قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها(505)
أعلنت الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلنطي أنها عقدت العزم علي محاربةداعش وقهرها والتخلص منها,ولاح في الأفق أخيرا أمل جاد في وضع نهاية للمهازل التي حدثت منذ بداية هذا العام في العراق وسوريا ووصلت إلي درجات مأساوية من الإرهاب والتطهير العرقي للمسيحيين أدت إلي نزوح أكثر من مليون شخص من مواطنهم بخلاف شتي صور الترويع والإذلال والسبي والسلب والنهب التي مارستها قواتداعش لتعيد إنتاج واحدة من أبشع صور انتهاكات واجتياحات البربر في القرون الوسطي لتقدمها للإنسانية في القرن الواحد والعشرين…وبينما يقشعر الضمير الإنساني من الانحلال الأخلاقي لذبح الأسري والرهائن ومن أنباء سبي النساء وبيعهن في الأسواق لمن يشتري ومن سائر صور الهلع والرعب التي تكتسي بها وجوه الهاربين الذين تطاردهم داعش…أعود وأقولرب ضارة نافعة فأخيرا وبعد طول انتظار وبعد الذهول والاستنكار لتلكؤ الأسرة العالمية في التحرك لإيقاف ذلك الشيطان اللعين وإنقاذ الضحايا الأبرياء,ها هي الأنباء تؤكد أننا نقترب من ساعة الخلاص.
لكن من الأمور الغربية التي تستعصي علي الإدراك مايعلن عن انضمام أعداد لا بأس بها من مواطني دول حلف شمال الأطلنطي ذاتها ومن دول أوروبا إلي صفوفداعش ليحاربوا معها وليشاركوا في ذلك الاجتياح البربري الوحشي الذي يعيث فسادا في منطقة الشرق الأوسط…وأتساءل مستعجبا:هل أولئك المنضمون إلي هذا التنظيم الإرهابي مؤمنون بما يفعلون؟!!…هل حقا يأتون من دول أوروبا للإسهام في تأسيسالدولة الإسلامية في العراق والشام؟!!…وهل يتأتي ذلك بالمشاركة في ذبح كل القيم الإنسانية والعودة إلي بربرية العصور الوسطي في نشر الفوضي والرعب؟!!…الحقيقة لست أجد مبررا مقنعا لأي من تلك التساؤلات,وما أخلص إليه أن أولئك وغيرهم ليسوا سوي شياطين مرتزقة يحترفون الإرهاب والقتل مقابل المال,وللأسف في صفوفداعش المال يوجد بغير حساب سواء جاء من مصادر تمويل لعينة تخطط وتبارك ذلك الشر, أو جاء من السلب والنهب الذي تمارسه عيانا جهارا أينما حلت وعاثت فسادا.
إذا القتل أصبح حرفة ومحترفو القتل باتوا سلعة عالمية مطلوبة يجزل لها العطاء وكل من تحجر قلبه ومات ضميره بات كفاءة عالية مؤهلة للانخراط في صفوف أية عصابة إجرامية وتنفيذ مخططاتها الإرهابية مقابل ثمن غال وربح هائل,وهؤلاء لا وطن لهم ولا إيمان أو هدف إنساني يربطهم,هم مقامرون يتاجرون بأرواحهم فإذا ماتوا لايبالون وإذا عاشوا يخرجون بالغنائم والثروات بينما تلطخ الدماء أياديهم ويطاردهم الخزي والعار أينما حلوا!!
ولأنشر البلية ما يضحك لم تنتفض أمريكا ودول حلف شمال الأطلنطي لما حاق بمسيحيي العراق طوال الشهور الثلاثة الماضية وهول ماتعرضوا له من تشر ذم ومهانة ونزوح وترويع إنما انتفضت أمريكا بعد جريمتي ذبح اثنين من رعاياها-وهما جريمتان مشينتان بجميع المقاييس فعلا-ثم انطلقت التصريحات من السياسيين والإعلاميين في دول أوروبا تعرب عن مخاوف متزايدة من أن يعود أبناء تلك الدول المنضمون إلي صفوف داعش إلي بلادهم لينشروا الإرهاب والترويع فيها…لهذا أكرررب ضارة نافعة فإذا كانت الأهوال التي عايشها مسيحيو العراق لم تحرك ساكنا في الغرب بينما انتفضت دوله بعد جريمتي الذبح وعلت الأصوات محذرة من مغبة عودة المرتزقة المنضمين إليداعش فليكن…لأن الآن ليس وقت الحساب…والمهم هو وقت حشد كل القوات الممكنة من دول المنطقة ومن خارجها لتعقب عصابة داعش والخلاص منها وتطهير المنطقة من شرورها وإعادة الأمان والطمأنينة إلي شعوبها…وبعد ذلك قد يأتي وقت نبحث فيه عن إجابات لأسئلة معلقة حول القوي الشيطانية التي أطلقتداعشوباركتها ومولتها وغضت البصر عما اقترفته من أهوال وتركتها تعيث فسادا أينما حلت دون أن تهتز لها شعرة…نعم فنحن لم ننس كيف وقف العالم يتفرج علي سبي الموصل وتدميرها وهروب أهلها هلعا من المصير المحتوم واندفاعهم نحو الجبال علي حدود المنطقة الكردية…لم يفعل العالم أي شئ إزاء تلك المهازل,لكن عندما سال لعابداعش لاجتياح معاقل الأكراد هنا بات التهديد موجها للمصالح الغربية ووقتها فقط أرسلت أمريكا طائراتها لتقصف تجمعات الإرهاب وتوقفها عن التقدم للأمام!!…نعم عايشنا وتابعنا ذلك كله وترك داخلنا قدرا هائلا من التوجس وعدم الفهم,ولم نكن وقتها نعلم أن السماء ترتب الخلاص لأسباب قد تتضاءل أمام بشاعة ماحدث…لكنه الخلاص علي كل حال الذي يلوح الآن في الأفق.