بعد أن كتبت مقالتى الأولى عن رحلتى إلى تايلاند فى “وطنى نت” أرسل لى الصديق تادرس ميكائيل من مونتريال بكندا مع بعض أصدقاء من أمريكا يسألوننى لماذا لم تستكمل الكتابة عن تايلاند فهم يريدون المزيد.
وتلبية لرغبة القراء الأعزاء أكتب هذه المقالة وأرجو أن أكتب الرحلة كلها بعد ذلك.
بمجرد أن هبطت الطائرة ومشيت فى شوارع تايلاند شعرت بنظام غريب عن معظم دول العالم، اكتشفت أن نظام المرور هنا يسير على الشمال وليس اليمين كما هو الحال عندنا فى مصر، وخطورة هذا النظام أننا لسنا متعودين عليه، وبالتالى يمكن اتعرض للحوادث إن لم أمشى بحذر، وهذا النظام يعنى أن تكون عجلة القيادة فى السيارات على اليمين وهو نفس النظام المتبع فى إنجلترا وقبرص.
تايلاند Thailand هى المملكة التى كانت تسمى سيام فى الماضى وحتى 11 مايو 1949، وتقع فى جنوب شرق آسيا فى شبه الجزيرة الهندية الصينية تحدها كل من لاوس وكمبوديا من الشرق، وخليج تايلاند وماليزيا من الجنوب، وبحر أندامان وميانمار من الغرب، وتتكون من 75 محافظة، يتسم الشارع التايلاندى بالهدوء واحترام الناس لبعضهم، والتحية هى ضم اليدين إلى الصدر مع انحناءة للأمام مثل اليابانيين، ولهم لغة خاصة بهم قريبة من اللغة الصينية، تستطيع أن تتعرف على العاصمة بانجوك من روائح اللحوم والأسماك والمشويات والمقليات والطعام الموجود فى كل مكان، فى الشوارع الكبيرة والصغيرة والميادين، عربات صغيرة مثل عربات الفول أو الكشرى عندنا. عليها حلل وأطباق وموقد البوتاجاز وكميات من اللحم والكفتة والسوسيس والأسماك والجمبرى والبيض المشوى والخضر والسلاطة، والناس تأكل أو تحمل الطعام معها، البائع إما سيدات أو رجال وهم يطهون ويغسلون الأطباق أمام المارة، أما الأسعار فرخيصة، وروائح الطعام تقتحم أنف الجميع وربما تضايق السياح لكن التايلانديين تعودوا عليها وهى محببة لهم، وبذلك ابتدعت تايلاند فكرة مطعم الشارع كمال قال لى الخبير السياحى صديقى عزيز تادرس.
النصيحة التى يقدمها لك كل من سافر إلى تايلاند قبلك أن تذهب وحدك دون المدام أو حتى بناتك، وهم يقولون هنا فى تايلاند الرجل يطمئن جدا عندما تأتى زوجته إلى هنا، أما المرأة والزوجة فلا تطمئن على زوجها إذا جاء وحده.
الواقع أن فتيات الهوى وبنات الليل والليالى الحمراء والسهرات حتى الصباح متوفرة جداً وهم يعتبرونها ضمن عوامل تشجيع السياحة، وربما تكون فعلاً عاملاً مهماً من هذه العوامل، ومع ذلك فأن تايلاند كبلد سياحى جميلة جداً، تشعر فيها بالأمن والأمان، حتى لو فيها مظاهرات، فهى مملكة هادئة تجدد نشاطك وحيويتك وتستطيع أن تقضى وقتاً طيباً فى الاسترخاء، ومن الظاهر السياحية الواضحة حكاية التدليك أو المساج، فأنك تجد فى كل مكان دكان أو مركز للتدليك، وهناك التدليك بالزيت، والتدليك العادى وكل بثمنه وبالساعة، والتدليك عملية طبية مهمة فالبنات أو السيدات اللائى يقمن به حاصلات على شهادات طبية لكى تمارس هذا العمل الطبى المحترم.
مدينة بانجوك العاصمة مثل كل عواصم العالم يوجد بها حى عربى، مثل الأحياء العربية والمصرية فى مدينة أثينا عاصمة اليونان، ومدينة برلين عاصمة ألمانيا، ولندن عاصمة إنجلترا، وباريس عاصمة فرنسا، فى عاصمة تايلاند ذهبت إلى الحى العربى، وكانت مفاجئة سعيدة أن أجد فى هذا الحى محطة مترو مشهورة جداً تسمى محطة نانا، وبسؤالى عن من هى نانا؟ عرفت أنها راقصة مصرية اسمها نادية واسم الدلع نانا، كان أحد المصريين قد شجعها على أن تأتى إلى تايلاند وترقص فى الملهى الليلى الذى يملكه فى هذا المكان الحى العربى، واهتم العرب المقيمين أن يسهروا فى هذا الملهى الذى لقى شهرة عريضة، ومن ثم اشتهر المكان باسم الراقصة التى ترقص فيه وهي نانا، من هنا أطلق على محطة المترو محطة نانا، هى مشهورة جداً لدرجة أن التايلانديين يعرفوها جيداً، وربما لا يعرفون حكايتها! وشئ جميل أن ترى محطة مترو باسم مصرية لكن عجبت من أن تكون سفيرتنا هنا فى تايلاند راقصة مغمورة!.
زرت الحى العربى وركبت المترو حتى محطة نانا، حى تجارى مزدحم بالسياح، الكل يشترى الملابس وتماثيل الفيلة وقوارب الصيد المعبرة عن الحياة هنا فى تايلاند، جلست لتأمل الناس والسياح والتجار، حركة تجارية ناجحة واحترام وابتسامة على وجه كل الناس، فى تمام الساعة الحادية عشر مساءً أغلقت المتاجر أبوابها وانتشرت فى الشوارع بنات الهوى شبه العاريات وجاءت عربات صغيرة مثل عربات اليد والطعام الخشبية عندنا لكنها مليئة بزجاجات الويسكى والنبيذ والبيرة وكل أنواع الخمور، واحضرت البنات مقاعد رصت على الأرصفة وأخذن يدعون الشباب والسياح للجلوس معهن واحتساء الخمر ومداعبتهن وقضاء وقتاً طيباً معهن، هكذا تحول الحى العربى إلى كباريه تقوده النساء يسهر حتى الفجر تقريباً.
تنبهت تايلاند إلى ظاهرة سخيفة يقوم بها بعض سياح العالم وهى اخذ بعض مكونات الغرف كذكرى معهم، ولا يقتصر الأمر على اخذ مجرد أشياء صغيرة للذكرى بل البعض يأخذ أشياء ثمينة وكثيرة مثل الفوط والبشاكير وروب الحمام والفازات والشوك والسكاكين والأطباق، ولو استطاعوا أن يحملوا معهم مراتب الأسرة لفعلوا، الفنادق تحذر كل السياح النزلاء من ضياع وفقد أى شئ من الغرف، حتى كارت مفتاح الحجرة لو ضاع منك عليك أن تدفع خمسين (بات) وهى العملة الرسمية فى تايلاند (الدولار يساوى 32 بات) وكل شئ له ثمن إذا ضاع ولن تستطيع الهرب لأن حجرات الفندق يقوم بتفتيشها العمال والموظفين قبل أن يترك النزلاء الفندق.
أقول لكم الحق، هناك بعض السياح يزودوها جداً فى أخذ بعض أشياء من الفنادق والطائرات أيضاً، رأيت مرة أحدهم يأخذ من الطائرة مجموعة من البطاطين (الكوفيرتات) بلفتها كاملة، أليس هذا عيباً؟!.
الجزء الأول من المقال
https://www.wataninet.com/watani_Article_Details.aspx?A=51446