لوقف محاكمات ازدراء الأديان وتنتقد يزايد وتيرة ملاحقة الأقليات الدينية وأصحاب الرأي بمواد قانونية مخالفة للدستور
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن مخاوفها من تزايد وتيرة ما يعرف بمحاكمات ازدراء اﻷديان، التي تستهدف ملاحقة الأقليات الدينية وأصحاب المعتقدات واﻵراء المخالفة لمعتقد اﻷغلبية المسلمة السنية، وذلك في ظل الأحكام الصادرة بحق المتهمين في هذه القضايا خلال الشهور اﻷخيرة، وخصوصًا في محافظة الأقصر.
جاء ذلك تعليقا على حكم محكمة جنح مستأنف الأقصر بحبس المعلمة دميانة عبيد عبد النور 6 أشهر بعد أن قضت محكمة جنح أول درجة بتغريمها مائة ألف جنيه. وقالت المبادرة المصرية في بيان أن هذه القضية هي الثالثة في محافظة الأقصر خلال النصف الأول من السنة الحالية، فقد أصدرت نفس هيئة المحكمة – جنح مستأنف الأقصر – حكمًا في 13 أبريل الماضي في القضية رقم 672 لسنة 2014، برئاسة أحمد عبد المقصود بالحبس 6 أشهر لكلٍّ من: شهيرة محمد أحمد سليمان، وخليفة محمد خير، بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، وألزمت المحكمة المتهمينِ بدفع المصروفات. هذا، بالرغم من أن محكمة جنح الأقصر – أول درجة – قضت ببراءة المتهمينِ من التهمة المنسوبة إليهما بازدراء الدين الإسلامي، وتغريم المتهمة الأولى مبلغ مائة جنيه عن تهمة عدم حيازتها بطاقة إثبات الشخصية، يوم 19 فبراير 2014، خلال الجلسة الأولى للمحاكمة. وقامت النيابة العامة بالطعن على الحكم.
كما يحاكم كيرلس شوقي عطا الله في الوقت الحالي، بتهمة ازدراء الدين الإسلامي على إحدي صفحات الفيس بوك، واسمها: “فرسان الصليب”، أمام محكمة جنح أرمنت بمحافظة اﻷقصر، التي قامت بتأجيل محاكمته إلى تاريخ 24 يونيو الجاري.
حذرت المبادرة المصرية من وجود حالة من التربص بحرية الرأي والتعبير من قبل أفرادٍ ومؤسساتٍ تريد فرض وصايتها على المواطنين، في ظل مناخ معادٍ للحريات، مدعوم من السلطة الحاكمة، وخصوصًا أن المواد القانونية التي يحاكم على أساسها المتهمون تنتهك حقوقًا دستورية راسخة واضحة، خصوصًا المادة 98(و) التي أخَلَّت بقواعد المساواة في الحماية القانونية، وافتقرت إلى الضوابط الدستورية اللازمة للتجريم، وقيدت من الحقوق والحريات.
وقال إسحق إبراهيم، مسئول برنامج حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية، إن: “الوضع في محافظة الأقصر يبعث على القلق، حيث أصبح تحرير محضر ضد مواطن بتهمة ازدراء الأديان كفيلًا بحبسه، في ظل الميل إلى محاكمة المتهمين على أساس القيم وليس على أساس تطبيق النماذج الإجرامية الواردة في قانون العقوبات، وفي ظل غياب التحريات الدقيقة، عادةً ما تلقى أجهزة الأمن القبض على “المشكو في حقه”، دون التأكد من صدق الشكوى، ومدى اتفاقها مع صحيح القانون. وعلى نفس المنوال تأتي تحريات المباحث المسلَّمة إلى النيابة العامة، حتى تكاد تكون نسخة من البلاغات المقدمة من أهالٍ ضد مواطنين آخرين، يتهمونهم بازدراء الأديان.، وأضاف إبراهيم: “إن هذه القضايا تعد أول اختبار حقيقي للقيادة السياسية الجديدة بشأن مدى التزامها بقيم المواطنة وضمانات حريات الدين والمعتقد المنصوص عليها دستوريًّا، وخصوصًا، أنها بيدها سلطة العفو عن المحكومين في هذه القضايا.”
قد رصدت المبادرة المصرية 48 حالة ملاحقة أهلية وقضائية، منذ يناير 2011 وحتى نهاية 2013، بعض هذه الحالات اقتصر العقاب فيها على العقاب العُرفي، وبعضها تم توقيع العقاب فيها من قِبَل جهة العمل. إلا أن هناك 28 قضية نظرت فيها المحاكم خلال هذه الفترة. كما رصدت تزايد أعداد هذه القضايا من ثلاث فقط خلال 2011 إلى 12 خلال 2012، ثم إلى 13 قضية خلال2013. وأدانت المحاكم ٢٧ من 42 متهمًا، وبرأت ساحة ثلاثة متهمين ولم تقبل الدعوى بالنسبة إلى 11 متهمًا، لأنها لم ترفع من طرف مختص. وما زالت هناك قضية لمتهم واحد، هو المواطن شريف جابر، أمام محكمة الجنح.
هذا، وتطالب المبادرة المصرية بتغيير التشريعات المقيدة للحريات، التي تنتهك الحقوق الدستورية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما طالبت وزارة العدل بنقل محاكمة كيرلس شوقي إلى محافظة القاهرة، مع توفير بيئة مواتية لمحاكمات عادلة لجميع المتهمين، تضمن حقوقهم في الدفاع عن أنفسهم وتقديم دفوعهم.