شعرت بقلق وأرق مع بداية العام الجديد2014 نتيجة الأعمال الارهابية السوداء التى شهدتها محافظات مصر كلها على يد الجماعة الإرهابية المجنونة التى لا عقل ولا دين لها، وفى هذه الحال دائما أفكر فى ممارسة هوايتى فى السفر إلى أماكن بعيدة لعدة أيام حتى أستعيد سلامى النفسى وأتخلص من كل المشاعر الغير سوية،
لأعود أكثر نشاطا لأساهم فى نشاطى الأدبى والصحفى من أجل مصر العظيمة.
طرت هذه المرة إلى تايلاند، المملكة الأسيوية التى هى بمثابة بوابة شرق أسيا، والتى يبلغ عدد سكانها حوالى الثمانين مليون نسمة، عرفت قبل السفر مباشرة بحكاية المظاهرات هناك، وقلت لنفسى: يبدو أن المثل القائل: قليل البخت يلاقى العظم فى الكرشة مثل صحيح، فأنا أهرب من مظاهرات القاهرة لأجدها فى تايلاند! لكنى قمت بالرحلة، فقد تمت كل الاستعدادات.
حوالى 11 ساعة طيران من القاهرة إلى مسقط عاصمة عمان ثم إلى بانجوك عامة تايلاند، وإذا كان الطقس المصرى برد وأمطار شهر طوبة فان طقس تايلاند صيفى معتدل وأحيانا حار، لأول وهلة تشعر انك فى آسيا حيث جمال الطبيعة والخضرة فى كل مكان وتماثيل، بوذا، والفيلة، وسياح من كل مكان، هدوء جميل فى كل المناطق حتى الأماكن المزدحمة هادئة. شعرت فى هذه الرحلة أهمية أن يكون معك خبير سياحى فى البلد الذى تزوره، فقد كان معى الصديق عزيز تادرس عزيز الذى جعل الرحلة أكثر راحة وسعادة فهو يعرف مدن وشوارع وحوارى وأسواق تايلاند والأماكن السياحية التى يجب أن نزورها والأسواق الرخيصة الأسعار وكيف يمكن أن تشترى وأن تفاصل حتى الثلث فى الأسعار، وسألته عن معنى تايلاند فقال: الأرض الطيبة، وفعلا شعرت بأنها أرض طيبة وشعب هادئ مبتسم دائما محب للضيوف، نسبة الجريمة ضعيفة جدا وحتى الجرائم بسيطة وليست جرائم صعبة مركبة.
ذهبنا لزيارة معبد بودا الذهبى وسط العاصمة وحكا لنا عزيز تادرس حكاية هذا المعبد الذى سنزوره، فقد قام رجل صينى بوذى فى الصين بتشييد تمثال لبوذا رجل الأخلاق الهندى الذى يؤمن بمذهبه وقيمة الأخلاقية ملايين البشر فى الهند والصين وتايلاند، ولأن المواطن الصينى هو بوذى أرثوذكسى سلفى فإنه شيد وصنع التمثال من الذهب الخالص الذى بلغ وزنه 8ر4% طن ذهب، ولما وجد البعض يتعجب من هذا التمثال الذهبى شعر بالخوف عليه فأمر بأن يغطى التمثال بطبقة من الجبس حتى لا يطمع فيه أحد، ثم نقله من الصين إلى تايلاند، وفى تايلاند اكتشف التمثال بأنه من الذهب الخالص بعد أن تهشم جزء من الجبس أثناء النقل، ورحل المواطن صاحب التمثال وعرفت قصته، فأثار هذا مشاكل كثيرة بين الصين وتايلاند وحاولت الأولى إستعادته دون فائدة، وأصبح هذا التمثال معلم رئيسى من معالم بانجوك عاصمة تايلاند.
وصلنا إلى المعبد الكبير المرذدحم بالناس من كل مكان فى العالم، وبخاصة البوذيين، دخلنا المعبد وعند المقصورة التى يتربع فيها التمثال الذهبى الضخم خلعنا أحذيتنا إحتراما لصاحب المكان، ووقف البوذيون أمامه فى خشوع يشعلون الشموع ويحرقون البخور، تماما كما يفعل المسيحيون فى الكنائس، والمسلمون فى المساجد.
هكذا الإنسان يتطلع إلى معبوده فى إحترام وخشوع.
وبوذا معناه المستنير أما أسمه الحقيقى فهو: سيدذارثا ومعناه: الذى بلغ أمله، عاش بوذا قبل المسيح بستة قرون، ولم يكن نبيا أو إلها وإنما هو إنسان عادى صاحب مذهب أخلاقى كان يقول للناس: اعملوا بجد على خلاص نفوسكم، إمتنعوا عن فعل الشر وتعلموا كيف تعملون الخير وطهروا قلوبكم، اعملوا عقلكم فى كل ما يقدم ويقال لكم..
فى شوارع تايلاند رأيت تعانق قباب المساجد ومنارات الكنائس فى تعبير قوى عن حرية الدين، وسمعت الآذان فى كل مكان وربما يكون هذا من أسباب السلام الاجتماعى هنا فى تايلاند، لم أجد المظاهرات التى كنت اتوقعها وإنما وجدت بعض الشباب يتجمع فى أماكن معينة محددة يرفعون لافتات كتب فيها: نريد إحترام أداميتنا.. نريد الحرية.. نحن نحب الحياة، وكانت الشرطة تحمى المتظاهرين وتوزع عليهم المياه الطبيعية والغازية والمرور يسير ببطء لكن ليس هناك تعطيل للعمل أو المرور، الطريف أن ملك تايلاند يقف إلى جانب المتظاهرين فى مطالبهم باستقالة رئيس مجلس الوزراء لأنه لم يطبق السياسة العامة ويحافظ على الحريات، وقد أدت هذه المظاهرات إلى فقد 20% من السياح وهو ما أزعج الشعب وسارع بانهائها، ولأنهم يعرفون معنى تشجيع السياح فإنهم يلتقطون لك صورا وأنت تدخل معبد بوذا الذهبى، أو أى أثر ومعلم سياحى مع إبراز المعلم نفسه وقبل أن تخرج من المكان تجد صورتك مع المعلم جاهزة وفى برواز كمان!
فى بانجوك زرت أيضا مصنع الماس المشهورة به تايلاند وكيف يصنعونه والمواد الأولية له ثم مكان للبيع وهذا بالطبع للأغنياء والمترفين ولذلك لم أفعل أكثر من الفرجة ببلاش.. وإلا أدفع آلاف الدولارات.
المهم أن شوارع العاصمة هادئة والمظاهرات محدودة ومنظمة وليس بها قتل وحرق وتدمير.. هكذا أعجبتنى رحلتى إلى تايلاند الطيبة ومظاهرتها الهادئة من أول يوم، أنهم شعب يحب الحياة ويحترمون شعوبهم وبلادهم.