قال البابا تواضروس بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى عظته الاسبوعية ” نحتفل اليوم – الاربعاء- بتذكار نياحة السيدة العذراء، ام جميع القديسين والخميس- بتذكار نياحة القديس ابنا أنطونيوس، أب جميع الرهبان ومؤسس الرهبنة في مصر
وهو توافق يدعو للتأمل في قامة العذراء مريم والقديس الانبا أنطونيوس ، مؤكداً انه “تأمل لا ينتهي، لكن نحن نفتخر بالقديس الأنبا أنطونيوس الذي أسس الرهبنة علي ارض مصر ومنها الي جميع أنحاء العالم فصارت الرهبنة هي فخر الكنيسة في كل الزمان وحتي مجيء السيد المسيح”.
وأضاف البابا “من الأمور الطيبة التي يمكن ان نتعلمها من القديس الأنبا أنطونيوس هي الإيجابية في حياته ورغم انه لا يوجد رهبان قبله، الا انه ترك الحياة وعاش في البرية حياة طويلة وقد ولد عام ٢٥١ م وتنيح في٣٥٦ ميلاديا اي انه عاش ١٠٥ سنة ، اي انه عاش اكثر من قرن من الصفات التي نجدها متميزة هي الإيجابية ..والإيجابية صفة تنمو من حياة الحكمة ، كما ان الإيجابية هي نظرة الحكمة للأمور وكيف تعيش فيها وكيف يكون الانسان إيجابي ومواقفه ايجابية”.
واستعرض البابا المواقف التي مرت بالقديس أنطونيوس التى سلكها بإيجابية ،” وكان المشهد الاول وهو شاب صغير حيث انتقل والده ثم والدته – عندما كان عمره حوالي ٢٠ عاما- وكيف تعامل مع موقف انتقال والديه، فقد وقف امام ابيه – الذي انتقل- وقال (انت خرجت من هذا العالم بغير أرادتك اما أنا فساخرج هذا العالم بإرادتي)، حيث أنه حول فلسفة انتقال والده الي شكل من أشكال التعبد بان يمجد اسم الله ولم يستغرق في الحزن والألم “.
وأضاف قداسته ” المشهد الثاني ، عندما صار شابا ودخل الكنيسة وكان يستمع للقراءات اثناء القداس وكله تركيز مع الرسالة الروحية ، فقد سمع الاية التي تقول (ان أردت ان تكون كاملا فاذهب وبع أملاك وأعطي الفقراء واذهب واتبعني) واعتبرها رساله شخصية له ، وفرق كبير ان تتعامل مع كلمة الله كرسالة شخصية وبين أن يستحضر الإرادة ، حيث – بالفعل – باع كل ما يملك ووزع كل ثروته للفقراء، وبدا تنفيذ الوصية بإيجابية وبهذا ساندته النعمة “.
وتابع ” المشهد الثالث عندما دخل البرية ، عندما رأي سيدة تستحم وقال لها (لا يجب ان تأتي هنا) فقالت له هذه المرأة (الذي يريد ان يعيش النسك يدخل البرية الداخلية) فاخذ قديسنا تعبير هذا المرأة بإيجابية وأخذ إجابتها علي سبيل انها رساله من الله وقرر ان يتجه للبرية البعيدة وينطلق الي هذه الصحراء ولولا إيجابيته لكان يمكن ان يسير هذا الحديث في اتجاه اخر مختلف”.
وقال البابا ” المشهد الرابع عندما زاره مجموعة من الرهبان وكان وقتها شيخ وأخذ جميع تلاميذه يسألونه ويتحاورون معه، الا ان راهب واحد منهم لم يتحدث بشيء وظل طوال الوقت صامتا ، فسأله القديس (لماذا لا تسال ولا تحاورني) فأجابه الراهب قائلا (يكفيني النظر الي وجهك يا ابي) ، ورغم انها كلمات قليلة لكنها تكشف جمال وجه القديس أنطونيوس وتكشف جمال النعمة التي كانت علي وجهة وتكشف ان ربما الصمت يكون ابلغ من الكلام ” .
أما المشهد الخامس، فاشار البابا الى ذلك بقوله ” ذات يوم عندما كان حول القديس الانبا انطونيوس رهبان كثيرين، جاءته رسالة من الإمبراطور وكل الفضول يسيطر على الرهبان شغوف لمعرفة فحوي الرسالة، أما القديس أنطونيوس فأخذ الرسالة وطرحها جانبا وقال ” أنتم تفرحون برسالة من الأمبراطور فهل تفرحون بالرسائل التي تأتيكم من الله من خلال القراءة اليومية للكتاب المقدس ..)” معلقاً ” كيف يستغل الانسان الموقف ويتعامل معه بأفضل ما يكون، وكيف يستفيد منها و يجعلها رسائل تربوية مفيدة”.
وحول المشهد السادس قال قداسته” كان راهبا في البرية وعاش فيها ولا علاقة له بالعالم ، لكن وصل اليه ان أعداداً كثيرة من المسيحيين يتقدمون للاستشهاد فأراد ان ينزل الي العالم لكي يشجع هؤلاء علي الإيمان امام مضطهديهم ،فكان إيجابيا ولم يتوقف علي صلاته في البرية وكان له تأثير كبير علي المؤمنين في تثبيتهم علي الإيمان، فقيل وقتها علي الرهبان الذين سكنوا البرية (استشهاد ابيض) في حين اطلق علي استشاد المؤمنين أمام الطغاة (استشهاد احمر).”
المشهد السابع والذى تظهر من خلاله ايجابيه القديس وهو ظهور هرطقة آريوس في الكنيسة وكان آريوس من الاسكندرية وبدا رهطقته هناك وبدأت تنتشر، وكان البابا وقتذاك هو البابا اثناسيوس وكاد الإيمان المستقيم ان يضيع ، وكان القديس الأنبا أنطونيوس علي علاقة وطيدة بالقديس اثناسيوس، فالقديس أنطونيوس ذهب من البرية الي الاسكندرية لكي يدافع مع القديس اثناسيوس عن الإيمان ويثبت إيمان اثناسيوس المستقيم لكي يحفظ سلام الكنيسة ، فكانت إيجابية رائعة من القديس أنطونيوس مع انه رجل صلاة ورجل برية.
واضاف “المشهد الثامن ان القديس أنطونيوس دائماً يعلم ان الطريق الوسطي ساهم فى تخليص كثيرين فهو صاحب هذه المدرسة اي الاعتدالية خاصة في الحياة النسكية واعتدالية الانسان في حياته الروحية تساعده، فهو إيجابي في هذا الأسلوب الذي خلص كثيرين”.
اما المشهد التاسع فان القديس اجتمع مع كل آباء البرية لكي يتحدث معهم عن الفضيلة الأولي في حياة الانسان طبعا ناس قالت المحبة وآخرون قالوا الزهد ..الخ ، اما القديس أنطونيوس فأجاب بإيجابية (ان الفرز هو اهم فضيلة والتميز هي الفضيلة الأولي في حياة الانسان.)
واخيراً فان المشهد العاشر هو “ان القديس كانت حياته وسيرته وسيلة جيدة فى خلاص وتوبة الكثيرين، والبابا اثناسيوس عندما نفي – وقد نفي خمس مرات منهم مرة في أوروبا في ألمانيا – فقد استغل فترة خلوته هناك وسجل حياة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس وبدأت هذه القصة تنتشر في أوروبا فخلص كثيرون حيث انتشرت الأديرة في أوروبا ومن ضمن الذين تابوا بسبب سيرة القديس الأنبا أنطونيوس القديس اغسطينوس الذي عاش في الخطيئة ولكن عندما قرا سيرة القديس الانبا أنطونيوس صار شفيع التائبين و واطلق عليه (ابن الدموع).”
وختم قداسة البابا عظته بقول” القديس الانبا أنطونيوس تمتع بفضائل كثيرة كان ابرزها فضيلة الإيجابية، فكن إيجابيا في حياتك ..فما اسهل ان تشتكي وتتذمر اما ان تكون إيجابيا فهذا الأفضل “.