الثاني بالدير البحري، وكذلك في أعمدته وسقفه، وفي معابد الأقصر وأسوان.
المحاجر الطبيعية
ويوضح الدكتور عبد الحليم أن في صحراء مصر الغربية والشرقية ومنطقة سيناء الكثير من المحاجر الطبيعية المليئة بأنواع الصخور المختلفة من الديوريت والحجر الجرانيتي الوردي وأنواع صلبة من الحجر الجيري كما توجد أنواع المعادن المختلفة من البرونز والرصاص والحديد والنحاس والذهب استخدمت جميعها فى تجانس جميل لبناء المعابد والمقابر والأهرامات الخالدة.وكان اكتشاف المصري للنحاس في أرض سيناء في وادي المغارة وسرابيط الخادم يمثل نقلة كبيرة في حياته فانتقل من صناعة أدواته من الحجر إلى صناعتها من النحاس إلى جانب الحجر، وأصبحت تعرف هذه النقلة الحضارية باسم العصر الحجري النحاسي وليس أدل على ذلك من أدوات البداري ونقادة والتي تقف شاهداً على صناعة المصري لأدواته من النحاس.
الثروة المعدنية
ويشيرالدكتور عبد الحليم إلى أن المصري القديم لم يغفل ثرواته المعدنية فقد تعامل مع النحاس فصنع منه رؤوس الفوؤس والأواني المنزلية كما في مقبرة الملك “جر” بسقارة، كما أنه صنع منه التماثيل كتمثالي بيبي الأول في المتحف المصري. وبالنسبة للذهب بدأ المصري القديم يتعامل معه في نهاية عصور ما قبل الأسرات حيث عثر على أزميل له يد ذهبية في نقادة وكذلك صنع منه الأساور والدلايات كالتي عثر عليها بمقبرة الملك جر، والمسامير الذهبية التي تزين تابوت زوسر بسقارة، وأيضًا حلي الملكة حتب حرس زوجة الملك سنفرو أول ملوك الأسرة الرابعة، وزاد استخدامه بعد ذلك وليس أدل على ذلك مما تحويه المتاحف من حلي وتوابيت وغيرها من الأثاث الجنائزي المصنوع من الذهب الخالص .
متطلبات التنمية في المجتمع
وفرضت متطلبات التنمية في المجتمع واتساع حجم نشاط المصرى القديم استخدام الأحجار والمعادن على نطاق واسع في كل جوانب الحياة اليومية والأخروية مما تطلب البحث عن المزيد من المناجم والمحاجر هذا ما أكده الدكتور عبد الحليم مشيرا إلى أن بعثات التعدين والتحجير خرجت على امتداد التاريخ المصري القديم تجوب الصحراوات المصرية تبحث عن المناجم والمحاجر لتستثمر ما فيها من أحجار ومعادن، حتى وصلوا إلى ما يربو من 200 منجم ومحجر ، وتزخر اللغة المصرية القديمة بمفردات تدل على المحاجر والمناجم وعلى أنواع الأحجار والمعادن، وتساعدنا الشواهد الأثرية من أحجار ومعادن على معرفة أقدم تاريخ لاستخدام هذا الحجر أو ذاك المعدن وموقع الحصول عليه وكيفية تعامل المصري القديم معه واستثماره.