امام الاختيار الناس أنواع :هناك من لا قدرة له البته على الاختيار لان لا قدرة له على اتخاذ قرار ، و هؤلاء يتركون الاخرين يختارون النهاية التى يعجزون هم عن بلوغها، و حتى لا يتحملوا مسئولية القرار ، وهكذا يريحون ضمائرهم بوهم أن الاخرين هم الذين اتخذوا القرار
و هناك من يختار على أسس فاسدة بطبيعتها اى أن معيار الاختيار نفسه سطحى أو وقتى أو وضيع أو غير كاف فى حد ذاته فيكون اختياره من جنس معياره و النتائج عادة خراب و تدمير أو على الاقل تغليب لاعتبارات تافهه ثانوية على اعتبارات الحق و الخير و القيم الموضوعية .
قليلون جدا من فهموا ان فى كل اختيار تضحية وأن الاختيار الحقيقى هو تضحية حقيقية بشئ ثمين له قيمته فى مقابل خير اكبر او قيمة اسمى.
فالاختيار الحقيقى الجدير بهذا المعنى هو اختيار بين اشياء كلها ذات قيمة كبيرة و ليس بين شئ لا قيمة له و اخر بلا قيمة. نحن نختار اذن نحن نضحى بشئ عزيز مقابل قيمة اكبر و اهم و اسمى ! هذا هو الاختيار .
ففى عالم اختلت معاييره و تضاربت قيمه و انهارت ركائزه تأخذ فكرة الاختيار بعدا شخصيا محضا و تتحول الحقيقة الى وجهات نظر معيارها الذوق الشخصى و الرأى الخاص . ثم يتغلب المذهب الفردى علينا لدرجة اننا نخلط بين الحقيقه فى ذاتها و راينا او وجهة نظرنا نحو ما هو حقيقى.
و هكذا انتقل الناس فى مجتمعاتنا من معايير موضوعيه تعبر عن نضج الاختيار و سلامته الى معايير شخصية بحته تعبر عن روح المراهقة أو عن الفكر السطحى أو النظرة عابرة التى لا خير يرجى منها و لا نور من خلالها يشع.
كل اختيار يبنى على قيم و معايير و بقدرة جودة معاييرنا و قيمنا يصح اختيارنا ، فالوطنيه و الزود عن الحق معيار و قيمه تتعارض تماما مع الاثرة الجشعه و شهوة السلطه و الرغبة فى الهيمنه و التسلط.
الاختيار المبنى على الحق و الخير النافع شئ و الاختيار المبنى على الذات و المصلحة و الانانية و روح القبيلة و عصبيتها شئ اخر
فى يوم من الأيام أعطى الاختيار للناس و اختاروا تحرير لصا و صلبوا بريئا و ادانوه ! و تم ذلك على نحو ديمقراطى فى شكل استفتاء عام فورى مباشر :
الحاكم الرومانى يسأل الشعب الواقف امامه فى استفتاء ديمقراطى يعبر عن روح القانون الرومانى و الحكم الرومانى و يصرخ الشعب بقلب رجل واحد اصلبوه اصلبوه .
انه ذات الشعب الذى القى ثيابه على الارض خمسة ايام فقط قبل هذا الحدث حتى يدخل المصلوب ملكا فى اورشليم ! و لكنه احبط الجميع ببساطته و تواضعه ! فالشعوب تريد دوله و سلطان و ملوكا و صولوجان لتهتف لهم و لا تعترف بتواضع الحكام و بساطتهم ، و مع ذلك فمفهوم الرئاسة الوحيد فى المسيحية هو تحديدا ما ورد فى مرقص ١٠ : من ان اراد ان يكون فيكم رئيسا يكون خادما للكل و من اراد ان يكون فيكم اولا يجب ان يكون لكم عبدا !!!!
هذا التحضر المسيحى لا تعرفه ديموقراطية الغوغاء و الشو الانتخابى و صولجان السلطة و الهتاف الهستيرى ! وشهوة التسلط ! ويل للحداثة التى حولت قيم الحكم الى تراب غث.
ويل لمن لا يضع ذاته موضع المراجعة بل و موضع الاتهام اذا لزم الامر . فقط الكبرياء الاجوف يحول بيننا و بين الاختيارات الصعبه الصحيحة ، فتبدوا لنا احيانا قراراتنا و كانها مستقيمه و لكن عاقبتها هى طرق الموت !