للدكتورة زبيدة محمد عطا اصدرت مكتبة الاسرة كتاب قبطى فى عصر مسيحى .- تواكبا مع الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد – الكتاب يقع فى 377 صفحة من الحجم الكبير .ويتضمن ملزمة ملونة لصور منحوتات وحلى ووجوه الفيوم .وفى مقدمته قال الدكتور اسحاق عبيد ان الكتاب معزوفة مصرية عن الانسان المصرى فى العصر المسيحى تعد اضافة تاريخية جادة ورصينة لمكتبتنا العربية .
وتخلص المؤلفة الى ان الشخصية المصرية صاحبة استمرارية واضحة تربط قديمها بجديدها .وان تاريخها الحضارى اشبه ما يكون بالرقائق المتتالية لثقافات عديدة .ويؤكد على ان الكتاب عمل متميز ممتع لانه سياحة تاريخية علمية تضم الحدث التاريخى واللاهوت والفلسفة والسياسة والاقتصاد وشرائح المجتمع والفنون والعادات والتقاليد فى ماعون واحد .
ينقسم الكتاب الى ثلاثة فصول يدور الفصل الاول منه حول المكون الانسانى للشخصية المصرية فى تلك الفترة والتى بداتها بدخول المسيحية .وتطرقت الكاتبة الى ملامح شخصية القبطى فى العصر المسيحى من خلال استعراض اراء لعدد من المؤرخين حول الشخصية المصرية بايجابياتها وسلبياتها واستمرارها مع اختلاف العصر والحاكم ومنها السلبية فى الخضوع للحاكم واعتبره السلبية موقف رفض .حيث لاتخفى تحتها استسلام او بلادة .بل تخفى تحتها مياه جوفية تنفجر من حين لاخر فى شكل ثورات .او شكل سخرية وفكاهة مريرة .والتفاف حول الدين .واتخاذه متنفس لرفض واقع مجبر على تقبله .وهو شعب وسط معتدل .وتباينت التحليلات للشخصية المصرية .وان كان هناك اجماع على ان الدين مكون اساسى واول لها .والاستمرارية والتوفيق بين الماضى والحاضر .فالقديم والجديد يجتمعان معا فى فكر المصرى واذا تم التدقيق فى لوحات وجوه الفيوم التى تعود من القرن الاول الى الثالث الميلادى .ستجد الملامح نفسها التى تحملها فى وجه صديق او قريب.
وحول مجتمع الاسكندرية جاء الفصل الثانى يحلل هذا المجتمع الذى عاش فترة كمجتمع اجنبى .الى ان غزته كنيسة الاسكندرية ورهبانها وبدء يرتبط ماهو دينى بما هو شعبى .حيث تحول الموقف الرافض من الكنيسة للموقف الدينى الرومانى الى موقف مصرى عام رافض للحكم الرومانى بما حواه من قهر واساءة على يد موظفى هذا الحكم .وقد اعتمدت الكاتبة على كم كبير من اوراق البردى لمواطنين لتكشف عن خفايا هذا المجتمع .من خطابات شخصية تعبر عن مشاعر محبة وامومة .وردود وخطابات سحر وكراهية لتقدم صورة بانورامية لمجتمع عاشته مصر لستة قرون .وتطرق الفصل الثالث الى الحياة الاجتماعية فى عواصم الاقاليم .والقرية والفلاح والارض والادب والعلوم والفنون .
ورغم احتفاءنا بصدرو هذا الكتاب الموسوعى القيم والفريد فى مجاله .الا ان هذا لايمنعنا من الاختلاف مع الباحثة التى اكدت حرق المسيحيين لمكتبة الاسكندرية دون تقديم دليل تاريخى واحد على ذلك ودون الاشارة الى اختلاف المؤرخين حول هذه القضية الجدلية والتى تؤكد معمظم الكتابات الرصينة على قيام العرب بحرق المكتبة
روبير الفارس