قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها(502)
من يقرأ التقرير الصادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش حول ملابسات عملية فض الشرطة المصرية لاعتصام الإخوان في ميدان رابعة العام الماضي إما أنه سينفجر غيظا أو سيموت ضحكا!!فنحن أمام تقرير قبيح وفج في تغييبه وتزييفه للحقيقة وتحريضه ضد الشعب والسلطة في مصر,وبالرغم من أننا اعتدنا منذ30يونية2013 علي تلقي المهاترات والأكاذيب والتهديدات التي تغتال ثورة المصريين وتنكر عليهم حقهم في الخلاص من حكم بغيض مارق اختطف وطنهم,إلا أنه بعد مرور أكثر من عام علي ذلك تراجعت معظم دول العالم عن صلفها واعترفت بأن ماحدث في مصر كان تعبيرا عن الإرادة الكاسحة لشعبها ضد سلطة غاشمة أساءت بشكل بالغ للشعب,وأن جماعة الإخوان ارتكبت أعمالا إرهابية وروعت المصريين وماتزال تهددهم وتستهدف قوات الشرطة والجيش بالقتل علاوة علي التنكيل بالأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم.
وبعد متابعة دول العالم عن كثب كيف أعاد المصريون كتابة دستورهم واحتشدوا لإقراره بأغلبية ساحقة ثم خاضوا عملية ديمقراطية نزيهة وشفافة لانتخاب رئيس الجمهورية,اعترفت تلك الدول أيضا بأن مصر تسير علي الطريق الصحيح الذي رسمته ثورة30يونية وأن شعبها تخلص من طغيان الإخوان وراح يعيد تشكيل مستقبله علي أسس سليمة…وكنا نعتقد بعد كل هذا أن المؤامرات التي حيكت ضد مصر قد فشلت وأن من تقفون وراء هذه المؤامرات قد سلموا بفشلهم وبانتصار إرادة المصريين بل وأن مصر هذا البلد العظيم يستعصي علي كل محاولات تفتيته أو كسره أو تدميره.
لكن يبدو أنه ماتزال هناك قوي دولية تصر علي عدم الاعتراف بهزيمتها أمام إرادة المصريين وتحاول يائسة تشويه ما تحقق منذ 30يونية…وها هي تستخدم أذنابها في إعادة إنتاج الأكاذيب والعودة إلي تزييف الوقائع محاولة خلق صورة مشوهة تدين بها السلطة في مصر وتهددها بالويل والثبور وعظائم الأمور!!…لكنها محاولة رخيصة ومكشوفة هيهات أن تنجح في جر مصر إلي الوراء أو لي ذراعها أو الضغط عليها…ولا يخفي علي أحد أن أصابع الاتهام في تلك المحاولة تتجه إلي أمريكا وأن أداتها في هذا الصدد كانت منظمةهيومن رايتس ووتش التي أصدرت التقرير المشبوه الذي أستقطع هنا منه بعض المقاطع لنتبين فداحة اغتيال الحقيقة وتزييف الواقع الذي عشناه جميعا…لكن لاغرابة في ذلك فلسنا نحن المصريين المقصودين بتوجيه التقرير إليهم وإلا كنا تساءلنا في تعجب:ألا تستحي المنظمة أن تزيف وعينا؟…لكن الحقيقة أن التقرير معد بنية مبيتة لتوجيهه إلي من يجلسون عن بعد في النصف القصي من العالم ولايعرفون حقيقة ماجري علي وجه الدقة أو إلي من طلبوا إعداده علي هذا النحو المخزي لتحقيق أغراض ماتزال تداعب خيالهم!!!
**يأتي التقرير تحت عنوان يفضح مبتغاه قبل أن يسرد منهجه في تقصي الحقائق,فعنوانه هو:حسب الخطة:مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر!!…ثم يمضي ليسجل:في ميدان رابعة قامت قوات الأمن المصرية بتنفيذ واحدة من أكبر وقائع قتل المتظاهرين في يوم واحد في تاريخ العالم الحديث!!!
**بالرغم مما عاصرناه وعايشناه من ملابسات تكرار مناشدة الشرطة للمعتصمين للخروج الآمن من الاعتصام وفتح طريق محدد آمن لذلك قبل يوم فض الاعتصام بثلاثة أيام وبالرغم من اقتراب القوات ببطء وحذر من موقع الاعتصام لفضه وإطلاقها النداءات تلو الأخري لعدم اللجوء للعنف أو إطلاق النار من جانب المعتصمين وبالرغم من تعرض القوات لنيران القناصة الذين اعتلوا شرفات وأسطح البنايات المطلة علي رابعة وسقوط ضابط شرطة صريعا كأول ضحية للفض وبالرغم مما رأيناه من لجوء فلول المعتصمين بعدما أيقنوا أن النهاية المحتومة آتية إلي تدمير وحرق كل المرافق التي احتلوها أثناء اعتصامهم حتي أنهم لم يتورعوا عن حرق مسجد رابعة ومستشفي رابعة -وكل تلك المهازل رأيناها مصورة تصويرا حيا خلال متابعتنا للأحداث…وبالرغم من ذلك كله يقول التقرير الكارثي:…لم تقدم قوات الأمن تحذيرا فعالا يذكر وفتحت النار علي حشود كبيرة ولم تترك مخارج آمنة لمدة تقترب من12ساعة وأطلقت قوات الأمن النار علي المرافق الطبية الميدانية كما وضعت القناصة في مواقع تتيح لها استهداف أي شخص يسعي لدخول مستشفي رابعة أو الخروج منه.وقرب نهاية اليوم تم إشعال النيران في المنصة المركزية والمستشفي الميداني والطابق الأول من مستشفي رابعة بأيدي قوات الأمن في الأغلب…وأرجو أن أسترعي نظركم إلي تعبيرفي الأغلب الذي ختم به التقررير هذه الفقرة والذي حاول به أن يستر قمة تزييفه للحقيقة عندما اتهم قوات الأمن بارتكارب التجاوزات التي ارتكبها المعتصمون أنفسهم!!!
**ولأني كما أسلفت أري أن التقرير موجه ومعد لحساب من لايعرفون ومن تآمروا لإعداده,لم يستح أن يصور ماحدث بالفعل علي أنه تمثيلية مصطنعة حين قال:حاول المسئولون المصريون تبرير فضهم لاعتصام رابعة بادعاء أنه كان يعطل حياة سكان المنطقة,ويوفر ساحة للتحريض والإرهاب وموقعا لقيام المتظاهرين باحتجاز معارضين والإساءة إليهم…هل تتصورون أن ما عايشناه طوال فترة الاعتصام من حجز المعتصمين لسكان العمارات المحيطة بالميدان كرهائن وترويعهم واقتحام مساكنهم وخطابات التحريض والإرهاب التي كان يطلقها أباطرة الجماعة من المنصة في الميدان والجرائم التي ارتكبوها في حق الإعلاميين وكل من أرادوا مغادرة الاعتصام…كل تلك الأفعال المشينة يوردها التقرير علي أنها ادعاءات المسئولين لتبرير عملية فض الاعتصام؟!!
**ونأتي إلي قمة المهزلة في التقرير عندما يذرف كينيث روث المدير التنفيذي للنظمة التي أصدرت التقرير دموعه تأثرا علي ضياع أحلام المصريين في ثورتهم فيقول:إنه لأمر مروع ومحطم للقلوب أن تخبو آمال الكثير من المصريين في أعقاب انتقاضات عام2011 وسط الدماء المراقة في عمليات القتل الجماعي التي صاحبت فض الاعتصام!!!…وأرجو أن نذهب جميعا لنكفكف دموعه ونربت علي كتفه لنخفف من آلامه علي ماحاق بأحلام المصريين التي تحطمت علي صخرة فض الاعتصام!!!
*ويمضيكينيث روث في اختلاف الأوهام التي يفرزها خياله عندما يقول:منذ أحداث يوليو /أغسطس 2013 تتواصل جهود الحكومة المصرية لسحق المعارضة وكنس انتهاكاتها تحت البساط,وإعادة كتابة التاريخ,لكن جهود الحكومة في هذا الصدد لايمكنها أن تمحو ماحدث في رابعة العام الماضي,وبالنظر إلي إخفاق مصر المدوي في التحقيق في تلك الجرائم فقد آن للمجتمع الدولي أن يتدخل!!!.
***عذرا…فلم أقصد الترويج لهذا التقرير المشبوه,فهو لايستحق أن نقف عنده,والحقيقة أننا لم نعد نكترث..لكن أنا أستعرضه وأعرض مهاتراته الفجة لعله يكون جرس إنذار لمن لم يستيقظ بعد من المصريين…أفيقوا وتكاتفوا ووحدوا قواتكم,فماتزال أمامنا تحديات كثيرة ليس أقلها علاج تشرذم القوي الوطنية في الإعداد للانتخابات البرلمانية-فإذا ما سمحنا بتقاعسنا بإعادة اختطاف مصر,هناك من القوي التي تقف متربصة للانقضاض عليها…تلك القوي لايروق لها اتحاد المصريين…ولا إصرارهم علي إقالة بلدهم من عثرتها…ولازيارة رئيسهم لروسيا!!