كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية النقاب عن وجود اتصالات سرية انخرط فيها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي مع جماعة “طالبان” خلال الأشهر القليلة الماضية بهدف التوصل إلى اتفاق سلام دون اشراك للولايات المتحدة أو الحلفاء الغربيين، مشيرة إلى أن هذه الاتصالات تضيف مزيدا من التآكل على العلاقات المتوترة بالفعل بين كرزاي والإدارة الأمريكية.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، إن هذه الاتصالات السرية يبدو وأنها تفسر أسباب سلسلة من الإجراءات التي اتخذها كرزاي خلال الفترة الأخيرة الماضية والتي بدا أنها تهدف إلى استعداء داعميه الأمريكان، وعلى وجه الخصوص: استمرار رفضه على مدى الأسابيع الأخيرة التوقيع على اتفاقية أمنية ثنائية مع واشنطن كان قد تفاوض عليها من قبل وإصراره على إطلاق سراح معتقلين من عناصر طالبان ونشره أدلة على ما وصفها بـ “جرائم حرب أمريكية”.
ووفقا لمسؤولين مطلعين، فقد أثمرت الاتصالات السرية بين كرزاي وطالبان بشكل ضئيل، إلا أنها رغم ذلك ساهمت في تقويض ما تبقي من ثقة متبادلة بين كرزاي والولايات المتحدة، حيث جعلت المرحلة النهائية، الفوضوية بالفعل، من النزاع الأفغاني أكثر تقلبا، حسب الصحيفة. وتابعت الصحيفة: إن دعم المجهود الحربي في أفغانستان تدهور بشكل واضح داخل جنبات الكونغرس الأمريكي، كما أضحى مسؤولون أمريكيون متشككون بشأن ما إذا كان بإمكانهم مواصلة التعاون الأمني حتى في حده الأدنى مع حكومة كرزاي أو الحكومة التي ستخلفه بعد الانتخابات القادمة.
وأضافت أنه نتيجة لحالة الاحباط التي منيت بها الإدارة الأمريكية جراء رفض كرزاي التوقيع على الاتفاقية الأمنية الثنائية، التي من شأنها أن تمهد الطريق أمام بقاء قوات أمريكية في أفغانستان للقيام بمهام تدريب القوات الأفغانية ومكافحة الإرهاب بعد انتهاء العام الجاري، استدعى الرئيس الأمريكي باراك أوباما كبار قادته إلى البيت الأبيض الأسبوع الماضي للتفكير في مستقبل البعثة الأمريكية في أفغانستان.
وتحدث مسؤولون غربيون وأفغان، شريطة عدم ذكر أسمائهم، أن التواصل السري بين كرزاي وطالبان جاء على ما يبدو بمبادرة من قبل طالبان في نوفمبر الماضي، وهو الوقت الذي شهد تعمق حالة التوتر وانعدام الثقة بين كرزاي وحلفائه الغربيين، مضيفين أن المحادثات رغم ذلك لم يتمخض عنها اتفاق ملموس أو حتى تحرز تقدما واضحا، كما أنه غير جلي ما إذا كانت طالبان تسعى بالفعل لمواصلة المفاوضات بجدية والتوصل إلى اتفاق سلام مع الحكومة أو أنها ببساطة تحاول عرقلة وإجهاض الاتفاق الأمني مع واشنطن من خلال تشتيت كرزاي.
وحسب الصحيفة، ففي شهر أكتوبر الماضي لم يكن يبدو هناك سوى بعض الشكليات التي يتوقف عليها إتمام بنود الاتفاق الأمني طويل الأمد بين كابول وواشنطن، خاصة بعد زيارة استثنائية أجراها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى أفغانستان، وكان قد تم الاتفاق على الشروط واحيلت الاتفاقية إلى المجلس الأعلى لزعماء القبائل في أفغانستان “لويا جرغا” الذي بدوره وافق عليها.
وانتهت الصحيفة بالقول “إن استمرار التواجد العسكري الأمريكي في أفغانستان، فضلا عن مليارات الدولارات التي ستقدم في شكل مساعدات، يتوقف الآن على توقيع الاتفاق الأمني من قبل كرزاي الذي رفض مرارا وتكرارا، مسببا الحيرة للأمريكان والعديد من الأفغان أيضا”.