الانبا باخوميوس : على الإيبارشيات السعى لفتح الكنائس المغلقة بها
الانبا مرقس : المناخ العام يحتاج لتغيير شامل لترسيخ قبول الآخر
القس إستطفانوس شحاته : اصدار وتفعيل قانون دور العبادة هو السبيل للخروج من الأزمة
العميد خالد عكاشة : لا بديل عن تدخل وزير الداخلية و المحافظين
مازالت قوى التشدد تمارسها دوراً في ترسيخ مناخ التوتر والعنف الطائفي ضد الأقباط، تستخدم نفوذها وقوتها وضعف أجهزة الدولة لتقرر للمواطنين كيفية ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية.
هل يعقل بعد مشاركة الأقباط الواضحة في ثورتي 25 يناير و 30يونية أن يحرموا من ممارسة شعائرهم الدينية وتغلق كنائس لهم بحجة الدواع الأمنية ورفض المتشددين، بالرغم من حصولهم على التراخيص الرسمية. اكثر من خمسين كنيسة مغلقة فى المحافظات المختلفة منها كنيسة بالقاهرة و اثنين بالجيزة ، و7 كنائس بالشرقية و اثنين بالغربية و اثنين بالقليوبية ،و3 بالمنوفيه . اما فى الوجه القبلى فهناك 15 كنيسة مغلقة بمحافظة المنيا ، و 6 باسيوط ،و مثلهم فى محافظة قنا و كنيسة بالاقصر و اخرى باسوان .
ملف الكنائس المغلقة التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن حله، وعود تعقبها وعود، ولا جديد على الأرض، كنائسها كان يصلى فيها وأغلقها متشددون، وبعد أن كانت تصريحات المسئولين أن الإغلاق مؤقت وسرعان ما سيصلى فيها امتدت غلقها لعقود. أكثر من خمسين كنيسة بنيت بتعب وفي ظل ظروف قاسية وقبل افتتاحها افتعلوا تجمهر ثم ضغطوا لإغلاقها.. وهو ما يطرح تساؤلا حول إمكانية قدرة المسئولين على الوفاء بالتعديلات الدستورية المستفتي عليها مؤخرا والتي تلزم أول مجلس نواب بإقرار قانون لتنظيم بناء الكنائس، خصوصا أن العبرة بالواقع وقدرة الأقباط على بناء الكنائس التي يحتاجونها للممارسة شعائرهم الدينية.
قامت الأجهزة الأمنية شهر مارس الجاري بتسليم كنيسة مار جرجس بقرية المريناب بمحافظة أسوان للمواطنين المسيحيين لإعادة ممارسة شعائرهم الدينية بعد غلقها في سبتمبر 2011 لكن تجمهر مسلمون من القرية مرة أخري ورفضوا افتتاحها، هذه الكنيسة التي كانت يمارس فيها أقباط القرية وبعض القرى المجاورة شعائرهم الدينية منذ عشرات السنين، وعندما تهالك المبنى حصلوا على التراخيص الرسمية لإعادة بناءه، وقبل الانتهاء منه مورست ضغوط عليهم من أهالي القرية وخضعوا لإبتزاز المتشددين ووافقوا على كنيسة بدون قباب وبدون صلبان وبدون جرس، ولم يكف هذه جنوح المتشددين فقرروا حرقها وهدم اجزاء منها، فتظاهر الأقباط ووقعت مذبحة ماسبيرو، واعيد بناء المبنى بدون أية مظاهر خارجية دالة على طبيعته الدينية لكن ظل المتشددين رافضين افتتاحه، وللأسف المسئولون صامتون على هذه الاعتداءات على القانون. ما حدث في المريناب تكرر في كنيسة العذراء والأنبا آبرام بعين شمس التي اتصل وزير الداخلية في حكومة عصام شرف رئيس الوزراء بالراحل المتنيح البابا شنودة وأخبره بافتتاح الكنيسة، وعندما شرع المسيحيين في تجهيز المبني للصلاة حاصرهم المتشددين ومنعوهم ومازالت الكنيسة مغلقة!!.
بداية تحدثنا الى نيافة الانبا باخوميوس مطران البحيرة و الخمس مدن الغربية، فقال :” هناك العديد من الكنائس المغلقة فى العديد من الإيبارشيات أما بالنسبة للبحيرة فلا توجد كنائس كانت مفتوحة للصلاة ثم تم إغلاقها لكن فقط هناك كنيسة تهدمت منذ 9 سنوات فى مركز ابو المطامير بمحافظة البحيرة ، ونحن نسعى لاعادة بنائها مرة أخرى .
و أضاف :” اما بالنسبة للإيبارشيات التى يوجد بها كنائس اغلقت و لم يتم اعادة فتحها للصلاة مرة أخرى ، فيجب على المسئولين السعى لاعادة فتحها مرة اخرى و الحصول على قرارا رسمية للصلاة بها مرة اخرى .”
نحتاج تغيير شامل
تحدثنا إلى نيافة الانبا مرقس أسقف شبرا الخيمة و شبين القناطر و توابعها والذى اغلقت فيها عدة مباني خدمية فقال:
إن الامن فى ظل الظروف الحالية مرتبك، وحتى نستطيع البدء في العمل على فتح الكنائس المغلقة بمحافظات مصر المختلفة نحتاج الى حراسة مشددة على الكنائس بعد إعادة فتحها، وجهد مضاعف غير متاح حاليا في ظل ظروف البلد الحالية، فالتوجه الأساسي لقوات الامن هو مواجهة الارهاب، ولكن نحن واثقون في انه حينما يأتي رئيس جديد ومجلس نواب جديد فأن كل الكنائس المغلقة منذ سنوات سواء لدواع امنية أو بسبب المتشددين سيتم إعادة فتحها للصلاة مرة أخرى ولممارسة الشعائر الدينية والخدمة بها، وذلك إعمالا وتفعيلا للدستور الجديد وحق المواطنين في حرية الاعتقاد و ممارسة شعائرهم الدينية.
و استطرد نيافة الانبا مرقس قائلا: لذلك اريد أن نعطيهم فرصة و نحن واثقون فى أن الامور ستختلف وتتحسن كثيرا فى الفترة المقبلة، ونحن نصلى لكى يتدخل الله ويعطى الامن والسلام لمصر .
و أضاف الانبا مرقس قائلا : المناخ العام على المستوى المجتمعي يحتاج الى تغيير شامل، ويجب ان يكون هناك ترسيخ لمبادئ قبول الاخر، وهذا لن يتحقق الا بالعمل على توعية الناس على المستوى الثقافى و الدينى، و هو أمر يحتاج لسنوات طويلة حتى تتغير المفاهيم و المبادىء السلبية التى كانت قد ترسخت من قبل على مدار عقود طويلة. فيجب الا نعتمد على الحلول الامنية فحسب بالرغم من اهميتها.
أين دور بيت العائلة
ننتقل إلى محافظة المنيا الأكثر عددا من حيث الكنائس المغلقة، وقال القس اسطفانوس شحاته كاهن بإيبارشية سمالوط :” إن ملف الكنائس المغلقة يجب أن يتم فتحه و مناقشته دون تأجيل ، فهناك العديد من الكنائس على مستوى محافظات مصر المختلفة مغلقة منذ سنوات ، وخاصة فى محافظات الوجه القبلى فنحن فى ايبارشية سمالوط وتوابعها فقط و هى احدى ايبارشيات محافظة المنيا لدينا 6 كنائس ومباني خدمات مغلقة، و هى: بيت مدارس الاحد بصميدة ، و كنيسة الشهيد مار مينا بالجبل الغربى ، وكنيسة مار جرجس والانبا رويس بعزبة الياس ، و بيت مدارس الاحد بعزبة داود يوسف وكنيسة السيدة العذراء بعزبة فارس ، وبيت مدارس الاحد بعزبة فرج الله. وكل كنيسة تخدم ما لا يقل عن 100 اسرة اى فى المتوسط 600 شخص، هذا بالإضافة الى ان هناك قرى كثيرة كاملة لا يوجد بها اى كنائس، ويكون على المسيحيين فى هذه القرى تكبد مشقه المشى أو استخدام المواصلات لتنقلهم عدة كيلو مترات ليصلوا الى اقرب كنيسة لهم .
وطالب القس إسطفانوس شحاته المسئولين بمناقشة قانون بناء الكنائس، وعدم تجاهله بهذا الشكل ، حتى يشعر المسيحيون انهم مواطنون لهم حقوق المواطنة فليس من المعقول بعد قيام ثورتى يناير و يونيو ومشاركتنا جميعا فيها وأن نجد انفسنا لا نزال محرومون من حقوقنا كمواطنين من ممارسة الشعائر الدينية داخل دور العبادة فكيف يشارك المسيحيون فى واجباتهم تجاه الوطن ولكن حقوقهم مهدرة، فالرئيس القادم ومجلس النواب عليهم التعامل مع هذا الملف بجدية.
و أكد القس استطفانوس شحاته قائلا :” يجب ان يكون هناك دور فعلى وحقيقى يقوم به بيت العائلة فى هذا الشأن فهو حتى الان لا يقوم بأى دور. فلاشك يجب ان يكون هناك توعيه بأهميه وجود الكنائس والتأكيد على حق المسيحيين كمواطنين فى ممارسة شعائرهم الدينية لاننا اذا اعتمدنا على تفعيل الدستور الجديد الذى تم اقراره وفقط فلن يجدى الامر شيئا او يغير من الواقع الاليم الذى نحياه .
المريناب تنتظر الحل العرفي!
اتفق معه فى هذا الرأى اسامة رفعت محامى بمطرانية اسوان، وأضاف إن ما حدث فى كنيسة مار جرجس بالمريناب بأسوان أو بباقى الكنائس المغلقة حتى يومنا هذا يعد نتيجة الشحن الطائفى الدينى المتوغل فى العديد من محافظات مصر خاصة فى الوجه القبلى ، والذى يبث افكارا تحث على عدم قبول الاخر وعدم اعطائه حقوقه فى ممارسته شعائره الدينية، لذلك فهناك ضرورة لوجود خطاب دينى مستنير، بالإضافة الى الاهتمام بالتعليم فهما الاساس من وجهه نظري فبدون الاهتمام بهم ستزداد الامور صعوبة وتعقيدا.
وأضاف رفعت قائلا : يجب تفعيل الدستور الحالي من خلال الاسراع في اصدار قانون بناء دور العبادة وأن يتم مناقشته لإقراره فى مجلس النواب القادم وان يكون ذلك فى اول جلسة انعقاد. و لكن بالرغم من أهمية اصدار القانون الا ان الاهم من القوانين هو تغيير النظرة فيما يتعلق بقبول الاخر المختلف عنا دينيا كمواطن مثله. فحينما يتم بناء مبنى مخالف على سبيل المثال فالأشخاص ليس المنوط بهم الحساب في هذا الامر لكن هناك جهات بالدولة هى المنوطة بذلك و التى يجب عليها ان تحاسب من يخطىء . “
و قال أسامة رفعت إنه للأسف بيت العائلة لا توجد لديه أي آليات لتنفيذ ما يقوله، وحتى الان يقتصر دوره على اصدار بيانات شجب وادانة أو اصدار توصيات وفقط. و هذه الاشياء جميعا لا قيمة لها اذا كانت لا توجد اليات لتفعيلها وتنفيذها، فهى مجرد بيانات للشجب والادانة واجراء اجتماعات وفقط .
وقال القمص مكاريوس بولس كاهن كنيسة مار جرجس بالماريناب بادفو بمحافظة اسوان : بالفعل عقدت اجراءات لتسلم الكنيسة لبدء الصلاة فيها مرة اخرى، لكن هناك بعض الاعتراضات البسيطة من قبل بعض أهالي القرية ادت لتأجيل افتتاحها. وهناك مفاوضات وجلسات بين المسيحيين والمسلمين حول هذا الموضوع للخروج من هذه المشكلة.
وعد بالافتتاح لم ينفذ
وقال القس مرقس برتى كاهن بكنيسة السيدة العذراء مريم بعين شمس الغربية المغلقة:
فيما يتعلق بإعادة فتح كنيسة العذراء والانبا ابرام بعين شمس الغربية بمنطقة عزبة عاطف كان في عام 2011 حينما كان اللواء منصور العيسوى هو وزير الداخلية فقام بالاتصال هاتفيا بقداسة البابا شنودة الثالث لتهنئته بقرار اعادة فتح الكنيسة مرة اخرى ، وبمجرد معرفة البعض بهذا الخبر حدثت مشكلات، واعترض المتشددون على اعادة فتح الكنيسة و بعد اجراء عدة جلسات صلح وصلنا لاتفاق اننا فى حالة حصولنا على موافقة مكتوبة من قبل اجهزة الدولة سيتم اعادة فتح الكنيسة مرة اخرى، ولكننا حينما تقدمنا بطلب للحصول على قرار من قبل الجهات المختصة كانت الاجابة انه لا توجد قرارات مكتوبه ولكن الامر يصدر شفهى .
وأضاف: قدمنا ملف الكنائس المغلقة لقداسة البابا تواضروس الثاني منذ ان اصبح بطريركا وتم تأجيل هذا الملف لأنه حتى لو صدرت قرارات بإعادة فتح الكنائس المغلقة فهناك صعوبة في تنفيذه على ارض الواقع .
وأضاف: الكنيسة المغلقة في عين شمس تخدم 2000 أسرة فلا يوجد في المنطقة سوى كنيسة واحدة منذ عام 1968 و مساحتها 330 متر و جميعا نصلى فيها ونحتاج بالفعل لإعادة فتح هذه الكنيسة المغلقة بالمنطقة .
تحرك المسئولين ضرورة
العميد خالد عكاشة الخبير الأمني قال : ” إن مسألة غلق بعض الكنائس لدواع أمنية خاصة في الوجه القبلي قد يكون أمرا مفهوما فى الفترة الماضية و اقصد بها الفترة بعد ثورة 30 يونيو و فض اعتصام رابعه في أغسطس الماضى. ولكن بالرغم من ذلك يجب ان يكون غلق الكنائس له سقف زمنى وتعود فى اقرب وقت ليتم فتحها مرة أخرى ، خاصة و أن استمرار غلق العديد من الكنائس فى محافظات مصر يعطى اثرا سلبيا ليس فقط على المسيحيين الذين يتكبدون المشقة والمعاناة حيث انهم يبحثون عن اقرب الكنائس لهم ليستطيعوا ممارسة شعائرهم الدينية والتى عادة ما تبعد عدة كيلومترات حتى ان هناك قرى بأكملها لا يوجد بها اى كنيسة، لكن على الوضع الامنى بشكل عام يعطى انطباعا بان الامن لم يستقر فى البلد . “
و شدد العميد خالد عكاشة على ان هناك ضرورة لفتح هذا الملف، وان يتم التعامل معه وبشكل عاجل من قبل كل من وزير الداخلية والمحافظين فهم المعنيين بالأساس بالتدخل لحل هذه الازمة. ويجب على كل محافظة ومديرية موجود بها كنائس مغلقة أن تقوم بعمل دراسة لهذا الامر وان يتم وضع سقف زمنى للتدخل للعلاج و حل الازمة بعد فحص المشكلة، فعلى سبيل المثال أن يقال أن الكنائس المغلقة على مستوى محافظة معينة سيتم اعادة فتحها مرة اخرى في غضون ستة اشهر و أن يكون ذلك حسب جدول زمنى يشمل خطوات متتالية للحل مما يعطى مؤشرا بان هناك جدية وايجابية في التعامل مع هذا الملف وان هناك تحرك فعلى وليست مجرد وعود بالحل والخروج من الأزمة .
وأضاف عكاشة :” لا يوجد ما يمنع لو كان هناك قصور او عجز فى افراد الامن أن يتم الاستعانة بالكنائس والمطرانيات وان يكون هناك تكاتف فيما بينهم فيما يتعلق بأى تجهيزات لسد العجز او القصور الامني، فنحن اذا فعلنا ذلك سنجد الكنائس والمطرانيات تساعد جهات الدولة قدر استطاعتها .
واستطرد عكاشة قائلا: ” لأنه اذا استمر الوضع هكذا سيعد ذلك ملمح من ملامح السلبية بان الامن غير متحقق بالفعل، لكن اذا وضعت خطة امنية للتعامل مع الازمة سيكون ذلك مردوده ايجابى على كافة المواطنين.