مشروع نهر الكونغو الذى وصف بانه مشروع لتنمية القارة الافريقية وسوف يوفر لمصر 100 مليار متر مكعب سنويا وانه الرد المناسب على التنعت الاثيوبى , يعتبره خبراء المياة ضرب من ضروب الخيال بل وصل الى تعريف احد الخبراء له بانه مشروع النهضة الجديد تماما مثل نهضة مرسى والاخوان
فالمنطقة المقترحة للمشروع شديدة الانحدار, ويلزمها إقامة سدود لتخزين المياه في الكونغو ثم رفعها بطلمبات لمسافة200 متر تقريبا وهذا يتطلب طاقة كهربية هائلة لدفع تلك الكمية للارتفاع المطلوب, مما يحتم إنشاء محطات لتوليد الكهرباء إلي جانب محطات الرفع, كل ذلك لإيصال المياه إلي جنوب السودان, والذي يعاني أساسا من كثرة المياه حيث تفقد فيه كمية لا تقل عن550 مليار متر مكعب في السنة.
والحقيقة التي يؤكدها الخبراء ان ربط نهر الكونغو بنهر النيل الابيض يلزمه حفر نيل آخر مواز في الصحراء الشرقية مسافة2000 كيلومتر. هناك أيضًا- بالإضافة إلى هذه الاعتبارات التقنية شبه المستحيلة اعتبارات سياسية فى غاية الأهمية، أهمها هو أن حوض نهر الكونغو حوض دولى ولا تسمح المواثيق الدولية بنقل المياه من حوض إلى آخر
والحوض المائى يشمل المنطقة التى تغذى روافد النهر، وفى حالة حوض الكونغو تشمل الدول المشاركة فى هذا الحوض (تبعًا لقائمة أحواض الأنهار الدولية
جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية إفريقيا الوسطى، أنجولا جمهورية الكونغو، زامبيا، تنزانيا، الكاميرون، وبوروندى، رواندا السودان، الجابون، ملاوى، أوغندا.
وللتعرف اكثر على الاسباب التى دعت غالبية خبراء المياة فى مصر يرفضون هذا المشروع الذى قدم من غير ذوى الاختصاص كما يقولون حاولنا استطلاع اراء عدد من هؤلاء الخبراء
فى البداية يقول الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة ومدير مركز تنمية الموارد الطبيعية في إفريقيا فيري أن المشروع المقترح لربط نهر الكونغو بنهر النيل تنتظره العديد من العقبات منها أن نهر الكونغو نهر دولي ولابد من موافقة جميع دول حوض الكونغو علي المشروع.و نهر الكونغو هو أعمق نهر فى العالم (230م) وثانى أكبر أنهار العالم من حيث كمية المياه المصرفة بعد الأمازون حيث يصرف حوالى 1300 مليار م3 مكعب سنويا تذهب جميعها إلى المحيط الأطلنطي، ويشغل حوض الكونغو مساحة 3.7 مليون كم2 على امتداد 11 دولة أفريقية منها الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وأنجولا، ويفصله عن حوض النيل جبال الفرع الغربي من الأخدود الأفريقى يعرض حوالى 600كم ومتوسط ارتفاع 1000م
ويوضح دكتور شراقي أن ربط الأنهار بشكل عام ممكن بثلاثة طرق, الأولي: الربط عن طريق قناة سطحية يمكن توسيعها وتعميقها لتستوعب كميات المياه المراد نقلها وهذا هو الربط الفعلي للأنهار ولكن فكرة المجري السطحي غير ممكنة في هذه الحالة نظرا لتضاريس المنطقة, تبقي طريقتان إما الربط عن طريق حفر نفق أو عن طريق طلمبات الرفع, أما فيما يخص النفق, سيكون باهظ التكاليف لضرورة الحفر في سلسة الجبال التي تفصل بين الحوضين والتي يصل سمكها إلي600 كم, وفي النهاية أقصي كمية يمكن نقلها4 مليارات متر مكعب مياه, لأن النقل سيتم عبر نفق, فإذا تم قياس التكلفة في مقابل كمية المياه المنقولة قد نكتشف أن تكلفة نقل المتر المكعب مياه من الكونغو تخطت بعشرة أضعاف تكلفة تحلية المتر المكعب من مياه البحر.
أما بالنسبة للطريقة الثالثة والأخيرة وهي طلمبات الرفع العملاقة فهي أيضا لن تكون مجدية اقتصاديا ناهيك علي أن الرفع يتم أيضا عبر مواسير, فإذا فرضا جدلا أننا استطعنا توفير63 ماكينة رفع( أي ثلاثة أضعاف أكبر محطة رفع في العالم وهي الموجودة بتوشكي) فلن تنقل أكثر من5 مليارات متر مكعب مياه تماما مثل توشكي لأنها سترفع لمسافة تفوق توشكي بثلاثة أضعاف علي الأقل.. وهذا الخيار باهظ التكلفة.
وطالب شراقي بالالتفات لدولة جنوب السودان لإقامة مشروعات مائية معها خاصة في منطقة المستنقعات التي يتبخر منها عشرات المليارات من الأمتار من المياه بسبب عمليات البخر.
وقال إن إحياء مشروع قناة جونجلي بجنوب السودان سيجنب مصر عناء إنفاق المليارات على مشروع الكونغو بجانب الدخول في دوامة هل هو نهر دولي أم محلي
واوضح شراقى ان مجرد الحديث عن هذا المشروع سيكون تماما مثلما حدثنا الاخوان المسلمين ومرسى عن مشروع النهضة لانه ضرب من ضروب الخيال ومن يقدمة الى المصريين رجل اعمال وليس خبيرا فى المجال العلمى او المائى بل الادهى انه يعلن صراحة انه سوف يقاضى كل من يحاول الوقوف امام تنفيذ الفكرة .
من جانبة صرح الدكتور مغاوري شحاتة، خبير مصادر المياه بالأمم المتحدة ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، ان المشروع يروج له من غير المتخصصين أحدهما له مصالح فى الكونغو والثانى مهندس ترك العمل بوزارة الموارد المائية منذ سنوات وليست له علاقة بعلم جيولوجيا المياه، كما أن هذا المقترح سبق وتقدم به أحد العلماء الفرنسيين عام 1903 وتم صرف النظر عنه
وأضاف: فى فترة حكم القذافى تم تقديم ما يسمى بإعادة تقسيم مياه أفريقيا لوحدة القرن الأفريقية وكان الغرض من المشروع الليبى أن يتم تحويل مسار نهر الكونغو إلى نهر النيل ثم يأخذ من مياه بحيرة السد العالم ويعبر الصحراء الغربية إلى ليبيا ولكن المشروع رفض لعدم علميته.
وأكد د. مغاوري أن وصول هذه الكميات من المياه إلى جنوب السودان سيؤدى إلى إغراقها لأنها ممتلئة بالمياه وسعة النيل الأبيض 12 مليار متر مكعب لأنه نهر متواضع لا يتسع لـ 110مليارات م3
وانتقد د. مغاوري هذا المشروع الوهمى الذى يتلاعب بمشاعر المصريين ويعطى فرصة للجانب الإثيوبى لأن يروج أننا لدينا بدائل لنهر النيل
وأوضح نحن لدينا العديد من المشروعات لزيادة موارد مصر المائية لأن مصر مستقبلها المائى مع مجموعة دول حوض نهر النيل فهناك مشروعات تتعلق بتوسيع وتهيئة المجرى المائى من مناطق منابعه فى منطقتى رواندا وبوروندى، وعلينا توحيد العلاقات مع أوغندا وجنوب السودان من أجل استغلال المياه الضائعة فى منطقة بحر الغزال ونهر السوباط فهناك كميات هائلة تصل من 35 إلى 40 مليار متر مكعب ، فضلا عن تساقط الأمطار على منطقة بحر الغزال وتصل إلى 590 مليار متر مكعب وكيفية الاستفادة من هذه الأموال وقناة جونجلي.
ويضيف شحاتة انه قد يكون من الأفضل إستغلال الكميات المهدرة من المياه في جنوب السودان وإستقطاب الفوائد بدلا من نقل مياه الكونغو.
الدكتور علاء ياسين أستاذ الهيدروليكا بجامعة الإسكندرية واستشاري الري والهيدرولوجي الدولي يرى المشروع المقترح تكلفته باهظة واذا نظرنا الى محطة رفع مبارك بتوشكي وهي أكبر محطة رفع في العالم والتي تستعين بـ21 ماكينة رفع لرفع5 مليارات متر مكعب مياه لمسافة50 مترا, وتكلفت تلك المحطة مليار جنيه عام2000 أي ما يوازي أكثر من2 مليار جنيه بحسابات اليوم.
وعليه فإن تكلفة رفع95 مليار متر مكعب مياه لمسافة من150 إلي200 متر توازي100 ضعف تكلفة توشكي أي250 مليار جنيه أما فيما يخص الطاقة اللازمة لرفع هذا الكم من المياه فلن يقل بأي الأحوال عن8 آلاف ميجاوات أي ما يوازي56 مليار جنيه حيث إن تكلفة توليد1000 ميجاوات هي مليار دولار أي7 مليارات جنيه.
ويوضح أن تكاليف إنشاء محطات الرفع وتوليد الكهرباء قد تصل إلي300 مليار, هذا بخلاف مليارات أخري لتشغيل تلك المحطات كل ذلك والمياه لا تزال في الكونغو!
وفى النهاية نقول حتى وان تغلبنا على التكلفة الباهظة فهناك امور لا يمكن السيطرة عليها اهمها ان المشروع يمر عبر مناطق صراعات وحروب أهلية وعدم استقرار ثم ماذا يحدث لو تفاوضنا في تنفيذ المشروع مع الحكومة ثم تغيرت الحكومة ورفضت الحكومة الجديدة المشروع؟ فقبل ان نبحث عن هذا البديل الصعب يجب ان نتمسك بحقوققنا فى مياة النيل التى تعمل اثيوبيا جاهدة على التعدى عليها