فقدت أسرة نقابة الفنانين التشكيليين في مصر أحد فنانيها الكبار، الفنان محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية الأسبق، الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 63 عاما، إثر أزمة صحية مفاجأة الأحد الماضي 9 فبراير 2014.
حصل الفنان شعلان على بكالوريوس فنون وتربية عام 1974 قسم التصوير الزيتي..
كان له نشاطات ومشاركة ثقافية بعضويته فى معظم الجمعيات الفنية والثقافية فى مصر فكان عضواً بالجمعية الأهلية للفنون الجميلة .. وجمعية أصدقاء وكالة الغورى .. وجمعية اصدقاء المتاحف ..جمعية محبى الطبيعة والتراث .. وجمعية محبى الفنون الجميلة ..وعضو رقم ( 1 ) بجمعية ANNAPRONNA الدولية بالدومينيكان.
وبعد تخرجه، عمل شعلان بدور النشر مثل دار الشعب ، شركة الأعلانات المصرية .. ثم مديراً للمكتب الفنى بالمركز القومى للفنون التشكيلية .. و تم انتدابه مديراً عاما لادارة الحرف التقليدية بوكالة الغورى عام 2000 ، ووكيل وزارةالثقافة لمراكز الإنتاج الفنى بقطاع الفنون التشكيلية عام 2001 حتى 2002 .. وفي نفس العام شغل منصب رئيس الإدارة المركزية للخدمات الفنية للمتاحف والمعارض ..وفي عام 2006 شغل منصب رئيس قطاع الفنون التشكيلية – وزارة الثقافة.
مثل شعلان قطاع الفنون كقوميسير جناح مصر بينالى الشارقة الأول عام 1993 .. وقوميسير معرض الحرف التقليدية ضمن فعاليات معرض فرانكفورت الدولى للكتاب 2004 .. وتم إختياره كمنسق عام لمعرض الفنون التشكيلية العربية .. وورد أسمه فى موسوعة “ليون” الكندية..
أقام العديد من المعارض الخاصة والجماعية داخل مصر وخارجها… كان آخر معارضه الخاصة معرض بعنوان ( القط الأسود .. تجربة سجن ) فبراير 2013 .. الذي جسد فيه تجربته في السجن بعد اتهامه بالإهمال في واقعة اختفاء لوحة زهرة الخشخاش لفان غوخ عام 2010، من متحف محمد محمود خليل في القاهرة وتقدر قيمتها بنحو 55 مليون دولار.
ولم تستطع أغلال السجن أن تقيد يده عن التعبير عما يجيش فى صدره من إحساس بالظلم والقهر. نقل لنا تجربة ذاتية لفنان عانى من الظلم والسجن، وهو شعور بالغ القسوة استطاع شعلان ان يحوله إلى طاقة إيجابية تفاعلت معها ريشته وألوانه مسجلاً وموثقاً لحظاتها المريرة أعمالاً فنية مبدعة.
وإتخذ القطة كعنصر متكرر في أعمال المعرض الأخير120 لوحة ولكنها كانت محاولات لتفريغ الشحنات الثقيلة التى ترسبت داخله قائلا: فى محبسى بسجن الدقى رسمت، وفى سجن العقرب رسمت، وفى سجن ملحق المزرعة رسمت، وحتى على جدران زنزانتى رسمت ولم يستطع شئ إبعادى عن أحبائى الريشة والورق.
له مقتنيات في العديد من المتاحف القومية والدولية وعدد من البنوك والمؤسسات والسفارات المصرية بالخارج والسفارات الأجنبية بمصر من أبرزها مقتنيات في متحف المكتبة الكونجرس الأمريكي ضمن المجموعة الخاصة بالرئيس جيمي كارتر، مبنى محافظة اليكانتي – أسبانيا، متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة.
حصل الفنان محسن شعلان على العديد من الجوائز منها جائزة ملصقات العام الدولى للمرأة عام 1975 .. جائزة المسابقة عن حرب أكتوبر التي نظمتها هيئة الأستعلامات عام 1985 .. وفي عام 1988 فاز بجائزة الاستحقاق من وزارة الثقافة فى مسابقة عن “الماء فى حياة الانسان”.
مرفناننا الراحل بعدة مراحل فنية بدأها بعد تخرجه بإتجاه غلب عليه التعبيرية واستخدام الرمز الأدبى لمعالجة قضايا اجتماعية وسياسية وتحمل الوجوه عنده فى هذه المرحلة قيماً تعبيرية عالية وذات طابع مأسوى واستمرت هذه المرحلة حتى عام 1982 .
وبعدها أقام معرضه الخاص بالقاهرة عام 1983 بتناوله موضوعات ذات رؤية شعبية ومصرية معتمداً على ميوله وإتجاهاته الفنية نحو التشخيصية فتناول وجوه إبن البلد والفلاحة ووجوه من جنوب الصعيد وظهر تأثره بنشأته بحى بولاق وهو من الاحياء الشعبية العريقة والذي كان له أثره الواضح في اعماله التي إهتمت بالبسطاء ومشاكل الحياة اليومية ووضح ذلك فى معرض هموم مصرية بمجمع الفنون عام 1991 بالقاهرة.
هناك أشخاص تركوا أثرا قويا فى رؤية شعلان وأول هؤلاء أستاذه بالكلية الفنان مصطفى مهدى الذى تعلم منه رسم الوجه البشرى وطريقته فى تخطيط اللوحة، وخاصة تعبيرات العيون.. كما تأثر بالفنان سيف وانلى الذى التقى به بالإسكندرية فى أوائل السبعينيات وتعلم منه طريقته فى التلوين وأسلوبه التلخيصى الذى يرسم به الوجه والجسم البشرى.. وتأثر بإبداعات عبد الهادى الجزار فى فلسفة رؤيته الشعبية ذات الرمزية والسريالية، والفنانة تحية حليم.. ورغم ذلك نجح شعلان فى إيجاد أسلوب يميزه ورؤية خاصة به لجوهر الموضوعات.
تتميز لوحات شعلان بأنها سهلة الوصول إلى وجدان ومشاعر المتفرج فهى تمتاز ببساطة الفكرة وبساطة التنفيذ بحيث لا يحتاج إلى شرح أو توضيح . واللون والخط والظل والنور..كلها عناصر فنية أساسية في تكوينات إبداعاته.
ستبقى إبداعات الراحل محسن شعلان منارة لطريق شباب الفنانين وبصمته واضحة في الفن المصري المعاصر.