خاله رئيس الكهنة قيافا الذي افتي بصلب المسيح وقريب برنابا توما وبطرس
من سحله بالاسكندرية الي قتل ماري بعين شمس علي الهوية مازالت دماء المسيحيين تجري
في مدينة القيروان أحدى المدن الخمس الليبية والتي كانت تدعى ابرياتولس، ولد يوحنا بن ارسطوبولس والذي حمل الاسم الروماني (مرقس) أي المطرقة، مرقس المنتمي إلى عائلة يهودية ذات مكانة كبيرة في سبط” لاوي” أحد اسباط إسرائيل الاثنى عشروهو السبط الذي يخرج منة الكهنة ،وكان خال مرقص قيافا رئيس الكهنة الذي حاكم المسيح وأمر يقتلة!! وفي ظل حياة الرغد في القيروان تعرضت مدينتهم لهجمات “البربر” الشمال أفريقيين فعادوا إلى أرض فلسطين ربما خاسرين لأملاكهم ولكنهم أحتفظوا بالمكانة الموقرة بين العبرانيين.
وفي فلسطين عرفت عائلته المسيح، وأصبحت عائلة ارسطوبولس من اوائل العائلات التي آمنت بالمسيح، فمن أفراد عائلته الذين لعبوا دورا تاريخيا في انتشار المسيحية في العالم، فبطرس “الصخرة” التي بنيت عليها الكنيسة( وفق التكليف الذي أعطاة لة المسيح حينما قال لبطرس :علي صخرتي تبني كنيستي)،حيث كان بطرس الذي يعد الأقرب من بين التلاميذ الى المسيح، والذي تحول بفضله ومعه بولس الرومان الى المسيحية لتصبح فيما بعد هي الديانة الرسمية للدولة الرومانية، وبرنابا الذي رافق بولس الرسول في رحالاته في آسيا الصغرى واليونان( برنابا ابن اخت مرقص)، كما أن من بين أفراد عائلته توما الرسول، أحد تلاميذ المسيح الاثنى عشر والذي أستشهد أثناء بشارته بالمسيح في بلاد الهند.
فقد مرقس املاكه في القيروان وعاد الى فلسطين ليكتسب رؤية المسيح ويكتسب عائلة صنعت التاريخ، فقد مرقس بيته في القيروان ليصبح بيته في “اورشاليم” القدس هو المكان الذي تناول فيه الفصح او العشاء الأخير مع تلاميذه، وليصبح بيته فيما بعد هو الملجأ الذي احتمى فيه التلاميذ بعد صلب المسيح وموته وحتى قيامته، وظل التلاميذ في بيت مرقس الذي أصبح أول كنيسة في التاريخ المسيحية حتى حلول الروح القدس على التلاميذ في اليوم الخمسين بعد صعود المسيح، وليخرج التلاميذ بعد ذلك من الكنيسة الاولى والوحيدة لينشئوا ملايين الكنائس حول العالم.
وكان مرقس من بين الخارجين الى العالم ليضم مؤمنين جدد، وكان مع برنابا وبولس في اسيا الصغرى، ومن هناك مرض فعاد ثم ذهب الى قبرص ومن هناك قرر مرقس (المطرقة) المجئ إلى مصر ليطرق على اصنامها ويهدمها ويؤسس الكنيسة القبطية العريقة، احدى الكنائس الثلاث الأولى في العالم، وضم الى جماعة المؤمنين شعبا تجلى في اقباله على الاستشهاد دفاعا عن عقيدته قوة البذرة التى غرسها مرقس.
انجيل مرقص
مرقس.. أحد كاتبي الاناجيل، والذي نسب الى اليه وحمل اسمه، ودون فيه ما عايشه مع المسيح، فكان مرقس هو احد المقربين الى المسيح وشاهد عيان للكثير من الاحداث التي دونها في الانجيل، وكتب مرقس انجيله باللغة اليونانية لغة العلم والثقافة في وقتها مما جعله احد أكثر الاناجيل انتشارا، وبدأ مرقس انجيله بالحديث عن يوحنا المعمدان مشيرا الى نبؤة أشعياء النبي عنه حيث قال “ها أنا ارسل امام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك” ويروي قصة يوحنا حتى استشهاده ويختمه بصعود المسيح الى السموات مرورا بما رأت عيناه وسمعت آذانه أثناء حياته مع المسيح.والملفت للنظر ان مرقس كتب انجيلة لكنيسة روما رغم انة بشر بالمسيحية في مصر.
الكرازة المرقسية:
وفي مصر، جاء مرقس الى الإسكندرية في بدايات النصف الثاني من القرن الأول الميلادي عام 55 م، وهناك تعرف على انيانوس الإسكافي الذي آمن بما ينقله مرقس وعرف المسيح، وتحول بيته إلى أول كنيسة على ارض مصر “البوكاليا” والتى هي الكنيسة المرقسية في الأسكندرية الأن، وبدأ مرقس ومعه انيانوس في نشر تعاليم المسيح وآمنت عائلة انيانوس لتصبح اول عائلة مصرية مسيحية، وأصبح انيانوس اول كاهن مصري، ثم أسقف، ثم البطريرك الثاني بعد استشهاد مرقس في عام 68 م.
استشهد مرقس دفاعا عن ما آمن به، بعدما أسس في مصر كنيسة جامعة رسولية أساسها العائلة المسيحية الواحدة التي عرفت حياة الشركة في كل ما تملكه، آكلين شاربين مبشرين مطاردين ومذبوحين من أجل ايمانهم معا.
وكان للمكان أيضا دورا جوهريا في تحديد طريق الكنيسة التي أسسها مرقس، فكانت قبلة العالم الجديد وأحد المراكز العلمية في العالم، فكانت مدينة الفلاسفة، فأسس مرقس جامعة الأسكندرية اللأهوتية التي فلسفت العقيدة الجديدة لتتبارى مع الفلاسفة في مباريات عقلية رفيعة ولعب علمائها دورا كبيرا في تشكيل المسيحية في العالم ومن ابرزهم “يسطس” الذي اصبح فيما بعد احد البطريرك السادس، واكليمندس السكندري واوريجانوس العلامة الذي له بحوث لاهوتية جعلت منه مطوب من كل كنائس العالم.
من المعبد الى الكنيسة:
من هنا نبدأ ومن البشر والأرض إلى العمارة نقصد التراتب المعماري الحضاري المصري، مبني الكنيسة وشكلها من الداخل وإن كان له الطابع القبطي المميز إلا أنه تأثر بالعمارة الفرعونية أيضاً، وبنظرة سريعة علي الاديرة والكنائس والمعابد الفرعونية نجد تشابها مثيرا بين الاثنين، تتخذ مباني الكنيسة أشكال السفينة او الصليب، تعلوها القباب علي شكل مغموس وتشير الي السماء، والمنائر التي يوضع عليها الاجراس، وتقسيمها من الداخل ( الهيكل والصحن يفصل بينهما حاجز الايقونات وهو حجابا يفصل الهيكل، ويقام المذبح داخل الهيكل، عقيدة معمارية حضارية واحدة، وكأنك تسبح بالروح في عالم آخر، روحانية تطبيق الحواس الرؤية: الشمع والأيقونات والصلبان وزي الكهنوت والشماسة، السمع: التسبيح والألحان، الشم: البخور والحنوط وتطييب الأجساد، اللمس: التبارك بالايقونات، حتى التعبيرات نفسها لها طابع متوارث من الحضارة القديمة، مميز عن التعبيرات الأخري مثل “قدس أبونا”، “حاللني”، “أذكرني في صلواتك”، و”صلوات القديسين”، هكذا تلخصت الارض في العقيدة وتجسدا سويا في المبنى (التلقيح المعماري)، وكان لسانهم الطقوس التي مزجت ما بين الحضارة الفرعونية واليونانية، هكذا أحتفظت الكنيسة بهويتها على مر الزمان طوال الفى عام.
دماء المسيحيين روت الاراضي المصرية:
وبعد مرقس فاض النهر بدماء المصريين وبلغت موجات الاضطهادات الرومانية ذروتها في ظل حكم ديقليديانوس (284م – 305م)، ولكن روح المقاومة ودماء الشهداء جسدت أعظم حركة مقاومة سلمية عرفها التاريخ والذي انتهجت فيه الكنيسة لاهوت المقاومة، ولمزيد من لاهوت المقاومة بدأت الكنيسة القبطية تقويمها بما سمي تقويم الشهداء، بالسنة الاولى من حكم ديقلديانوس 284م ، هكذا صار المصريون مسحاء على صليب الإحتلال الروماني، وادرك العالم قيامة المسحاء الذين ربطوا العقيدة بالدم، وعرف العالم للمرة الاولى التقويم الدامي وبدأت البشرية تتفهم سر التناول المرتبط بالمقاومة ولاهوت التحرير، وصارت كل اجساد المصريين جسد المسيح وصارت كل دماء المصريين دم المسيح وصار سر التناول مرتبطا بالارض وارتبطت الارض بالمقاومة وارتبطت المقاومة بالعقيدة ومن هنا جاءت القيامة حينما تولى قسطنطين سدة الامبراطورية الرومانية وانهي الاضطهاد بمرسوم التسامح الديني (منشور ميلان 313 م)، وبعد ذلك بدأ العصر البيزنطى والذي انتهي بدخول العرب مصر سنة 641 م.
اتسأل كثيرا.. ترى ما هو شعور مرقس عندما ربطه الوثنيين بالخيول ليسحلوا جسده في شوارع الاسكندرية لترتوي بدمه البذرة التي غرسها في المدينة العظمى لتنموا كنيسة وشعبا اثر في المسيحية لدرجة أن العالم كله اقتضى بهم ؟