( عظة المطران كريكور اوغسطينوس كوسا في كنيستي جميع القديسين الأسقفية، وكنيسة رؤساء الملائكة للروم الارثوذكس ، بمناسبة اسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس )
أصحاب القداسة والنيافة المطارنة الأجلاء ،
الأباء الكهنة والراهبات الفاضلات ،
الأخوات والإخوة الأحباء
المحبة ، ليست عقيدة نتغنّى بها ، هي فضيلة وحياة نجسّدها تجاه بعضنا البعض.
والمحبة لا تكون محبة حقيقية ما لم تعطي وتبذل وتضحي من أجل الآخر، وتتجه نحو الأخر، و”السعادة الكبرى هي في العطاء لا في الأخذ”.
فالمحبة كما يقول القديس بولس هي رباط الكمال، وتستر كثير من الخطايا. الناموس والأنبياء كلّه يقوم على أساس محبة الله، ومحبة القريب. هذا ما أكده الرب يسوع في جوابه إلى الفريسي الذي أتى إليه ليجرّبه قائلاً : ” يا مُعلّم، ما هي الوصيةُ الكبرى في الشريعة؟” . فقال له يسوع : “أحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك.” تلك هي الوصيةُ الكبرى والأولى.
والثانية مثلها “أحبب قريبك حُبك لنفسك” . بهاتين الوصيتين ترتبط الشريعة كلّها والأنبياء. ( متى ٢٢ : ٣٥ – .٤ ) .
وقال الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنثس والمعروفة بنشيد المحبة : ” فالأن تبقى هذه الأمورُ الثلاثة : الإيمان والرجاء والمحبة ، ولكن أعظمها المحبة ” ( ١ كو ١٣ : ١٣ ) .
أيها الأحباء، كلنا نتكلم عن المحبة، ونتحدث بمحبة الله، ونقول الله محبة، والذي هو في طبيعته محبة لا توصف ولا حدود ولا نهاية لها.
لكننا نود أن نفحص محبتنا لله من منظار محبتنا لأخينا و قريبنا.
القديس يوحنا الرسول يقول: “من قال إنه في النور وهو يبغض أخاه لم يزل في الظلام إلى الآن. من أحبّ أخاه أقام في النور. ولم يكن فيه سبب عثرة. أما من أبغض أخاه فهو في الظلام يسير فلا يدري إلى أين يذهب، لأن الظلام أعمى عينيه” ( ١ يو ٢ : ٩ – ١١ ).
فرسول المحبة القديس يوحنا الإنجيلي يتكلم عن المحبة لله وللقريب بكل وضوح وصراحة، ويدعونا إلى أن نحب بعضنا بعضاً بإخلاص لأن المحبة من الله. ومن لا يحب لا يعرف الله لأن الله محبة. محبتنا لبعضنا البعض منبثقة من محبتنا لله. ويضيف الرسول قائلاً : ” إذا قال أحد : ” إني أُحب الله ” ، وهو يبغض أخاه ، كان كاذباً ، لأن الذي لا يحب أخاه وهو يراه لا يستطيع أن يُحب الله وهو لا يراه.
إليكم الوصية التي أخذناه عنه : من أحبّ الله فليُحبّ أخاه أيضاً ” ، ( ١ يو٤ : ٢٠- ٢١ ) .
وحدة الكنيسة هي دعوة إلى التواضع بالمحبة.
أيها الأحباء، دعونا في اسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنيسة أن نتواضع جميعاً تحت يدي الله القدير ليوحد أفكارنا وقلوبنا، لنحب أكثر فنجسّد معاً وحدة الكنيسة في عالمنا المنظور.
هذه الوحدة هي عطية من الله لنا، وقد رفع الرب يسوع نفسه الصلاة من أجلها ليؤمن العالم به .