يواجه لبنان جملة من المخاطر والتحديات الأمنية جراء مسلسل الإنفجارات والسيارات المفخخة الذي يعتبر أحد تداعيات استمرار الأزمة في بلد الجوار الإقليمي (سوريا) ومشاركة اطراف لبنانية بالقتال في الداخل السوري، كما باتت الأعيرة النارية السورية تطال بعض القرى والبلدات الواقعة على الحدود اللبنانية بشكل شبه يومي مما نتج عنه وقوع ضحايا خلال الأيام القليلة الماضية.
وقد دعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس القيادات السياسية في بلاده إلى التبصر في ما يتربص لبنان من مخاطر وتهديدات، مجددا دعوته للحوار والتلاقي من أجل المصلحة الوطنية. وأعرب سليمان في تصريح له عن أمله في أن يتعظ اللبنانيون، قيادات ورأيا عاما، مما يحصل من أعمال إرهابية وإجرامية توقع الضحايا وتخلف الخراب والدمار والقلق في النفوس.
تصريح سليمان جاء بعد التفجير الإنتحاري بسيارة مفخخة في بلدة الهرمل شمال لبنان الذي نتج عنه أول أمس سقوط ثلاثة قتلى واكثر من 28 جريحا والذي وقع بعد أسبوعين من تفجير انتحاري بالضاحية الجنوبية لبيروت أسفر عنه سقوط 4 قتلى وأكثر من 35 جريحا ضمن مسلسل العنف الدموي الذي يضرب البلاد والذي تصاعدت وتيرته خلال الشهرين الماضيين.
ويرى عدد من المهتمين بالشأن اللبناني الداخلي أن خطورة الوضع الأمني في البلاد تكمن في ظل تفاقم الازمة السورية محذرين من التأثير السلبي لفشل مؤتمر (جنيف 2) بالتوصل الى آلية لوقف القتال بين كل من النظام والمعارضة السورية على الوضع الامني في الداخل اللبناني في ظل تباعد المواقف الشعبية والسياسية من الثورة السورية.
وقد نبه مروان شربل وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في تصريح له أمس من صعوبة الوضع الأمني الذي يشهده لبنان في الفترة الراهنة، مشيرا إلى أن “الأجهزة الأمنية اللبنانية تتخذ إجراءات على الصعيد الوطني العام للحفاظ على سلامة المواطنين.
وسط هذا الوضع الامني المترهل شددت الأجهزة الأمنية اللبنانية من إجراءاتها لضبط الوضع الأمني خاصة في ظل شائعات تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي الأيام القليلة الماضية عن دخول سيارات مفخخة الى مناطق مختلفة بالبلاد واعلان لائحة عن بعض الشخصيات السياسية المهددة بالاغتيال حيث عمدت القوى الأمنية إلى الكشف من قبل الجهات المختصة على اي سيارة يتم الاشتباه بها، كما عملت على توقيف عدد من الأشخاص من المشتبه بتورطهم بالتفجيرات السابقة، كما اوقفت عددا من الاشخاص على الحدود اللبنانية كانوا يحاولون دخول البلاد بطرق غير شرعية وبحوزتهم أسلحة حربية ومتفجرات.
وكانت التحقيقات الأمنية مع موقوفين، أبرزهم عمر الأطرش، المتورط بنقل سيارات مفخخة وانتحاريين، إضافة إلى وثائق مسربة، كشفت عن لائحة سيارات مفخخة يجري الإعداد لتفجيرها. وقد طلب الرئيس اللبناني من الأجهزة الأمنية والقضائية بذل اقصى الجهود والتشدد في ملاحقة المحرضين والمرتكبين وتوقيفهم ومحاسبتهم.
من جانبه، أكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أن القوى الأمنية اللبنانية تتخذ إجراءات بالتنسيق مع عدد من الشخصيات المهددة بالاغتيال في لبنان. ورفض شربل تحديد أسماء الشخصيات الأخرى المهددة بالاغتيال، لكنه قال: “لا مسؤول مهددا أكثر من الآخر”، قائلا مضيفا أن “كل من يتعاطى الشأن العام في لبنان مهدد بالإغتيال”.
ويحذر عدد من المتابعين للشأن اللبناني الداخلي من تبعات الأزمة السياسية بلبنان على الوضع الامني حيث فشل الفرقاء السياسيون في لبنان في التوصل لاتفاق بتشكيل حكومة منذ ما يقارب العشرة اشهر بعد تكليف تمام سلام برئاسة الحكومة شهر ابريل الماضي عقب استقالة نجيب ميقاتي شهر مارس الذي سبقه، إلى جانب الخلاف بين القوى السياسية اللبنانية حول الأزمة السورية بين مؤيد ومعارض للثورة السورية وهو ما زاد في تعقيد المشهد السياسي الذي انعكس سلبا على كافة نواحي البلاد.
وقد دعا الرئيس اللبناني في تصريح له أمس القيادات السياسية إلى التصرف بوحي المصلحة الوطنية من طريق تمتين الوحدة بين أبناء الوطن وتغليب نهج الحوار والتلاقي بما يصب في خدمة ومصلحة أبناء لبنان وحقهم في العيش الآمن والحر والكريم.