فى زمن الصوم المقدس و مع أعتاب فصل الربيع المبارك.. نحتفل بالعام التاسع و السبعون لميلاد غبطة الكاردينال الأنبا أنطونيوس نجيب.. هذا البطريرك الذى أرهق نفسه إرهاقاً شديداً فى معاونة البابا بنديكت السادس عشر للتحضير فى أعمال سينودس كنائس الشرق الأوسط،
و أعتقد أن هذا الإرهاق هو عامل من عوامل مرضه، فغبطته كان يسهر الليالى لخدمة الكنيسة الجامعة، و سعى أن يوصل مشاكل مسيحى الشرق الأوسط فى جميع جلسات سينودس الكنائس الشرقية.. و من خلال قربى من غبطته رأيته يقضى خدمته البطريركية فى ترتيب الكنيسة من الداخل، و بلفعل نجح برؤيته فى كثير من الأمور و ترك ملفات جاهزة للنظر فيها و اتخاذ قرارت بشأنها.. الأنبا أنطونيوس – أطال الله حياته – طوال حبريته يتميز بجودة التخطيط، و أتذكر حسه الوطنى و السياسى الكبير فحتى عندما علم بخبر تعيينه كاردينالاً بالفاتيكان نتيجة لجهوده فى أعمال سينودس الكنائس الشرقية – أكتوبر 2010 – قال غبطته هذا تكريماً من الفاتيكان لوطننا الحبيب مصر و لكنيستنا القبطية الكاثوليكية، فهو يبتعد بالحديث عن ذاته و فضل العمل فى صمت و لكن بالكاردينالية صار شخصية عالمية، و برغم أنه ثالث بطريرك مصرى ينال الكرامة الكاردينالية، الا أنه أول بطريرك مصرى يشارك بأنتخابات بابا الفاتيكان الجديد – البابا فرنسيس – فى مارس 2013 .. و للحقيقة فإن اختيار غبطة الانبا انطونيوس عام 2006 بطريركاً للاقباط الكاثوليك كان اختيار الروح القدس، فغبطته على درجة عالية جداً من السمو الروحى و ممارسة العمل الرسولى، كما أنه يشير برأيه فى أى موضوع بهدوء و حكمة و شعاره “نعمل الحق بالمحبة”، و اتجه بنوع من تغيير الفكر الروحى فاهتم بالكهنة و الاساقفة و بالرهبانيات كما أسس غبطته نشاط الروابط و هى مجموعات تجمع المهن و الانشطة المخنلفة، كما اهتم اهتماما كبيرا بالكلية الاكليريكية و مدارس الاحد، و فى حبريته رأينا تقدماً كبيراً فى العمل المسكونى و بغبطته بدأ الطريق للوحدة إذ كانت تجمعه محبة قوية جداً بقداسة البابا شنودة الثالث.. و من يعرف الانبا أنطونيوس عن قرب فهو شخصاً زاهداً فكلما أزوره للاطمئان على صحته اراه لا يهتم بذاته بل بكل من حوله و يفضل أن يعيش كاهناً بسيطاً مبتعداً عن ملابس البطريرك الفاخرة.. و لغبطة الانبا أنطونيوس نجيب تاريخ طويل فى خدمته الاسقفية بالمنيا الذى ظل يخدمها لربع قرن فقام بالتنمية البشرية و تكوين الاشخاص، و بالخدمات الرعوية، فهو أول من أدخل خدمة الكهنة المتزوجين، و اهتم بالدعوات الإكليركية و الإنشاءات فأقام العديد من مراكز الخدمة و التنمية، و أرسل دفعات من الشباب إلى الخارج ليتخصصوا فى مجال البشرية و يعودوا للتدريس بمركز الخدمة و التنمية، و أسس غبطته خدمة “يسوع السجين” لخدمة المساجين و التى صبحت اليوم معروفة عالمياً، و أسس مكتباً للتربية الدينية.
كثيراً ما كنت أتمنى أن يستمر غبطته فى خمته للبطريركية لكنه كان صادقاً مع نفسه أمام الله و مخلصاً لكنيسته أكثر من ذاته و قدم غبطته استقالته ليواصل الرسالة أب أخر قادر على مطالب الكنيسة حتى أنتخب غبطة البطريرك أنبا إبراهيم أسحق خير خلف لخير سلف.
سيدى و أبى الحبيب كل عام و غبطتكم بخير.. الرب يديم لنا حياتكم لمواصلة الصلاة دائماً من أجل كنيستنا المحبة للمسيح و لوطننا الحبيب مصر و لكل بلاد الشرق الاوسط التى حملت مشاكلها طوال خدمتكم المباركة.