من اهمية موقعها و الحضور القبطى المؤثر بها ما يجعلها منطقة جذب و تمركز ” الجماعات الاسلامية المتطرفة ” فهى من اكبر قرى جنوب المنيا.. تعداد سكانها تقريبا 140الف نسمة وحوالى 10%من السكان مسيحيين..
بها 83 مسجد وزاوية و 6 كنائس – قام الارهابيين بحرق تلاتة منها فى الاحداث الاخيرة ..
و من المعروف عن دلجا انها تتمتع بنشاط تجارى وزراعى واسع على مستوى شمال الصعيد.. و على الرغم من ذلك فهى تعانى من اكبر نسبة تسرب تعليم و عدم وجود مستشفى بها..
لكن للاسف بعد الاحداث الاخيرة والحصار والحظر الذى وقع عليها من قوات الامن.. و التشويه الاعلامى بأنها صارت “معقل للارهابيين” ، تسبب ذلك فى توقف شبه تام للحياة المعنوية وللنشاط التجارى والاقتصادى بها.
موقع دلجا الاستراتيجى و مدى اهميتها كأكبر قرية فى جنوب المنيا، أدى الى تكالب عناصر الاخوان هناك للسيطرة عليها و فرض وصايتهم على كل مناحى الحياة فيها..
نعود الى محور موضوعنا و هم مسيحى دلجا.. ضحايا الارهاب الوحشى ..
كثيرون ذهبوا الى هناك بعد الاحداث المؤلمة لمؤازرة اهالى الضحايا.. وعادوا يقصون هول و بشاعة ما رأوا.. و عيونهم غارقة فى الدموع.. والبكاء يغلب أصواتهم وهم يتحدثون عن رحلتهم المريرة إلى هناك.. هؤلاء قالوا لى انهم تقابلوا مع بعض الذين تعرضوا لتلك الاعتداءات اللا آدمية.. ووصفوا كيف صار حالهم.. فقد اصابتهم اعراض نفسية شديدة من هول الصدمة التى عانوا منها – خاصة الامهات و الاطفال .. بيوتهم تم حرقها ونهبها وآخرون طردوا من منازلهم واصبحوا مشردين بلا مآوى . امهات ترى ابنائها يلقى بهم من اعلى سطوح منازلهم.. و رب اسرة اسمه اسكندر دوس قطعوه اربعا و سحلوه ووضعوه بشوال كذبيحة و ألقوه عند المقابر.. و كل ذلك حدث على مرئى من اسرته و اطفاله.. و مازاد الامر قتامة و سوءا الحصار الذى فرض عليهم و تهديدهم بالموت اذا خرجوا.. مما اضطرهم لقضاء اياما فى جوع شديد لا يستطيعون حتى الخروج لشراء ما يسد رمقهم.. ووصل بهم الحال لدرجة مزرية من الاحاسيس الممزوجة بعدم الامان و الهلع و الخوف المرضى (panic attack )و (apprehension )من ان يتكرر الاعتداء عليهم مرة اخرى من تلك الجماعات الدموية..
اقباط دلجا يحتاجون الى علاج نفسى:
مما أصبح يقينا أنهم فى أمس الحاجة لأطباء نفسيين و اخصائيين مدربيين للاسهام و المشاركة فى علاجهم من الاضطرابات و الهواجس التى نتجت عن هذا العنف الارهابى الشديد.. و من هنا فاننا نطرح سؤال ؟؟ متى يكون لدينا مراكز متخصصة ذات كفاءة عاليه لعلاج الحالات المرضيه التى تعرضت لمشاكل نفسية كان المجتمع سببا رئيسيا فيها؟
حتى نستطيع مساعدة هؤلاء و إعادة تأهيلهم .. بحيث يصبح المجنى عليه أكثر قدرة و كفاءة على مواجهة المشكلات والتحلى بالشجاعة وإعادة ثقته مرة اخرى تدريجيا بالمجتمع والدولة…
الحل فى اهتمام الدولة باقباط تلك المناطق :
على مدار ال40 عاما الماضية كانت مناطق الكثافة القبطية هى أشد المناطق حساسية فى مصر.. و لكننا الأن فى احتياج فكرى ووجدانى وقناعة نفسية خالصة أن يكون لدينا استعداد كامل للتعرض للنقد ايزاء فتح هذا الملف الذى صار وترا حساسا يضيق به الجميع.. ومهما وصل بنا اليأس فى الماضى من مناقشة تلك القضية مع المسئولين فلن نكل و لن نصمت حتى لو أصبح اليأس الهواء الذى نستنشقه و أتمنى ألا يخنقنا يوما ..!!!
كفانا سياسة ” تجنب وجع الرأس ” و اللغة الدرويشية التى يتشدق بها الضعفاء (( ان حل مشكلة الاقباط فى يد الله و انه تبارك اسمه هو الذى سينتقم لهم و يسترد حقوقهم ..))
هل من المعقول ان تستمر لغتنا هذه بعد ثورتين و بعد الثمن الباهظ الذى دفعه الأقباط من دمهم و أرواحهم التى زهقت وسرقة حقوقهم..
هل سيظل الأقباط أسرى الوصاية و عاجزين عن المطالبة بحقوقهم فى المواطنة حتى بعد دستور يقال عنه أنه دستور ينصف الأقباط ؟
نرى اقباط دلجا نموذج حى للتجاهل و الإهمال و التعتيم على معاناتهم !.. هل ستظل مأساتهم الحية محلك سر بدون تقديم أى حلول من الدولة تثبت بها حسن نواياها؟ وان زمن الإستعلاء و نفى الاخر و التمييز ولى و انتهى..
لا.. علينا ان نفتح صفحة جديدة فى القضية القبطية و تفعيل المواطنة الخالصة من أى شبهه تمييز.. نحتاج الى التعامل مع المواطن على أساس البعد الإنسانى وليس على أساس ديانته أو عقيدته..
لا نريد العودة الى الوراء.. كما قال السيسى .. فلنتطلع إلى الأمل و إلى مصر جديدة.. دولة واعدة صاعدة لا تقل عن نظرائها من الدول المتقدمة.. تهتم بالمواطن وبالمريض النفسى – ضحية الارهاب العنصرى وتساهم الدولة مع المجتمع المدنى فى توفير جمعيات ومراكز تأهيلية متخصصه وأطباء مدربين على مستوى عالى من الكفاءة و الانسانية.. لخدمة هؤلاء الضحايا..
فالمواطن المصرى خير الناس لا يستحق من بلده هذا التغريب والاقصاء.. اذا راعيناه ملا الدنيا خير ورخاء وازدهار..
واذا اهملناه صار مريضا عليلا يملأ الدنيا من شوك ما جناه…
رجاء لا تشاركوا فى قمعه.. بعدما كسر نير عبودية 60 عام كاملة وكما قال احد البسطاء: العبيط خلاص فتح و لا يمكن تعميته مرة اخرى
يناير 2014 ……….