أقام معهد الدراسات الشرقية بدير الآباء الدومينيكان ندوة يوم الأحد 23 فبراير حول فكرة التسامح في فرنسا قال فيها المحاضر الأب أدريان كانديارد Adrian Candiard: “إن فرنسا كان لديها تصور خاطيء عن أفكار بن رشد بأنه يؤمن بوجود حقيقتين حقيقة دينية وأخرى فلسفية أو دنيوية
تلك الفكرة هي التي بني عليها نموذج فصل الدين عن السياسة والحياة العامة والذي بدأ العمل به منذ القرن الثامن عشر والآن في تسعينات القرن الماضي اتضح فشل هذا النموذج لسببين الأول هو أن المسلمين بدأوا في المطالبة بالتعبير عن دينهم باعتباره جزء من هويتهم ولا يمكنهم التخلي عنه أو الحديث عنه فقط في المنزل، كما أن المسيحيون المتدينون بدأوا في المطالبة بدور لهم في الحياة العامة معبرين عن كل أشكال هويتهم بما فيها الهوية الدينية كمقابل للملحدين والمسلمين” وأشار أدريان أن لعقود طويلة تعامل الفرنسيون مع الدين على أنه شيء لا يجب الحديث عنه إلا في المنزل، بسبب ذلك التصور الخاطيء عن بن رشد موضحا إن بن رشد كان يرى إنه هناك حقيقة واحدة ولا تعارض بين الأمور الدينية والأمور الدنيوية.
ويضيف أدريان: “وبسبب تصورنا الخاطئ عن أفكار بن رشد فإننا كنا نتصور إن الأندلس كنموذج مثالي للتعايش بين الثقافات والأديان المختلفة قامت على الفصل بين الدين والحياة العامة، لكن في الحقيقة ما جعل الأندلس نموذج مثالي هو الحوار بين الأديان القائم على المنطق، فالمنطق موجود في كل شيء وهو موجود أيضا في الأديان فبالرغم من أن الدين يقوم على أمور لا تخضع للعقل لكننا يمكن التعبير عنها بشكل منطقي. وبناءا عليه فأنا أدعو للحوار بين الأديان فكل أتباع دين يحاورون أبناء الأديان الأخرى بالمنطق فالمنطق هو ما يمكن أن يجمعنا جميعا على طاولة واحدة أما إن تحاورنا من دون منطق ستحدث حروب ونزاعات بين أبناء الأديان المختلفة. فكرتي هي أن الأندلس كان بها تسامح قائما على حوار المنطقي المفتوح وليس الفصل والانعزال.”
الأب أدريان كانديارد هو مؤرخ ودرس السياسة كما كتب مسرحية بعنوان “بيار ومحمد” تدور أحداث حول أب يدعى بيار كلافيري Pierre Claverie يصر على الحياة في الجزائر بالرغم الإرهاب ويتم قتله على يد الجماعات الإرهابية مع سائقه محمد الذي أصر على البقاء مع الأب بالرغم من التهديدات التي كان يتعرض لها.