أقامت السفارة الإيطالية ندوة للتعريف بموقع مدينة ماضي الأثري والذى يحتوي على أكبر عدد من المعالم الأثرية في واحة الفيوم وذلك يوم 26 مارس الجارى.
· وقالت دكتور ايمانولا تشاميو emanuela chiumeo مديرة موقع rivista Incontro Mediterraneo: ” إن هذه الندوة تعد جزء من حملة لتعريف الشباب بتاريخهم وخاصة ممن لا يدرسون علم الآثار ، وتحميلهم مسئولية الحفاظ على تاريخهم، ويتمثل الجزء الثاني من الحملة في القيام برحلة إلى الموقع الأثري للتعرف إليه عن قرب، كما سيتم الإعلان عن مسابقة للتصوير موضوعها مدينة ماضي وسيكون الموعد النهائي لتسليم الصور يوم 30 إبريل وسيتم وضع الصورة الفائزة على صفحة لمدينة ماضي على موقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك، كما سيتم نشر الصور المشاركة في المسابقة في معرض موسع سيقام خلال الشهور القادمة، والتي نتمنى أن تكون البداية لتكرار هذا المشروع في عدة مواقع أثرية أخرى داخل مصر وخارجها. حيث نتمنى أن يكون هناك يوم للمواقع الأثرية المختلفة مثل مدينة ماضي.”
· و أشار دكتور هشام الليثي الدكتور بجامعة القاهرة إلى أن مدينة ماضي تحتوي على أقدم وأكمل معبد من الحجر وهو يعود إلى عهد الأسرة الثانية عشر وتم بناء إضافات في فترات لاحقة له حتى العصر اليوناني الروماني. وتم ترميم مدينة ماضي في إطار الدعم المؤسسي والبيئي لمدينة ماضي بالفيوم وسقارة بالجيزة بتكلفة 3.5 مليون يورو. وبدأ ترميم المدينة في العام 2005 واستمر العمل بها حتى 2010 ، لكن ترميم المعبد تم مابين 2009 و2010 .
· وقال الدكتور روبيرتو بونجارزوني Roberto Buongarzone إن مدينة ماضي تعود إلى عهد الملك أمنمحات الثالث والرابع ولا توجد أثار في الفيوم لفترات سابقة حيث أن منطقة الفيوم تم تعميرها بداية من عهد الأسرة الثانية عشر، وتم اكتشاف المدينة في الفترة من 1935 حتى 1939 على يد الإيطالي أكيلى فوليانو AchilleVogliano، وألمح إلى أنه من مميزات المدينة أنها اكتشفت بحالة جيدة جدا وهو أمر نادر، كما تحتوي المدينة على آثار فريدة مثل تمثال لأنثى أسد ترضع صغارها والذي –عندما اكتشف- كان شعر أنثى الأسد ملون باللون الأحمر، كما وجُدمفرخة لبيض التماسيح بالمعبد.
وتعتبر مدينة ماضي بشكل خاص نموذج مصغر لمصر كمدينة زراعية وهي تحتوي على آثار لعصور مختلفة شهدتها مصر بداية من العصر الفرعوني حتى العصر القبطي مرورا بالعصر اليوناني الروماني. وأضاف: “لقد أقمنا طريقاً يربط مدينة ماضي بالفيوم تستطيع أي سيارة المرور به وليس فقط سيارة الدفع الرباعي، لكن لإن طبيعة المكان والمباني الأثرية لا تتحمل زيارة أكثر من 150 شخص، فقد حاولنا الاتصال بأهالي الفيوم لتوعيتهم بالقيمة الأثرية والتاريخية للمكان.”
وأوضح بونجارزوني إن البعثة الأثرية الإيطالية كانت مرتبطة مؤخرا بمدينة ماضي، لكن ستعود البعثة للعمل في منطقة سقارة لإزالة التراب من على معبد السرابيوم، كما أفاد إن أهم مشروع ستعمل فيه البعثة مستقبلا هو ترميم المتحف اليوناني الروماني بمدينة الإسكندرية.
وعلى هامش الندوة قال دكتور بونجارزوني لوطني إن البعثة ليس لديها أي نية للحفر والتنقيب سواء في مدينة ماضي أو حولها، لكننا مهتمون حاليا بالربط ما بين مدينة ماضي ووادي الريان ووادي الحيتان لتكوين محمية طبيعية تجمع الثلاث مناطق.
يذكر أن مدينة ماضي أقيمت في إطار مشروع زراعي ضخم تم في تلك المنطقة في عهد الأسرة الثانية عشر، حيث تم تأسيس مدينة دجا وبناء معبد أقامه أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع ( أواخر الأسرة الثانية عشر) لعبادة الآلهة الثعبان رننوتت (Renenutet) والإله التمساح سوبك شدت (Sobek of Scedet) الذي كان يعتبر راعي و شفيع المنطقة كلها و كانت عاصمتها (شدت) أى “حورس المقيم في شدت”، وازدهرت دجا في العصر البطلمي– و التي أطلق عليها لاحقا اسم نارموثيس و هو اسم يوناني يعني “مدينة رننوتت – هيرموثيس” – و ازدهر المعبد فبنيت المعالم و النُصُب في شمال وجنوب معبد الأسرة الثانية عشر.
وشهدت نرموثيس في القرن الرابع و الخامس الميلادي زحف جارف للكنيسة القبطية، حيث شيد بها العديد من الكنائس، ثم أطلق العرب اسم “مدينة من الماضي” على المنطقة و هو الاسم التي ما تزال تعرف به هذه المنطقة الأثرية في يومنا هذا.
ويأتى الدعم المؤسسي للمدينة من المجلس الأعلى للآثار: كإدارة وصيانة وتشغيل موقع مدينة ماضي الأثري، و هو مشروع ممول بالكامل من خلال البرنامج المصري – الإيطالي لمبادلة الديون للتنمية (EIDS) بسفارة ايطاليا في القاهرة ومكتب التعاون الإيطالي من أجل التنمية والذي يهدف إلى تقديم الدعم التقني والعلمي في رصد وإدارة المواقع الأثرية.
و قد اعتنى المشروع بجوانب عديدة و على رأسها الإسهام في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية في الفيوم و الذي تعتبر أهم الأهداف التي يصبو إليها مشروع “ISSEMM” الايطالى ، هذا و قد قدم المشروع دراسة بيئية لواحة الفيوم و دراسة عن أفضل الطرق و المسارات السياحية التي من شأنها دعم و تطوير السياحة المستدامة بالفيوم. كما قدم مشروع ISSEMM دراسة متعمقة عن كيفية إدارة مناطق المحميات، فضلا عن عمل مسح شامل للمواقع الأثرية بالفيوم ودمجها بنظام المعلومات الجغرافي GIS و قاعدة بيانات الآثار و استعادة منطقة المعبد ومدينة جيا- نرموثيس القديمة بمدينة ماضي و ذلك من خلال إقامة منطقة أثرية مجهزة ومتصلة بمناطق المحميات الطبيعية في وادي الريان و وادي الحيتان عن طريق مسار خلاب بطول 28 كيلومتر في الصحراء الغربية، بالإضافة إلى تحديد “منطقة عازلة” في مدينة ماضي وهو الأمر ذو الأهمية شديدة للوقوف على المنطقة الواجب حمايتها والمحافظة عليها للحد من مخاطر التوسع الزراعي داخل الموقع الأثري. حيث أن عملية إدارة المزار تقوم في الأصل على المحافظة على مكنونات الموقع استنادا إلى اللوائح و القوانين المعمول بها من خلال التعاون مع وزارة البيئة و وزارة الآثار ومحافظة الفيوم.
وقد قامت جامعة بيزا بتنفيذ اكتشافات مدينة ماضي منذ عام 1978، في كوم ماضي ثم في مدينة ماضي، حيث اكتشفت في المنطقة الجنوبية – أو المنطقة القبطية – عشرة كنائس (تعود للقرن الرابع و الخامس الميلادي) ترجع أهميتها لما تمثله من تطور في تاريخ العمارة الكنسية بالفيوم.
وكشفت الأبحاث و الحملات الأثرية التي أقيمت فيما بين عام 1997 و عام 2004، عن معبد بطلمي جديد مخصص لعبادة اثنان من التماسيح؛ و في احد المباني الأساسية التي أضيفت للمعبد تم العثور على بناية مستديرة مقببة مخصصة لتفريخ بيض التماسيح. كما كانت بعثة جامعة بيزا هي المسئولة عن إنقاذ وترميم الكتل التي كتبت عليها الأناشيد اليونانية الأربعة لإيزيس و الموجودة حاليا بمتحف كرانيس.
وبداية من عام 2004 ، كان هدف برنامج التعاون المصري الإيطالي ISSEMM هو إنشاء مزار أثري بمدينة ماضي (2004 – 2008 ) وفي السنوات الأخيرة أسهم المسح الطوبوغرافي الممنهج و الاستكشاف الجيوفيزيائي و تفسير الصور و البيانات على فهم النسيج العمراني للقرية القديمة و التراتب الزمني الانشائات وصولا إلى العصر البيزنطي . و في عام 2007 تم اكتشاف سكنات نارموثيس (Castrum Narmutheos) التي يعود تاريخها إلى عصر دقلديانوس. بينما تم تفعيل المرحلة الثانية من برنامج التعاون المصري الإيطالي ISSEMM في عام 2008.
حيث كان الكشف الأثري الرئيسي الناتج عن إزالة الرمال هو اكتشاف مضمار بطول 230 متر يتجه من الجنوب إلى الشمال بداية من المدخل الأصلي و مذبح الأضاحي ؛ كما تم اكتشاف أربعة تماثيل فريدة للأسود و تمثال لبوئ على طول جوانب المضمار ، فضلا عن اكتشاف نقوش تكريس يونانية تعود إلى عام 116 قبل الميلاد. واهتمت أحدث الأعمال البحثية لجامعة بيزا برواق مائي ضخم قد يعود جزئيا لما قبل العصر الروماني اكتشفه مشروع ISSEMM في عام 2010 و هو يتمثل في ساقيتان متحدتا المركز وان كانا مختلفين في الخطوة؛ كما أن الساقية الاعمق مغطاة برواق. أما المرحلة الحالية و الأحدث في مشروع ISSEMM هي مرحلة ISSEMM 3 (2014 – 2013 ) و هي تهدف إلى فتح الموقع الأثري للجمهور من خلال تعزيز المنشآت مثل مركز الزوار و ترميم التماثيل و النُصُب الأخرى التي في حاجة للترميم كما تم رفع الرمال من البئر المقدس حتى القاع.