تحدث البابا تواضروس الثانى اليوم خلال عظته الاسبوعية عن حياة الرضا وكيف نقتنيها وقال “من قبل خلقة الإنسان كان الإنسان مجرد فكرة فى عقل الله , فالله الخالق العظيم فكر فيك قبل أن يوجدك وفكر فيك كشخص تولد فى هذا العالم بل أكثر من ذلك أنه كان مشغول بك قبل أن تظهر فى الوجود, لكن الله فى ترتيبه أن يوجدك كإنسان فى زمن معين وتوقيت معين وبجنس معين وعلى أرض معينة وتصير أنت”.
وأضاف هذا هو اساس حياة الرضا فقبل وجودى الله مهتم بى ومعتنى بى وهذا ما نسميه بانشغال الله الخالق بخلقة يديه, فحياتك كلها مكشوفة أمام عين الله , فكل سنين عمرك مكشوفة أمامه ، كنت فكرة فى عقل الله وانشغل بك حتى اوجدك فأنت موضع اهتمامه قبل أن توجد
فنحن كبشر نفرح بقدوم مولود جديد ولكن الله له فرح خاص بوجودك أنت. قال فى الكتاب المقدس “أنا حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم الى” الله يحملنا , ويكبر الانسان الى ان يصير انسانا بالغا
وعن إقتناء حياة الرضا قال البابا أول شيئ هو الطاعة وقبول مواعيد الله، قديما كان يحيا ابراهيم أبو الاباء فى أور الكلدانيين فى العراق وجاء اليه النداء الالهى ” وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة وأبارك مباركيك، ولاعنيك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض” (تك 12 : 1-3) ” فذهب أبرام كما قال له الرب وذهب معه لوط” (تك 12 :4) وأطاع إبراهيم.
ونتعلم فى النسكيات الديرية “على ابن الطاعة تحل البركة” والحياة تشهد بذلك ان الانسان الذى يعيش بالطاعة ينال بركة, فى البيت ينال بركة الاسرة , فى الدير بركة الرهبنة, فى الخدمة ينال بركة الكنيسة , فى المجتمع ينال بركة المجتمع الذى يحي فيه.الانسان لا يشعر بالرضا ألا من خلال حياة الطاعة.
وأضاف البابا أن الأمر الثانى هو التسليم ومن ابسط صور التسليم الطفل الصغير الممسك بيد ابيه فى شارع زحمة فيشعر بالامان رغم كل الظروف، فى سير القديسين عندما يتعرض الاخ المبتدأ الى حروب كان يصلى قائلا “ببركة ابى يارب ارفع عن هذه الحرب” ففكر الانسان المستمر واختراعاته جعلته لا يحي حياة التسليم, فيفكر بطريقة سلبية . أما التسليم فهو التفكير الهادئ “أما طيب القلب فهو وليمة دائمة” فالتسليم يشعر الانسان دائما بالراحة النفسية الداخلية.
حياة التسليم هى ضمان الصحة النفسية للانسان. التسليم أداة أمان ومن اقرب الأمثلة هى راعوث , الانسانة التى عاشت حياة التسليم الى اخر يوم فى حياتها رغم كل الظروف.
أما الأمر الثالث فهو الثقة والايمان فى شخص المسيح الذى يدبر هذه الحياة، “كل الاشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله” ثقتى ان يد الله قوية ومازالت تعمل وهو يدبر كل شئ وتدبيرات الله كلها حكيمة
مثل شاول الطرسوسى الذى كان يضطهد كنيسة الله بإفراط ومجرد ذكر اسمه كان يزعج كل احد ولكن بعض ظهور السيد المسيح له لم يجد سوى هذه العبارة ليقولها “ماذا تريد يارب ان أفعل؟” فكانت هذه الاجابة تشمل 3 جوانب حياة الرضا الطاعة والتسليم والثقة فى شخص المسيح.
“لست تفهم الان ما أنا فعله لكنك ستفهم فيما بعد” يوجد أشياء كثيرة لا نفهمها لكن الله فى التوقيت المناسب يعمل ويعمل لخير الانسان.
“كل أيام الحزين شقية ، أما طيب القلب فوليمة دائمة”(أم 15:15) الانسان الحزين هو الانسان البعيد عن ربنا والانسان المعتمد على فكر والانسان الذى لا يشعر بالتعزية ,اما طيب القلب فهو الانسان الراضى و المطيع , الذى يحي حياة التسليم فيكون وليمة دائمة أى يشعر بشبع.
وأسرد قداسة البابا عدة نقاط لتوضيح الممارسة الفعلية لحياة الرضا أولها تجنب كلمة “أشمعنا “فى حياتنا ثانيا تقليل من كلمة “لأ” فهى كلمة متعبة حادة على السمع عكس كلمة حاضر الكلمة المريحة والتذمر يفقد الانسان بركات كثيرة, مثل تذمر الابن الاكبر فى مثل الابن الضال.
ثالثا إذا كنت فى موضع إختيار , لا تختار الأول مثلما فعل ابراهيم عند اختيار الأرض فترك لوط ابن اخيه يختار الاول ليشعر الانسان بالأخر.
رابعا اجعل كل احاديثك مصحوبة دائما بابتسامتك.فالابتسامة هى اللغة العالمية التى يفهمها كل الناس.غياب روح الفرح أو روح الابتسامة يجعل ما تقوله كلمات جامدة.
أما الفعل الخامس فهو استخدم عبارات ايجابية فى كل احاديثك. اوصف الناس بصفات محبوبة لهم.الصفات الجميلة تشعر الانسان بالرضا والسعادة النفسية. سادسا أكتب 30 نقطة تشكر ربنا عليها فى حياتك.واحفظ هذه الورقة معك دائما لتصلى بها الى الله وتشكره على نعمه معك.
وأختتم البابا عظته قائلا “نحن نتأمل فى حياة الرضا فى صوم أمنا العدراء لانها مثال لهذه الحياة الراضية وهذا ما جعل منها انسانة قديسة نطوبها ونعيش معها حياة الرضا”.