تعرف المخيلة بكونها القدرة الفطرية .فى العقل البشرى لخلق افكار او صور عن عوالم غير واقعية .وفى الامثال العامية المصرية .نجد قدرة عجيبة للمخيلة الشعبية على توظيف الحيوانات والطيور والجمادات .فى نسج الامثال للوصول الى حكم المثل .بشكل طريف يبسط الرسالة .
وينمى الخيال بشحذ الذهن من خلال رسم صور فانتازية تهرب من الواقع رغم انها تحاول ان تعطيه الحكمة او النصيحة او تسخر منه ولكن بتخيل غير متوقع الامر الذى يحقق التسلية ويمتع السامع .ويحقق الهدف المرجو من المثل بعد فك الرموز .والباحث فى قواميس الامثال العامية .يجد العديد من النماذج التى تكشف عن فانتازيا وخيال خصب .ومن هذه الامثال نذكر
(اركب الديك وانظر فين يوديك )
فى دهشة وغرابة يدعو المثل الى ركوب الديك .الامر غير المعقول .والاكثر من ذلك يطلب الانتظار الى نتيجة هذه الرحلة الوهمية .ويقال للشخص الواهم .المنفصل عن الواقع .والذى لايدرك حقيقة الامور .او حقيقية وقدرات نفسه .فى سخرية مريرة من الذى يبنى قصور فى الهواء .ويتجاهل ضعف ادواته وامكانياته .
(اضرب الارض تطرح بطيخ )
رد ساخر ياتى على لسان شخص ضاقت الدنيا فى عينيه .واغلقت السبل والابواب فى وجهه .فيتسال عن ما الذى يمكن ان يفعله ؟ويعبر المثل عن الهروب من واقع فقره القاسى .فهل اذا ضرب الارض سوف تطرح بطيخ .انه حل سحرى ومضحك لحالة ياس .مؤكدا ان شر البالية ما يضحك.
(افطر على راس حية ولاتفطر على فولة نية )
الفول هو الاكل الشعبية الاولى عند المصريين .ويحتل مكانة كبيرة فى حياتهم .وهوايضا مصدر كبير للفكهات والتنكيت .ويرى فيه البعض سر شقاء الغلابة وتعاستهم رغم الاقبال الشديد على الافطار به .والمثال يرى ان الافطار على راس ثعبان افضل من الافطار باكل الفول .
(اقعد فى عشك لما الدبور ينشك )
يقال لمن يستهين من الخطر المتجه نحوه .وقد بالغ المثل من خطورة الدبور .واستبدل محل معيشة الانسان ب العش وهو مكان الاعاشه للطيور .
(الاكلانة – البقة – تولد مية وتقول يا قلة الذرية )
حشرة البق من الحشرات الضارة والمكروهة .ويتخيل المثل انها تلد مائة بقة .ومع ذلك تقول انه عدد قليل ولايحقق لها العشيرة والذرية الكافية .ويسخر المثل من كثرة الانجاب دون توقف
(البحر غربال الخايبة )
مثل شعبى لايخلو من شاعرية .رغم سخريته من المراة الخايبة التى تجد فى البحر غربال لتنقية الشوائب .فى حين ان فيه تضيع الحبوب والبقول والشوائب ايضا .
(الدست قال للمغرفة ياسودة يا معجرفة قالت كلنا اولاد مطبخ )
مثل يقال لمن يتكبر على شخص ينتمى الى نفس فئته او طبقته .ويتخيل حديث بين جمادات من ادوات المطبخ الدست (القدر )والمغرفة .حيث يتعالى الدست بعنصرية مقيته على المغرفة ويعايرها بلونها الاسود فتذكره بانتمائهم الى نفس المكان
(السمك بيطلع نار قال المية تطفيه )
يقدم المثل صورة خيالية مبالغ فيها للسمك الذى يخرج نار .وهو يعيش فى الماء .ويقال لمن يهول ويبالغ فى خطر غير موجود فى الواقع
(الغراب الدافن يقول النصيب على الله )
يقال لمن يتعب دون اجرةويعتمد على الصورة التراثية بان الغراب هو الذى علم الانسان الدفن .
(الفار وقع م السقف قال له القط اسم الله عليك قال سيبنى وخلى العفاريت تركبنى )
ويهدف المثل الى ان العدو مهما تحدث بلسان غاش لايمكن ان يكون حبيب ابدا .مستغلا العداوة التقليدية بين القط والفار .فى قصة قصيرة جدا تكشف تفضيل الفار للخطر الخفىء بدلا من السقوط بين اسنان القط المتظاهر بالعطف .
(الفرخة قالت لصاحبتها متفضليش علينا دا تعب رجلينا )
يقال لمن يدعى الاحسان على شخص لم يعطيه الا اجرته .وهو يتخيل فرخة تقول لصاحبتها انت لاتتفضلى علينا بشىء نحن الذين ننبش على الحبوب برجلينا
(المتعوس ان جه يشتغل فى الطواقى يخلق ربنا ناس من غير روس )
يبالغ المثل فى نعى حظ المتعوس او المنحوس .وفى سبيل ذلك يصل الى صورة خيالية فانتازية مرعبة لوجود ناس بلا روس .ويقال لمن يفشل فى اى تجارة يقوم بها .
(ان كانت البيضة ليها ودنين يشيلوها اتنين )وفى مثل اخرى تستبدل البيضة بالقفة .ولكن الصورة الفانتازية التى تدعو للاستغراب والدهشة للبيضة التى لها اذان .ويقال للحث على التعاون
(بات فى بطن سبع ولا تبات فى بطن بنى ادم )
مثل غريب يقال للتحذير من الثقة فى انسان .ويفضل ان ياكل المرء اسد بدلا من ان ياكله بنى ادم .فى مبالغة فجة .
(تضربنى تقطع راسى تصالحنى تجيب لى راس منين )
كما ان هناك ندم لايفيد .هكذا يوجد صلح واعتذار بلا فائدة .باستخدام صورة خيالية تبالغ فى الضرر.الامر الذى يؤكد على ان الصلح فى حالة قطع الراس لايفيد .
(جت الدودة تقلد التعبان اتمطعت قامت اتقطعت )
يقال لمن يقلد احد بشكل اعمى .دون ان يدرك الفوارق الامر الذى يؤدى الى الهلاك .
وعلى غراره المثل الذى يقول (جم يحدوا خيل الباشا مدت ام قويق رجلها ) فكما تقلد الدود الثعبان تقلد ام قويق الخيل وتريد ان تضع حدوة فى رجلها .
(حد يقول البغل فى الابريق )
يقال عند حدوث امر غير متوقع .باستخدام صورة فانتازية لدخول البغل بكل حجمه فى الابريق
(حداية ضمنت غراب قال الاثنين طايرين )
يقال للتعبير عن عدم الثقة فى عدد من الاشخاص .فالحداية والغراب لا امان لهما .ولاثقة فيهما .لانه لايمكن السيطرة عليهما .
(خارج من الحريقة قابله الغراب زغطة )
يقال لمن يستهان بالخطر وفى نفس الوقت يقلق من الامور البسيطة .فالذى يخرج من النار لن يخاف من الغراب
(خنفسه شافت بنتها ع الحيط قالت دى لولية متعلقة فى خيط )وهو يتشابه مع مثل (القرد فى عين امه غزال )
(طير فى السماء اسمه غضنفر يجمع الاشكال على بعضها )
والمثل يتطابق مع مثل (الطيور على اشكالها تقع ) ولكن الغريب فى المثل انه يتحدث عن طائر فى السماء اسمه غضنفر – وهو احد اسماء الاسد – هو الذى يجمع الاشكال على بعضها .
وتكشف النماذج المذكورة عن اتساع الخيال الشعبى .وتحطيمه للحدود فى سبيل التاكيد على الفكرة التى يطرحها المثل .من خلال المورث الشفاهى الذى لايقف عند الواقع ولايكترث به .مما يشير ايضا الى خسارة تجاهل الاجيال الجديدة للامثال الشعبية .التى الى جانب كونها حكم متوارثة الا انها تتضمن ايضا خيال فطرى بكر.يخلق عوالم موازية سواء اكانت عوالم تحتوى (ناس بدون روس ) او يتحدث فيها (الدست مع المغرفة )او يدخل فيها (البغل فى الابريق ) فيالها من خسارة لاتعوض .