+ أنتهت الرابعة مساءاً الخميس 8/5/2014 مراسم حفل وداع المربية الفاضلة مس هيلينا فورهوفه الام الروحية لفتيات طما
حيث احتشد عشرات الآلاف من أبناء مركز طما وأبناء كنائس الاخوة فى محافظات أسيوط وسوهاج والاقصر وأسوان داخل السرادق الذى أقيم على طول مساحة فناء مدرسة النور والتى أحتفلت بعيد ميلادها الـ 102 بالآمس القريب .. ازدان الفناء بآيات من الكتاب المقدس التى أتخذتها مس فورهوفه منهجاً لحياتها ( الله الذى دعانى منذ وجودى الى هذا اليوم ـ أمين هو الله ـ كثيرة هى أمانتك ) ..
+ أصر منظمى ومشرفى حفل الوداع أن يصطحبوا المودعين من ابناء واحباء مس فورهوفه ( والتى منحها شعبها مؤخراً لقب القديسة ) للصعود الى غرفتها البسيطة بالدور الثانى للمبنى الداخلى الملحق بالمدرسة لتلقى الابتسامة الملائكية الوداعية حيث أشرقت غرفتها بضياء روحها الطاهرة .. وأشعاعاتها الملائكية النورانية .. وملامحها الدقيقة وقسمات وجهها الوادعة الذى توشح بالغطاء الابيض فرسم هاله الجلال والوقار .. فيما جلست تلميذتها السيدة فايزة عطا ابراهيم والتى لازمتها طوال رحلة خدمتها الى جوار سريرها مع زهراتها الصغيرات واللواتى لايصدقن أن ملاكهن قد رحل .
+ وقد سُمح للمودعين بالاحتفاظ بالصورة الوداعية الاخيرة حيث أودعت القديسة داخل تابوتها المكسو بالاقمشة البيضاء الحريرية اللامعة وهى تبدو مستريحة كطفل صغير الى حضن أبيه .. بدا المشهد يوحى بأن هناك ضيفاً من النبلاء عظيماً غادر ارضنا ينطلق ليستودع الى محفل ابرار قديسين .. الى الاخدار الابدية
+ أتخذت لى موضعاً بين الفتيات والشباب والاسر الطماوية مسيحيين ومسلمين يصطحبون اطفالهم ليروا المشهد المهيب للوداع .. لكى أتمكن من الاحتفاظ بملامحها الملائكية فى لقطة تصويرية
دقت الساعة لتعلن بدء هذا المحفل الراقى الوقور
+ د. عصام عزت مسئول الانشطة الروحية والخدمية ( لبيت أيل ) الملحق بالمدرسة قدم لاحتفالية الوداع بالقول : نحن نقدر هذة العطية الرائعة ، ونجتمع مع الاجيال من ابناء المدرسة والاسر فى طما لنودع الام الغالية والمربية الفاضلة مس هلين فورهوفه ولنتذكر معاً حبها وعطائها عبر السنين .. وليعبر الناس الذين عاشت بينهم ، وعاشوا حولها ، ورأوا ثمار جهودها فى مدينة طما .. أضاف سنتابع الاحتفال فى مرحلتين رسمياً بكلمات من ممثلى مديرية التربية والتعليم بسوهاج والعاملين بقطاع التربية والتعليم والتعليم الخاص ، والاساتذة الاجلاء ،الذين يشرفوننا فى حفل الوداع والاجهزة المحلية وعلى رأسها رئيس مركز مدينة طما .. الى جانب ممثل السفارة الهولندية بالقاهرة وروحياً بكلمات وداعية وقراءات من الكتاب المقدس من ممثلى كنائس الاخوة وعلى رأسهم فاروق الظابط ممثل كنائس الاخوة فى مصر أضافة الى الاباء الكهنة بمطرانية طما ممثلى عن الكنيسة القبطية .
+ أكد عصام ابو فايد مدير ادارة التربية والتعليم بطما بالقول : أن كنا نودع استاذتنا مربية الاجيال ، ورسول التعليم ، ورسول السلام فقد رأيناها وهى تبث التعليم والتنمية فى ربوع طما ، وتنشر السلام والمحبة فى نسيج الوطن الواحد ولها أيادى بيضاء على أجيال طما .. ويكفيها فخراً أنها أوصت أن تدفن بين أبناء طما ويتشرف بها ثرى طما .
+ وفى كلمتة قال الاستاذ جمال عبد اللاه عمار كنا منذ أيام قليلة نحتفل بعيد ميلاد مس فورهوفه الـ 102 .. والان نودعها وأضاف بالقول : قليلون هم الذين يحفرون تاريخاً ويسطرون مبادئ تفيد امجتمع كله لذلك لايموتون ويتذكرهم الناس لعشرات السنين .. مس هيلين ستبقى ذكراها تاريخاً سجلته طما بل وصعيد مصر وأخترت الامانة شعاراً لها فكانت امينة فى كل خطوة وسفيرة لبلادها وقدوة لنا ومثال .
+ قال نور عبد الرازق ـ عضو مجلس الشعب سابق ـ نحن ننعى السيدة الفاضلة كرمز للحب والعطاء ، وأبرز عناصر الثقافة والاستنارة لاجيال طما .
+ وأعتلى ممثل السفارة الهولندية بالقاهرة المنبر ليقول كلمتة القصيرة حيث أكد أن مس فورهوفه علامة ورمز للصداقة المصرية الهولندية على مدى عمرها المديد .. لقد احبها الاطفال وأطلقوا عليها ( لقب الست ) وفى عام 1955 منحتها الملكة فى هولندا نيشان الفروسية تقديراً لعطائها .. وظلت ترفض بقولها انا عملت فى مصر وليس فى هولندا .
+ وقد عبرت الطفلة مريم ناصر عن مشاعر تلاميذ المدرسة الذين كانوا يرونها يومياً .. وكانوا يعتزون بها .. حتى فى الاوقات التى كانت لاتستطيع الحديث اليهم فى السنوات الاخيرة .. كانت تربت على أكتافهم وتشجعهم وتبتسم لهم .. قالت الطفلة : ماما هيلين يا أطيب وأرق انسانة عرفناها .. ياللى تعلمنا منك كل حاجة حلوة .. وأتربينا فى مدرستك وأنتى كنتى مدرسة .. ما تكلمتيش كتير لكن حياتك وسلوكك أفضل عظة .. أحنا بنودعك لكن هاتفضل سيرتك الحلوة .. وشخصيتك النادرة وأمومتك هانفتكر فيها على طول .. هاتوحشينا ياماما هيلين .
+ وعند قرب نهاية الاحتفالية قدم الاستاذ فايز فخرى حزين والذى ارتبط بمس فورهوفه وكان شريكاً لها فى مجالات الخدمة التعليمية والتنموية كممثل لهيئة المالكة بأدارة المدرسة قام بسرد تاريخ حياتها الحافلة بمجالات الخدمة قال : ولدت مس فورهوفه 11 أبريل 1912 فى لاهاى بهولندا وكان اباها خادماً للرب ووالدتها من طبقة النبلاء .. بل وابن أخيها كان مسئولاً ومستشاراً لملكة هولندا وهى السادسة بين ثمان اخوة .. تعرفت على الرب فى عيد ميلادها 12 .. خدمت فى مدارس الاحد ثم شاركت فى مخيمات الشابات فى هولندا عام 1929 .. فى سن الـ17 شعرت بدعوه من الرب للذهاب الى مصر للخدمة المرسلية .. ووافق والدها بشرط الا تذهب قبل سن الـ25 .
+ أضطرت للالتحاق بمدرسة المعلمات لمدة سنتين ثم عملت كمدرسة ثم فى ملجأ أطفال فى المانيا ثم التحقت بدوره طبية فى بريطانيا خاصة بالمرسلين .
+وصلت الى الاسكندرية لاول مرة فى سبتمبر 1937 ومنها الى القاهرة حيث بقيت عامين لتعلم اللغة العربية .. ذهبت لطما لتساعد فى ادارة المدرسة عام 1939 ثم أستقرت بطما منذ عام 1941 وحتى الان .
+ بارك الله خدمتها فى المدرسة الى جانب زياراتها لبيوت القرويين فى طما والقرى المجاورة .. فى الاربعينيات بدأت اجتماعات طابيثا للسيدات المحتاجات .. وقد جائت والدتها لتضع حجر الاساس لمبنى المدرسة الجديد ( مدرسة بيت أيل ) وأفتتحتها فى 5 فبراير 1954 وفى سنة 1959 أصبح أسم المدرسة ( مدرسة النور ) وعين لها مدير مصرى وناظرة مصرية وفى عام 1970 تعرضت للأبعاد عن مصر .. لكن الرب سمح بأعادتها لمواصة خدمتها .. فى عام 1980 أشترت مدفناً وأوصت أن تدفن فى طما بين ابناءها .. غادرت مصر فى أخر رحلة لها الى هولندا عام 1997 .. وتعرضت لفقد الابصار قرابة عام 2005 وتراجعت صحتها منذ ديسمبر عام 2008 بعد اصابتها بكسر فى عظمة الفخذ أثر سقوطها على الارض .. مارست عملها الخدمى والروحى أذ كانت تحضر اللقاء الصباحى للتأمل فى الكتاب المقدس .. وبعد أتمام 100 عام كانت تتحرك بصعوبة ولاتفارقها ابتسامتها.
+ شهد لها الكثيرين بالقول : قدمت مس فورهوفه كثير من الدعم المالى والمعنوى لانشطة الوحدات المحلية والوحدات الصحية بطما .
+ ختاماً هذة هى نهاية سيرة أستحوذت على قلوب المصريين ، وحفرت فى الصخر ، وضعت ثقتها فى الرب ، فتذللت أمامها الصعوبات ، مدت يديها للمساكين ، وفتحت يديها للفقير .. وأذ ماتت لازالت تتكلم بعد .