بعد تسلم مؤسسة الرئاسة مقترح قانون للتحرش الجنسي أعده المجلس القومي للمرأة ، ونظراً لتفشي ظاهرة التحرش الجنسي خلال الفترات الماضية بشكل مثير للقلق والريبة حيال أمن الفتيات والسيدات، وبعد اطلاع جمعية نهوض وتنمية المرأة على المقترح الذي قدمه المجلس القومي للمرأة بشأن قانون التحرش الجنسي
واطلاعها آيضاً على التعديلات التي أقرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة على قانون العقوبات إبان الفترة الإنتقالية، والتي صدرت بمرسوم قانون رقم 11 لسنة 2011 ، والتي تضمن بدوره تعديلاً على عقوبة التحرش الجنسي. قامت الجميعة بإعداد ورقة تتضمن بعض التوصيات والاقتراحات بشأن القانون المزمع إقراره خلال الفترة القادمة، وأرسلتها إلى مؤسسة الرئاسة؛ بهدف أخذها بعين الاعتبار عند صياغة القانون.
أولاً- ملاحظات على مقترح المجلس القومي للمرأة الخاص بقانون التحرش وتعديل قانون العقوبات خلال 2011 وهى :
1- لم يتضمن المقترح الجديد لقانون التحرش سواء المقدم من المجلس القومي للمرأة ، وكذلك قانون العقوبات المعدل لعام 2011 تعريفاً مفصلاً وشاملاً للتحرش الجنسي وفي هذا الصدد تقترح جمعية نهوض وتنمية المرأة أن يشمل القانون تعريفاً واضحاً للتحرش الجنسي، على أن يتم تعريفه على أنه كل تصرف أو فعل غير مرحب به تتعرض له المرأة له طابع جنسي-حتى لو بدا عرضياً أو ثانوياً- بدءاً من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الحادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات إباحية؛ بهدف التقليل من المرأة وإهانتها بما يحمل إيذاءاً نفسياً وجسمانياً.
ثانيا : من خلال ملاحظتنا للعقوبات المقررة على الشخص المتحرش في قانون العقوبات المُعدل ومقترح المجلس القومي للمرأة، وجدنا أنها غير ملائمة إطلاقاً مع حجم جريمة كبيرة مثل جريمة “التحرش الجنسي”، لذا تقترح الجميعة تغليظ العقوبات بما يتلائم مع جريمة التحرش الجنسي، على أن يتم تحديد العقوبة طبقاً لطبيعة التحرش وأماكنه والقائم به ، فيجب أن يشار إلى أن التحرش الجنسي تتدرج طبيعته لتبدأ من التحرش النظري أو اللفظي أو المكتوب وصولاً إلى التحرش بألفاظ ذات دلالة جنسية وتحرش باللمس، ومع تدرج فعل التحرش يجب أن تزداد العقوبة على القائم به، حتى نصل إلى أقصى عقوبة تتلائم مع أبشع صور التحرش. ثانيا : تُحدد أماكن التحرش الجنسي من التحرش في الأماكن العامة كالمواصلات العامة والشوارع ، اوالتحرش في مؤسسات تعليمية وتربوية “المدارس والجامعات وأماكن التعلم” ونشير هنا إلى أنه يجب تطبيق عقوبة صارمة على الأشخاص المنتمين لهذه المؤسسات سواء كانوا طلاب أو أساتذة مدارس وجامعات أو الموظفين الآخرين عند قيامهم بالتحرش بالطالبات والموظفات ، او التحرش الجنسي في أماكن العمل من “مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص وأي مكان عمل آخر”.
وتوصي الجمعية بأن ينص القانون على تشكيل شرطة خاصة بالتحرش الجنسي، تقضي بمراقبة الأشخاص في الأماكن العامة، على أن يتم التعامل الفوري مع الشخص المتحرش والقبض عليه تمهيداً لمحاكمته ، وبالنسبة لداخل المؤسسات التعليمية توصي أن يتضمن القانون ما يوجب على المؤسسة التعليمية من اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التحرش الجنسي بداخلها، وتدشين عدد من الأساليب التوجيهية حول ضرورة احترام المرأة. بالإضافة إلى وضع آلية واستراتيجية عمل للكشف عن حوادث التحرش التي يتم ارتكابها داخل أورقة هذه المؤسسات.
اما التحرش داخل أماكن العمل فيجب أن يتضمن القانون ما ينص على التزام صاحب العمل باتخاذ إجراءات وخطوات تعمل على منع التحرش الجنسي بالموظفات كتقديم برامج تثقيفية وتوعوية، وحماية ضحية التحرش من كافة أشكال الضرر سواء كانت متعلقة بالوظيفة واستمراريتها أو الترقية، إذ يؤدي التحرش إلى خلق بيئة عمل مشحونة بالعداء عند رفض الضحية لسلوكيات المتحرش ،مع ضمان تلقي صاحب العمل لشكاوى ضحايا التحرش الجنسي وتفعيل آلية صارمة بالتحقيق في ذلك، مع الالتزام بالسرية التامة.وفي حالة أن صاحب العمل هو المتحرش فعليها اللجوء إلى القضاء لتحقيق في هذه الواقعة ، وتكون العقوبة في هذه الحالة مشددة على صاحب العمل.مع ضمان بيئة عمل مواتية ومهيئة لعمل المرأة، فيجب خلق مناخ آمن للمرأة كي تؤدي مهامها ووظائفها بفعالية وجودة، إذ أن عدم توافر بيئة آمنة للمرأة قد يجعلها تحجم عن المشاركة في الحياة العامة. ووضع القائم بالتحرش في عين الاعتبار عند تحديد العقوبة، فإذا كان من أقارب الضحية أو ممن لهم سلطة عليها، يجب أن تكون العقوبة أشد صرامة.ووضع سن ضحية التحرش في الاعتبار عند سن العقوبات، على أن تكون في أقصاها إذا كان عمر من وقعت عليها الجريمة أقل من ثمانية عشر عاماً.
كما لاحظت جمعية نهوض وتنمية المرأة أن كلاً من مقترح المجلس القومي للمرأة ، وقانون العقوبات المعدل عام 2011، لم يتضمنا بعض من البنود، والتى تهدف للحد من تفشي ظاهرة التحرش الجنسي وهي: نشر قانون التحرش الجنسي:عقب إقراره في كافة مؤسسات وهيئات الدولة وجميع المؤسسات التعليمية ، إنشاء مركز تأهيل نفسي للقائمين بالتحرش، وتوعيتهم بأضرار هذه الجريمة وآثارها السلبية على الضحية سواء كان ضرر نفسي أو جسماني ، يجب أن تشتمل عقوبة القائم بالتحرش على السجن والغرامات المالية، للحد من تفشي هذه الظاهرة، ومن الممكن الاستفادة بالعقوبات المالية في تقويم سلوك المتحرش عند دخوله لمراكز التأهيل النفسي ، مع الأخذ بما اقترحته الأستاذة/ سكينة فؤاد- مستشارة رئيس الجمهورية لشؤون المرأة- والخاص بتشكيل لجنة وطنية لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة، تضم جميع الشركاء والعاملين في مجال الدفاع عن حقوق النساء، والمجلس القومى للمرأة، لتفعيل قانون ضد التحرش الجنسى، وتنفيذه على أرض الواقع.