زار مصر الأسبوع الماضى الأخ والصديق فكرى فرنسيس، وهو مصرى مهاجر إلى كندا- مونتريال منذ أكثر من أربعين سنة، وكان للمدرس قيمته واحترامه، كان أيضا أستاذا لى فى مدارس التربية الكنيسة بكنيسة رئيس الملائكة غبريال بحارة السقايين بعابدين وكان معه أساتذه كبار لهم كل الحب والاحترام مثل الدكتور مدحت رياض والمهندس تادرس ميكائيا وغيرهم، وهم جميعا مهاجرين الآن إلى امريكا وكندا، كانوا هم، ونحن أيضا، أبناءًا وتلاميذ الطيب الذكر الدكتور ميخائيل بسالى الأستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة والمسئول عن مدارس الأحد فى الكنيسة، وكان قديسا يمشى على الأرض، وأستاذا متواضعا، وعالما من العلماء المصريين القليلين.
قابلت الصديق والأستاذ فكرى فرنسيس مع زوجته المفضلة(ولاء حنا فرنسيس) وتناولنا طعام الغذاء فى بانوراما مبنى الاذاعة والتليفزيون على النيل، كان الصديق وزوجته سعداء جدا برحلتهما إلى مصر ضمن رحلة طويلة إلى جنوب شرق آسيا إستقرت نهايتها فى القاهرة الساحرة، وكم عبرا عن سعادتهما بمنظر النيل الخالد وجمال القاهرة التى يشعرون دائما بشوق اليها وحنين للوطن الأول مصر، ويعمل فكرى الآن فى لجنة المعونات للدول الفقيرة بكندا وكان أيضا يعمل بالتدريس هناك، هذا غير الخدمة الدينية التى تميز بها وله اجتماعات أسبوعيا للشباب والسيدات هناك.
كان صديقى وزوجته سعيدان بشكل ملحوظ غير عادى، قالى لى: ان مصر تقوم من كبوتها وهى تبنى نفسها من جديد، واننا نشعر أن الله دائما معكم، والخير قادم قريبا، وقد تقدما إلى قسم الجوزات والجنسية فى قسم أول شرطة مدينة نصر لاستخراج أوراق خاصة بهم خاصة بجوزات السفر والانتخاب، وعبر فكرى عن دهشته الحقيقية وسعادته وشكره لرئيس قسم الجوزات فى القسم لأنه رجل شرطة يعرف عمله جيدا ويقف مراقبا المكان كله، وبمجرد أن يجد مشكلة يذهب ليحلها على الفور دون معرفة صاحبها، وقد شعرت بتغيير كبير فى معاملة الشرطة للجمهور، تغيير للأفضل فعلا، وتحقيق لمبدأ : الشرطة فى خدمة الشعب، قال لى فكرى: طلبت استمارات من الموظف المختص فتأخر عنى وماهى إلا لحظات ووجدت هذا الضابط الشجاع يأتى إلى ليسألنى هل هناك مشكلة؟ وفى الحال استلمت الاستمارات. ثم قبل أن أترك المكان طلبت من الموظف أن يستلم جواز السفر الخاص بى أحد أقاربى فى اليوم التالى فرفض ذلك لأنه ممنوع، لكن الضابط حضر الى مرة أخرى وعندما تأكد أننى لن أستطيع الحضور فى اليوم التالى كتب وأوصى بامكان استلام أحد أقاربى للجواز وختم على الأوراق بذلك.. وقالت لى السيدة ولاء زوجة فكرى أنها عندما تقدمت لدفع مبلغ 120 جنيها ثمن تجديد جواز السفر قدمت للموظف ورقة بمائتى جنيها فاعتذر أنه لا يملك فكة فوقفت محتارة ماذا تفعل؟ وعلى الفور جاء الضابط وسألها عن المشكلة ثم أخذ الورقة وفكها بنفسه وحل المشكلة فى الحال. وقالت: فعلا هناك تغيير وهذا الضابط الذى يعرف عمله جيدا ويحل مشكلة الناس فى الحال صورة مشرقة لرجل الشرطة.. ثم قال فكرى:
لقد ذهبت إليه قبل أن أنصرف من المكان وأترك قسم الشرطة لأشكره على الأقل وأتعرف عليه.
انه مقدم شرطة أيمن اسماعيل رئيس قسم الجوازات والجنسية قسم أول شرطة مدينة مصر.
هكذا إستطاع هذا الضابط أن يشد انتباه صديقى فكرى فرنسيس وزوجته، وكما عرفت فأن كل الموجودين فى القسم عبروا عن إعجابهم وشكرهم له، حقيقة انه قام بعمله اليومى العادى، لكنه أتقنه وأخذ بحل مشاكل الناس التى ثد تبدو بسيطة لكنها يمكن أن تستغرق أياما، وفوت علينا بكرة. و.. و.. لكن الرجل قضى على الروتين وأراح الناس وحافظ على وقتهم، واكثر من ذلك حافظ على ابتسامتهم وتوازنهم النفسى تحية للمقدم شرطة أيمن اسماعيل الذى لا أعرفه، لكنى أعرف انه الانسان المصرى الذى يحب عمله ويحب الناس ويعيد الابتسامة المشرقة على وجه المصريين والأجانب.
مصر تعيد بناء نفسها، وتستعيد حضارتها العريقة، أو ليست مصر أم الدنيا، وفجر التاريخ، وصاحبة العلوم والفنون والأخلاق منذ آلاف السنوات؟.