أعمال محفوظ تشبه ضخامة المعابد الفرعونية وبساطة البيوت الريفية وعراقة الحارة المصرية
أكد د . جابر عصفور وزير الثقافة، أن الشباب الذين قاموا بثورتي 25 يناير و30 يونيو هم أحفاد الكاتب الكبير نجيب محفوظ الذي كان أول من كتب كلمات تحض علي الثورة والحرية. جاء ذلك خلال الندوة التي أقامتها لجنة القصة برئاسة الكاتب الكبير يوسف القعيد – مقرر لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة بعنوان ” في ذكري رحيله .. نجيب محفوظ .. حضور متجدد ” في مساء السبت 30 أغسطس 2014.
ومن الحضور د. محمد عفيفي – الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، والعديد من الكتاب وأصدقاء نجيب محفوظ ولفيف من الصحفيين والإعلاميين.
وأضاف د. عصفور أن أول مؤتمر أقامه المجلس الأعلى للثقافة عن الرواية كان لابد وأن يلتقي بالكاتب الكبير نجيب محفوظ حتى يستمع لملاحظاته، ومن هنا انطلق المؤتمر الأول بإسم “ملتقي القاهرة للإبداع الروائي”.
وأشار إلى أنه في مارس القادم سيتم اقامة الدورة الجديدة للملتقي، وقال عصفور أنه كتب علي درع الملتقي كلمات لنجيب محفوظ كان قد كتبها في رواية “السكرية” – آخر روايات الثلاثية الشهيرة، وفيها يؤكد محفوظ على قيم العدل والخير والجمال والمثل العليا. وتلك الكلمات لابد وألا تكتب على درع فقط بل في ضمير ووجدان كل انسان
فمن يكتب هذه الكلمات يكتبها وعينه على التاريخ، وهو الكاتب المصري الذي يكتب عن الماضي بكل عصوره ويقف عند الحاضر ليستشرف المستقبل. نجيب محفوظ استطاع أن يحمل الحارة المصرية الضيقة إلى العالم مثل رواية “أولاد حارتنا” التي يمكن تطبيقها على تاريخ الانسانية كلها وحتي لسنوات قادمة، لذلك سيظل نجيب محفوظ بأدبه باقيا لأجيال قادمة، لأنه في أعمق الأعماق في أعماله توجد الثورة الأبدية.
وأشار جابر عصفور إلى أن الأجيال الجديدة في العالم تقرأ نجيب محفوظ وأنه يشعر بالفخر عندما يجد أعمال نجيب محفوظ مترجمة وموجودة في المكتبات العالمية، وأن ما صنع نجيب محفوظ هي الموهبة فالكثير يقرأ ويكتب ويذاكر ولكنه عندما يكتب لا يستطيع أن يكتب شيئا، أما نجيب محفوظ فبعض كلماته تغني عن الكثير من الصفحات وسطر واحد يجعلك تبحر معه إلى سماوات الإبداع ودون أن تشعر بالوقت وهذا ما يميز كاتب عن آخر ، ثم تأتي بعد الموهبة الثقافة والدأب على القراءة والمتابعة ، فأعمال نجيب محفوظ من نتاج مثقف بثقافة مذهلة.
وذكر د.جابر عصفور في احدي لقاءاته الأخيرة مع نجيب محفوظ ، أنه قال : الحمد لله أنني لم أعش عصر الانترنت لأنني ما كنت كتبت أو سطرت ما كتبت ، وأردف د . جابر عصفور أن انتاج نجيب محفوظ لم يقف عقبة أمام المبدعين الجدد وخاصة مبدعي الستينيات ولكن البعض اعتبروا أن نجاح نجيب محفوظ عقبة أمامهم ولكن مهما كانت العقبات أمام الكاتب وله موهبة فلن يقف امامه شئ.
ثم استعرض جابر عصفور تاريخ نجيب محفوظ الأدبي منذ أن بدأ الكتابة في الثلاثينات من القرن العشرين، وذكر أن أول ما بدأ به ترجمة كتاب لكاتب بريطاني وقد تأثر به في رواياته الثلاث الأولي وهي “عبث الأقدار” و”رادوبيس” و”كفاح طيبة” ، كما تأثر أيضا بكتابات سلامة موسى المفكر الاشتراكي “الفابي” ، ويري جابر عصفور أن تأثر نجيب محفوظ بالكتابة التاريخية نابعة من الكاتب البريطاني ولأنه يرى أن التاريخ أصل الوطنية المصرية ، وأكد جابر عصفور أن لمصر نسبا خاصا وعريقا وينبع منه قيم الانسانية مثل العدالة والحرية والإيمان بالقدر ومحاربة الاستبداد والتعاطف مع الثورة دائما ، وفي رواية “رادوبيس ” يصف الملك اللاهي إشارة إلى الملك فاروق، أما في ” كفاح طيبة ” فهي ذروة الروايات الثلاث حتى تنتصر مصر في النهاية. وعندما بدأ نجيب محفوظ في كتابة الرواية الواقعية ظلت المبادئ الأساسية له في الكتابة الحق والخير، فكل كاتب له ثلاثة أركان لرؤية العالم: الله و الانسان والعالم. وفي الروايات الفلسفية تمتزج الصوفية بالبوليسية في روايات تبدأ “باللص والكلاب”، ولم ينس نجيب محفوظ السؤال الديني في كتاباته قط عن المعذب الأبدي والبحث عن القيم الأبدية الثابتة والتوازن بين العلم والدين والعقل والروح، والبعد الاجتماعي يجعل كل ذلك متوازنا في تقبل الآخر وأن العالم يسير بالتوازن وإلا سيحدث التطرف الاجتماعي والديني. وكانت البداية برواية ” المرايا”.
ونجيب محفوظ تأثر بالأجيال التي جاءت بعده ولم يكن يريد أن تهزمه هذه الأجيال ولكن كتاباته كانت مثل ضخامة المعابد الفرعونية وبساطة البيوت الريفية وعراقة الحارة المصرية.
وقال الكاتب الكبير يوسف القعيد: أن نجيب محفوظ يعيش في ضمائرنا ووجداننا بعد رحيله بثماني سنوات ولم يغب عنا، وتساءل يوسف القعيد لو كان بيننا نجيب محفوظ الآن ماذا كان سيكتب عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، وطرح سؤالا آخر ماذا كان سيكتب في عام حكم الأخوان ، واستعرض القعيد ذكرياته مع نجيب محفوظ وتحضيرهم لأول مؤتمر عن الرواية واقتراحاته بعمل مؤتمر عن الشعر وآخر عن القصة القصيرة.