فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ تعيين المحافظين فى بلادنا حين أعلن د.إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء إقالة أو قبول استقالة محافظ الوادى الجديد اللواء محمود خليفة وذلك بسبب قيام المحافظ بتحرير توكيل تأييد لمرشح الانتخابات الرئاسية السيد عبد الفتاح السيسى
وهو ما أدى إلى خدش حياد الحكومة الذى أعلنت الالتزام به فى الانتخابات الرئاسية الحالية.
لقد جاء قبول الاستقالة والإعلان عنها فى حادثة فارقة هامة ولافتة للانتباه إلى أهمية المرحلة الانتقالية التى تمر بها بلادنا . وضرورة ترسيخ مبادئ ثابتة نحو التحول الديمقراطى الذى ننتظره بعد الثورة مقارنة لما كان يحدث فى زمن ما قبل الثورة حيث الشائع كان تدخل المحافظين السافر فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحليات لإظهار الولاء إلى رئيس الجمهورية صاحب الفضل فى تعيين هؤلاء المحافظين واختيارهم لقيادة المحافظات .. بل بلغ الفساد السياسى إلى درجة تقييم أداء المحافظ وتقدير درجة جهوده وولائه بمقدار التدخل فى الانتخابات الرئاسية أو العامة .. حتى أن بعض قرارات حركات المحافظين كان يتم تأخير إصدارها لما بعد نتائج الانتخابات لقياس درجة ولاء كل محافظ ودرجة تدخله حيث كانت الأغلبية من المحافظين يتدخلون فى الانتخابات الرئاسية .. بشكل مباشر وفج فى حشد الناخبين فى محافظاتهم لصالح مرشح الحكومة سواء فى الانتخابات الرئاسية – البرلمانية والمحليات .. وحدث ولا حرج عن الاستفتاءات والنتائج المعروفة بـ 9ر99% .
وذلك باستخدام كافة الإمكانيات الحكومية المحلية المادية والبشرية والفنية فى عمليات تزوير وتزييف إرادة الناخبين بشكل واسع مستغلين رجالات مديريات الخدمات المحلية فى المحافظات فى المدن والمراكز وحى القرى واستخدام السيارات الحكومية والمبانى والمقرات وأموال العلاقات العامة فى تزوير الانتخابات بشكل سافر ولعل ذلك كان مرجعه للمناخ السياسى الفاسد والأنظمة المعادية للديمقراطية وقد أكدت الأحكام القضائية حجم تزوير الانتخابات بشكل قاطع عبر فساد العهود السابقة البائدة وإذا كانت الإرادة السياسية معادية للديمقراطية .. فأن قانون المحليات الحالى مازال منحازاً للمحافظين حيث يعطى القانون رئيس الجمهورية الحق فى تعيين المحافظين . فضلاً عن حق المحافظين فى إعلان فتح بدء الانتخابات للمجالس الشعبية المحلية وقبول الأوراق مع حق الإشراف الكامل حتى إعلان النتائج فى انفراد عجيب معادى لكل سبل الديمقراطية وأبسط قواعدها وكنا نتساءل ومازلنا كيف يتم للمحافظ الاختيار وإعلان نتائج المجالس الشعبية التى من المفترض أن تقوم بالرقابة على المحافظ وأجهزته المحلية ؟!!
كما منح قانون المحليات الحالى صلاحيات تصل إلى 50 مادة أى ما يقرب من 33% من إجمالى مواد قانون المحليات التى تصل إلى 146 مادة .
والآن بعد ما حدث فى المجتمع من متغيرات فأن قبول استقالة محافظ الوادى الجديد أو إقالته بسبب تدخله بإقرار تأييد لأحد المرشحين هى خطوة هامة وجيدة وتعتبر نقلة نوعية تحتسب للمحافظ الذى قدم استقالته ( اللواء محمود خليفه ) أو إلى رئيس الوزراء (د. إبراهيم محلب ) لمجرد إحساسهم بالحرج بسبب هذا التصرف والانحياز وعدم الحياد الحكومى .
ولكننا لا نريدها خطوة فردية أو من قبل المبادرات الشخصية أننا نريدها فى خطوات تشريعية ثابتة ومن أجل إصدار قانون جديد للمحليات .
خصوصاً بعد أن فتح الدستور الجديد (2014) آفاق جديدة حيث فتح الدستور الباب أمام طريق المفاضلة بين ” تعيين ” و” انتخاب ” المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية وتحديد اختصاصهم م (179) من الدستور الحالى .
فضلاً عن تخصيص باباً كامل للمحليات من المواد (175 – 183 ) .
حيث أعطى الدستور حقوق هامة للمحليات منها :
· حق الوحدات المحلية فى ميزانيات مستقلة .
· ضمان دعم مالى وإدارى واقتصادى وفنى
· انتخابات ديمقراطية تحت الإشراف الكامل للقضاء من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات بعيداً عن تدخل المحافظين .
· منح المجالس الشعبية المحلية حق الرقابة بأدوات تضم حق الاستجواب وسحبه الثقة – طلبات الإحاطة والأسئلة للمحافظين أو من ينوب عنهم .
· واتساقا مع روح الثورة وشبابها فتح الدستور باباً للشباب للمشاركة بالنزول بالسن إلى 21 عاماً مع حق تمثيل للشباب والمرأة بنسبة 25% لكل منهما فى عضوية المجالس الشعبية مع تمثيل عادل للعمال والفلاحين لا يقل عن 50% مع مراعاة تمثيل الأقباط وذوى الإعاقة .
وبعد ..
أن الأمر مرهون الآن بقانون جديد للمحليات حتى تتحول نصوص الدستور إلى واقع ملموس ويكون فى بلادنا حكم محلى ديمقراطى حقيقى .
لا يكون فيه للمحافظين أى ثغرة أو صلاحيات للتدخل فى الانتخابات وأن يظلوا محايدين من أجل إرساء قواعد الديمقراطية .
ومن أجل تحقيق التنمية الشاملة لبلادنا التى نتمنى لها كل الخير والبداية ستكون فى إصدار قانون المحليات .
أن الخطوة الأولى هى إصدار قانون للمحليات باعتباره أحد القوانين الهامة المكملة للدستور مع إصدار قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية وقانون مجلس الشعب وذلك لتحقيق خطوات أسرع نحو الديمقراطية التى نريدها مدخلا لتطوير بلادنا.